بقلم المحامي نوري إيشوع
من المضحك المبكي أن تنقلب الموازين و المعادلات, ان يتحول الحق الى باطل مفضوح و الباطل الى حق مشروع, انه لسخرية القدر̤ أن يتحول الملاحق و الخارج عن القانون الى حاكم و دّيان, ان يلبس العهر ثوب الطهر, يا لسخرية ابليس, أن يأخذ اتباعه صورة انسان و يختارون و يخططون عن سابق اصرار و ترصد الخروف البريء الضان و ينهشون بلحمه باسنان هي أشبه بانياب وحش دنيء لا يعرف الرحمة و فاق في الشر حتى الحيوان
يا عجبي من عالم اليوم, عالم الحق و الميزان, عالم عشق الحرية و الديمقراطية حتى الأدمان, عالم ينشد حماية الأنسان تحت اسماء و مواثيق دولية و جمعيات حقوقية و قوانين وضعية لصيانة حقوقه و أخرى للرفق بالحيوان.
ان الذي يحز في النفس و يدمي القلب, ان تصبح هيئات حقوق الأنسان حبر على ورق وعلقت قوانينها فقط لتزيين الجدران, بينما ثارت الدنيا و استنفر الجند و العسكر في كل مكان! للدفاع عن الخرفان و هي تُذبح و تقدم أضحية و قرباناً, حتى القطط و الكلاب و جميع انواع الحيوان أضحى لها قدسية و شرائع تحكم على كل يسيء لها بالحرمان! لها آلاف الخلان، تقيم في بيوت تجد فيها راحة و أماناً و تلبس أجمل الثياب و بأحلى الألوان و تنام قريرة العين على اريكات مغطات باغلى الأقمشة و مزركشة بخيوطِ من حرير و كتان!!
ففي فرنسا, و منذ سنوات قليلة و كالعادة قام أخوتنا المسلمون في عيد الأضحى بذبح الخرفان كأضحية, فاهتز الوجدان العالمي و تحركت جمعيات الرفق بالحيوان و على رأسها بريجيت باردو, مستنكرين هذا العمل الذي اعتبروه عنف مقصود ضد الحيوانات, لا يتماشى مع المواثيق الدولية ولا المنظمات الحقوقية ذات القوانين الأسطورية, علت أصوات الحق في تلفزيونات العالم و جرائدها و وسائل أعلامها عارضين للعالم صورة خروف مذبوح و معلق في احدى شوارع باريس!!! فصدرت قرارات حازمة من جهات قانونية بفرض عقوبات صارمة تصل الى غرامات مالية باهظة و احياناً تصل الى السجن ضد كل من يمارس العنف ضد الحيوان و نتيجة لهذا أصبحت الأضاحي من الخرفان تجري في الخفاء و في الأرياف بعيداً عن أعيان السلطان الذي أصبح لديه الحيوان أقدس من الأنسان, في كندا على سبيل المثال و نقل الخبر بأمانة و اطمئنان, أصبح سعر الخروف في عيد الأضحى يصل الى 500 دولار و قد يفوق الألف في كثير من الأحيان!!
و لكن ايها العالم الغارق في المعاصي و الشرور, ايها العالم المتمدن و باساطيلك تتباهى و تتمخطر بغروܪ̤ ايها الجالسون على كراسيكم العاجية و تتفرجون على ذبح و تهجير شعب, منه تعلمتم الحضارة وهو الذي أناركم بإشعاعات العلم و النور, ايها السادة رؤوساء العالم لماذا يحلو لكم قتل أخوتنا الأبرياء في سوريا الجريحة، في العراق، في مصر و انتم تبحثون بين ظهرانيها عن البترول, تنبشون قبور أجداده للبحث عن كنوزه و سرقتها و تكديسها في خزائنكم و في أوكار ذئابكم فتُضحى سلاحاً تقطع رقاب أحفاد اصحاب الأرض و تهتك اعراضهم و تهدم منازلهم و تحرق محاصيلهم و تنهب أرزاقهم.
يا للسخرية.....!!
في دول الغرب, تُذبح الخرفان كأضاحي في أماكن نائية و بعيدة عن مراقبة المفتشين التابعين لجمعيات الحقوق و الرفق بالحيوان, بينما نرى خراف السلام, تخطف في وضح النهار و تُذبح و ترمى جثثها على الطرقات على مرآى العالم أجمع و بالقرب من جيوش الاميركان, رجال دين يُقتلون و يتمثل بهم.
شعب صاحب الأرض, تمارس ضده جريمة منظمة بأقتلاع جذوره من أرض أجداده و لا ننسى الأيادي القذرة و الدور المشين لبعض الميليشيات و العصابات الأرهابية القادمة من قبور الموت! و الدخيلة على أرض الرافدين في دعم تسهيل ارتكاب هذه الابادة و لعبها دوراً رئيساً في بث الذعر و الخوف في قلوب أبناء شعبنا الأبي لاجباره على الهجرة و تهديد بقائه.
حكام العالم المتمدن بهيئاته و مؤسساته و مجلسه الأمني, يثورون لايذاء حيوان أو ردم بئر نفط ملآن و لا يتحرك فيهم ضميرغارق في سبات عميق و لا وجدان خامد غريق في اضطهاد و قتل و ابادة شعب مسالم، في كثير من دول الشرق و خاصة في سوريا والعراق و مصر و السودان.
ابناء النعمة في كل مكان, ما تتعرضون له لم يأت من فراغ بل هو نتيجة حتمية للأيمان القويم الذي تتسلحون به و نتيجة لذلك, هبت جند ابليس لمحاولةً أخماد هذا الأيمان و ذلك نصرة منهم لربهم إله هذا الدهر الذي يسمى الشيطان.
هنيئاً لكم ايها الذين منكم نتعلم الأيمان و بكم نقتدي و نسير قي طرق الفادي الذي من محبته لنا نستمد القوة و الأمان :
(( حتى اننا نحن انفسنا نفتخر بكم في كل كنائس الله من اجل صبركم وايمانكم في جميع اضطهاداتكم والضيقات التي تحتملونها. بينة على قضاء الله العادل انكم تؤهلون لملكوت الله الذي لاجله تتالمون ايضا.)) 2تس:4:1