الأقباط متحدون - لهذا انتخبت السيسي
أخر تحديث ٠١:٤٦ | الثلاثاء ٢٠ مايو ٢٠١٤ | بشنس ١٧٣٠ ش١٢ | العدد ٣١٩٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

لهذا انتخبت السيسي

السيسي
السيسي

ذهبت اليوم الى السفارة المصرية وكان التنظيم رائع وذكرني باخر انتخابات رئاسة أمريكية حضرتها من حيث التنظيم واستخدام تكنولوجيا الكترونية عن طريق الانترنت لتسجيل المنتخبين، ولم يستغرق الامر اكثر من دقائق وشعرت ان المصريين كانوا سعداء وكأنهم جاءوا يشاركون في فرح، ولم اشعر بالتوتر الذي كان موجودا في الانتخابات السابقة.

...

ورغم أني كنت افضل ان يستمر الرئيس محمد مرسي في استكمال فترة رئاسته المنتخب من اجلها وكنا نخوض التجربة الديموقراطية بسلام حتى نهايتها، الا انني غيرت رائي عندما رأيت الملايين الذين نزولوا لشوارع مصر كلها ضد مرسي وحكم المرشد يوم ٣٠ يونيو (رغم انه لم يكن يوم جمعة ولكنه كان يوم عمل)، ويومها كنت اود لو ان الرئيس محمد مرسي استمع لصوت الجماهير كما فعل الجنرال شارل ديجول عام ١٩٦٨ ايام ثورة الطلاب ونزل على رغبة المتظاهرين وقام بعمل استفتاء على سياسته أدى في النهاية الى استقالته رغم انه كان بطل المقاومة الفرنسية ضد النازي، المهم حدث ما حدث وأصبحنا امام انتفاضة جماهيرية ركبها الجيش في ٣ يوليو، كما كانت ٢٥ يناير انتفاضة جماهيرية ركبها الاخوان، وها نحن منذ ١٩٥٢ وقعنا بين سندان الاسلام السياسي ومطرقة الجيش، لانه منذ وفاة حزب الوفد لم يظهر تنظيم جماهيري استطاع ان يكون له وجود قوي في الشارع مثل الاخوان ويستطيع تحييد قوة الجيش العسكرية ورغبته في السيطرة والحكم.

...

ورغم اعترافي بان الشعب المصري الغلبان هو الضحية في  كل الاحوال، الا انني لا أبرأ هذا الشعب الذي كان يوما عظيما فأصبح يتسول ، وكان يوما منتجا فأصبح كسولا، وكان يوما يجذب الهجرات اليه من كل أنحاء البحر المتوسط والشرق الأوسط فأصبح ابناءه يهربون منه حتى لو أدى هربهم الى الغرق في البحر.

...

وكنت في الحقيقة ممزق بين رفضي التام  لحكم الجيش وسطوته والتي عانينا منها ستون عاما وبين السيطرة على الحكم باسم الاديان لان هذا أمرا انتهى من أوروبا في القرون الوسطى، ولم يحدث أبدا في العصور الاسلامية قيام دولة دينية، فالحكم الاسلامي قام على الوراثة منذ ان تولى الخلافة غصبا (بانقلاب) معاوية بن ابي سفيان ثم أورثها لابنه فيما بعد، واستمرت بالوراثة حتى النهاية، وهذا لا علاقة له بالدين الاسلامي، وكان رجال الدين في معظم الأحيان في خدمة السلطان يحللون له الحرام ويحرمون الحلال.

...

وفي النهاية رأيت اختيار أقلهم ضررا وأكثرهم نفعاً لمصر وهو حكم الجيش، وخاصة بعد ان رأيت فشل المدنيين في الحكم سواء من جانب الاخوان أمثال مرسي والشاطر وبديع، ومن جانب الليبراليين أمثال البرادعى وأعوانه وشباب الثورة والذين رفضوا ان يكون لهم زعيما وكانوا يفتخرون بانهم قاموا بثورة بدون زعيم، فكانت النتيجة ان استولى على ثورتهم الاخوان في المرة الاولى ثم الجيش المرة الثانية.

..

ولكن المفاجأة السارة بالنسبة لي كانت عبد الفتاح السيسي، عندما قرات له البحث الممتاز والذي قام به عندما كان يتلقى دورة في كلية الحرب الامريكية في ولاية بنسلفانيا عام ٢٠٠٦ وكان عنوان البحث " الديموقراطية في الشرق الأوسط" ، ثم بعد ذلك شاهدت مقابلاته التليفزيونية ولأول مرة أشاهد رجلا عسكريا مصريا يتكلم عن مشاكل مصر العميقة بكفاءة عالية جداً وبصراحة شديدة، ولم يعمل البحر طحينة كما يفعل السياسيون عادة حتى يتم انتخابهم، ولكنه لم يعد باي شيء فقط طالب الشعب بالعمل الشاق وبالقفز بدلا من المشي وطالب الشعب بالتوقف عن التظاهر والإضراب والمطالب الفئوية ، وواضح انه يعي تماماً خطورة الإرهاب الذي يحيط بمصر ولم يعلن انه "عنتر زمانه " ولكنه طالب المجتمع الدولي بالمساعدة والتكاتف لدحر الإرهاب، وأعجبني جداً كلامه عن سد النهضة ، فقال انه يحب الا نهمل مصلحة اثيوبيا ولكن يجب ان نقنع اثيوبيا بان النيل بالنسبة لمصر هو مسالة حياة او موت، ونحاول ان نوفق بين مصلحة مصر وإثيوبيا .

...

وما لم يعجبني في احاديث السيسي انه لم يتطرق الى مشكلة الانفجار السكاني في مصر، وهي مشكلة تفاقمت منذ ان تخطت مصر حاجز الخمسين مليون نسمة، ولم يعجبني أيضاً تبسيطه لمشكلة البطالة بإعطاء الشباب العاطل سيارة لنقل الخضار، وكان الأجدر به كمخطط استراتيجي ان يتكلم عن المشاريع الصغيرة للشباب بصفة عامة ويبعد الجيش عن تلك الأشياء ، لان الجيش وظيفته الاساسية هي حماية الوطن وليس بيع الخضار.

...

المهم ان الرجل له قبول وشعبية كبيرة بين معظم المصريين ومعظم العرب، وأتمنى له النجاح في الانتخابات والنجاح في انتشال مصر من الحفرة التي وقعت فيها في ٢٥ يناير ٢٠١١، ولكن احذر ان السيسي لن يكون بقادر على فعل المعجزات، ولو استطاع استعادة امن المواطن في فترته الاولى لكان ذلك خيرا وبركة، لانه بدون امن فلن يكون هناك استثمار او سياحة او اقتصاد. الامن اهم كثيرا من الديموقراطية والحرية وخاصة ان العديد من المصريين بعد ٢٥ يناير قد فهموا ان الحرية تعني الفوضى.

samybehiri@aol.com

نقلا عن إيلاف


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع