محمود خليل
عقب أول حوارين مطولين تم إجراؤهما مع «السيسى» و«صباحى» طرح موقع جريدة «الوطن» على مستخدميه سؤالاً حول المرشح الذى أقنعه، كانت النتائج حتى كتابة هذه السطور لصالح «السيسى» بنسبة 55%، ولحمدين بنسبة 45%. مع العلم بأن عدد المشاركين فى الإجابة على السؤال بلغ مليونى قارئ. وهو رقم ضخم للغاية إذا أخذنا فى الاعتبار أن عدد مفردات العينة فى أى استطلاع رأى لا تزيد فى العادة على ألفى مفردة.
وكان مركز «بصيرة» قد أجرى استطلاعاً للرأى منذ عدة أيام أثبت أن نسبة 72% من المصريين الذين قرروا المشاركة فى الانتخابات سيمنحون أصواتهم لـ«السيسى»، فى حين قررت نسبة 2% فقط منح أصواتها لـ«صباحى»! وقد يكون من المفيد أن أحيطك علماً بأن حجم العينة فى هذا الاستطلاع كانت «2005 مفردة».
ماذا تعنى هذه الأرقام؟ إنها تعنى ببساطة أن «السيسى» ما زال يحوز ثقة الأغلبية من المصريين، لكنها من ناحية أخرى تقول إن «حمدين» صاعد، وإن حجم مؤيديه يزيد يوماً بعد يوم، ربما ارتبط ذلك الصعود بتحول فى المواقف لصالح «حمدين» من جانب المصريين الذين لم يكن بعضهم قد حدد موقفه بعد من المشاركة فى الانتخابات
أو لم يكن له انحيازات مسبقة لأى من المرشحين. هذا التحول يمكن فهمه فى إطار الفكرة الأساسية التى تمحور حولها الطرح الذى قدمه كل من «السيسى» و«صباحى» والذى يمكن تلخيصه فى كلمتين أساسيتين: «الأمن» و«الأمان». فكر «السيسى» يدور فى فلك «الأمن». فالأمن -فى تقديره- يعد المقدمة الأساسية التى سوف تؤدى إلى الاستقرار وعودة عجلة الاقتصاد إلى الدوران، والبدء فى الاستجابة لمطالب المصريين فى تحسين مستوى معيشتهم. فى المقابل من ذلك يدور فكر «حمدين» حول موضوع «الأمان» بما يعنيه من وضع خطط تؤدى إلى الإصلاح ومحاربة الفساد
مما يقود إلى تحقيق العدالة، ليشعر المجتمع فى النهاية بالأمان. «الأمن» تفكير فى الحاضر، و«الأمان» رؤية للمستقبل. والفارق بين المفهومين مثل الفارق بين رجلين أحدهما يركز فى تأمين قوت يومه وحمايته من عبث العابثين، والآخر يفكر فى تأمين المستقبل ضد تقلبات الزمان، من خلال الادخار للغد!
ربما فسر لك ذلك ميل الأكبر سناً، والأقل تعليماً، ومن يعانون من البطالة ووقف الحال، وكذلك الأقل دخلاً لانتخاب المشير «السيسى». فالكبار عمرهم وراءهم، ويبحثون عن يومهم أكثر من غدهم، وأشواق وطموحات الأقل تعليماً والأشد معاناة ترتبط بحل فورى يوقف مسلسل معاناتهم، لذلك تجدهم يمدون يد التأييد إلى من ينوى إعادة الأمن إلى البلاد بشكل يؤدى إلى الاستقرار ودوران العجلة. وفى المقابل من ذلك يميل قطاع الشباب والأكثر تعليماً وبعض من المنتمين إلى الطبقة الوسطى إلى اختيار حمدين. فهذه القطاعات التى لا تعانى من أوجاع اقتصادية مباشرة
ربما كانت أكثر قلقاً على المستقبل الذى يهدد بجرها اقتصادياً إلى أسفل، هذه الفئات أيضاً لديها مطالب فيما يتعلق بالحرية والديمقراطية تجعلها أميل إلى حمدين. الحكمة تقول إن الحياة اختيار.. والاختيار فى النهاية ابن «التجربة»!
نقلآ عن الوطن