الأقباط متحدون - لا نُريد رئيساً!!!
أخر تحديث ٠١:٣٤ | الجمعة ٩ مايو ٢٠١٤ | بشنس ١٧٣٠ ش١ | العدد ٣١٨٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

لا نُريد رئيساً!!!

بقلم: ليديا يؤانس
لا نُريد رئيساً!!!  لا نُريد رئيساً!!!

البعض قد يعتبر الرئيس والقائد شيئاُ واحداً ..  هناك فرق كبير بينهما!
التغيير لا يصنعه إلا قادة مُتميزون .. فمن يظُن أنه سيُحدث تغيير بدون قائد فهو واهِمْ!

من يتأمل في التاريخ يجد أن أعظم الأحداث وأكبر التحولات كانت من صُنع قادة أقوياء،  وعلي سبيل المثال (غاندي – مانديلا – جيفارا – عبد الناصر وغيرهُم كثيرين) صنعوا تغييرات جوهرية في مُجتمعاتهم، وأيدلوجياتهم أصبحت مثال يُحتذي به علي مستوى العالم.

مصر الآن في وضع لا تُحسد عليه،  فقر مُدقع للغالبية ولقطاعات عريضة من الشعب،  الإقتصاد مُهلهل ومُتهالك،  الفساد مُتغلغل في مُعظم المؤسسات،  التعليم والثقافة مُتداعيان، الإرهاب فارد قُلوُعه في كل مكان،  لا يوجد أمن ولا إستقرار،  الأخلاقيات والقيم مُتردية،  كل واحد عامل زعيم يُدلي بالتصريحات والإقتراحات والإنتقادات، الخيانات وبيع الضمائر سجدت أمام العُملات الأجنبية!  بمعني أدق التركة مُثقلة بما لا يسُر عدو ولا حبيب!

هل مصر الآن في إحتياج لرئيس؟
في إعتقادي لا .. مصر تُريد قائداً وليس رئيساً.
 
في الواقع كل قائد رئيس وليس كل رئيس قائد!

القائد هو الذي يملُك القُدرة للتأثير علي سلوك الناس (الشعب) ويستمد سُلطاته من الناس أنفُسهم  نتيجة للتأثير في سلوكياتهم مما يُمكنه من الحصول علي طاعتهم له.
أما الرئيس فيشغل منصب أو مركز المسئولية علي الناس (الشعب) ويقوم بأداء العمل طبقاً للقوانين والخطط الموضوعة ويسعي إلي تحقيق الأهداف المُرجوه بواسطة مرؤوسيه وفي الغالب يعتمد علي السُلطة المُفوضة له.
ولذا نجد أن الطاعة في العلاقة القيادية أساسها تقبُل الناس للقائد بينما الطاعة في العلاقة الرئاسية  مفروضة من الرئيس علي الناس. 

بالتأكيد كرسي الرئاسة له بريق وبرستيج يخلب العقول!   وخصوصاً كرسي مصر (أم الدنيا)!
ولكن مصر مُش محتاجة رئيس يُتوج علي كُرسيها .. مصر محتاجة قائداً يجلس علي أرض الواقع المرير ويُشمر عن ساعديه ويكون قُدوة للآخرين.


ثلاثة أشياء مهمة لأي قائد: الشخصية، المعرفة، والمهارة.  ولكن الشخصية تعتبر أكثر أهمية من المعرفة والمهارة. 
القيادة أمر ضروري، ولذا يقولون بدون رؤية مستقبلية "Vision"  للقائد يهلك الشعب،   وبدون راعي تتشتت الرعية!
 
قري عيناً يا مصر .. الرب سيختار لكِ قائداً!!!

مُعظمنا بالتأكيد سمع عن موسي النبي!
موسي كان أول قائد في التاريخ يختاره الله،   ليقود شعب بني إسرائيل ويُخرجهم من أرض العبودية والهوان إلي أرض الموعد.
بني إسرائيل ذاقوا قسوة ومرارة العبودية والهوان في مصر.  كان فرعون يُسخرهم في البناء،  ويذلهم في الطين واللبن وفي كل عمل الحقل.
فقال الرب:  قد رأيتُ مذلة شعبي الذي في مصر وسمعت صراخهم .. أني علمت أوجاعهم .. فنزلت لأنقذهم من أيدي المصريين.

ولكن كيف ستنقذهم يارب ؟
سأختار لهم قائداً!

قال الرب لموسي، هَلُم فأرسلك إلي فرعون وتُخرج شعبي من مصر.
موسي أراد أن يتهرب من تكليف الله له،   فقال "أنا ثقيل الفم واللسان."
قال الرب لموسي، إذهب وأكون مع فمك وأعلمك ما تتكلم به.
موسي يتهرب للمرة الثانية ويقول للرب بالبلدي كده شوف لك حد غيري!
فحمي غضب الرب علي موسي وقال له:  إنت تُكلم هرون أخاك،  وتضع الكلمات في فمه،  وأنا أكون مع فمك ومع فمه،  وأعلمكما ماذا تصنعان!
 
مصر لا تريد رئيساً بل قائداً مِنْ يد الرب لأنه وحده يعلم مأسآتها وظروفها!
لا نريد رئيساً يُجيد الكلام والتلاعُب بالألفاظ،  ورُكوب موجة الشعارات الرنانة،  والمؤتمرات الثورية،  والمناظرات الخطابية، لأننا شَبعنا وأصآبتنا تُخمة الوعود والكلام إللي ما بيندفعش عليه جمارك!
الشعب لازم يتصدم بالواقع المرير،  ويعرف الوضع الحقيقي للبلد لكي يهبوا للتغيير والبناء. 
في مصر الأطباء لا يُصارحون مرضاهم بالحقيقة المُره،  في حين الأطباء بالعالم الغربي يُصرون علي وضع الحقيقة بالكامل أمام المريض لكي يُساعد نفسه والطبيب في تخطي الأزمة المرضية.

موسي كان شخصاً مُتواضعاً وحليماً جداً،  إتسم بالإيمان والطاعة لله.
موسي كبر وترعرع في بيت فرعون لمدة 40 سنه فتعلم كل حكمة وعلوم المصريين التي مازالت للآن لُغزاً أمام العالم.
مصر لا تريد رئيساً يُدير شيئاً تقليديا ويُعطي أوامر لمرؤسيه .. بل تُريد قائداً ذو علم وخبرة وإمكانيات تكنيكية لتغيير الواقع بإستخدام وسائل مبتكرة حديثة.
نُريد قائداً لديه رؤية مستقبلية  "Vision"  ولديه العلم والمعرفة والمهارات لكي يُحققها.

مصر لا تُريد رئيساً لا يعرف كيف يحمي البلد داخلياً وخارجياً ..  بل تُريد قائداً يعرف جيداً كيف يُدافع عن نفوس المصريين الذين فقدوا الغالي والنفيس بسبب الإرهاب.
لابد من أن يتمتع هذا القائد بالحكمة والحُلم وعدم الثرثرة بل مزيداً من الهدوء لأن المسائل الأمنية تحتاج التكتُم لكي يتم مواجهة العدو وإصابته في مقتل.   فعندما يكون القائد هادئاً وقليل الكلام تُصبح الأمور المُعقدة بسيطة للغاية!

موسي كان يُحب شعبه جداً بالرغم من خطاياهم وتذمرهم الدائم،  وأكثر من مره كان يحمو غضب الرب عليهم،  ويقول لموسي "هذا شعب صلب الرقبة أترُكني فأبيدهم وأمحو اسمهم من تحت السماء."
وقف موسي أمام الرب وقال له:  "والآن ان غفرت خطيتهم وإلا فأمحني من كتابك الذي كتبت."
مصر لا تُريد رئيساً يؤمِنْ نفسه ويُفكر في نفسه ..  بل تُريد قائداً يضع روحه علي كفه،  ويحب شعبه جداً ويقول كما قال موسي هذا شعبي أمنهُم وسلامتهم أهم من أمني وسلامتي أنا!

في النهاية لا نُريد رئيساً بل قائداً  ..  يجعل الناس لا يثقون به فقط  بل يثقون بأنفسهم أولاً!  وما عليه إلا أن يُشير إلي الطريق فيتبعونه ويطيعونه لأنه أصبح مصدراً للثقة بالنسبة لهُم!


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter