بقلم شكري بسطوروس
يقول المتنبي: "وكم ذا بمصر من المضحكات، ولكنه ضحك كالبكاء." وها هي اول المضحكات المبكيات..
اسمع اخر نكتة
قبطي ضمن إخوان المنيا المحكوم عليهم بالإعدام!! ففى جلسة الاثنين 28 ابريل 2014 أصدرت محكمة جنايات المنيا برئاسة المستشار سعيد يوسف حكما بإحالة أوراق 683 متهماً اخوانياً لمفتى الجمهورية من بينهم محمد بديع المرشد العام للإخوان - ويا للعجب - القبطي ياسر رفعت زكى (26 سنة)، الذي يعمل نقاشا بقرية كفر مهدى مركز العدوة بشمال المنيا. وقبل ان تفكر بالسوء..
لابد ان نلتمس العذر للمحكمة، فعدد المتهمين كبير عليها... او ربما يعود هذا إلى ان القضاء رابط على عينيه عُصابة وبالتالي صعب عليه انه ياخذ باله من مثل هذه الاشياء الصغيرة. وجل من لا يسهو. ثم لماذا القلق؟! فحتى لو تم اعدامه، قد يقوم لو عنده ايمان قوي. وإذا كان ايمانه ضعيف، فكدة ولا كدة هيقوم في اليوم الاخير. يعني بلاش نحبكها بزيادة، البلد مش ناقصة! "ضحك كالبكاء" هكذا قالها المتنبي منذ قرون عديدة وكأنه يعيش معنا في زماننا هذا الذي فيه رخص دم الإنسان وتلاشت قيم العدالة. المشكلة لا تتوقف عند حكم المحكمة فقط بل تمتد إلى النيابة التي لو حققت لعرفت انه مسيحي وايضاً الشرطة التي بالتأكيد لمت اسماء واشخاص والسلام.
يقول الكتاب المقدس عن حكام وقادة مملكة يهوذا قبل خرابها وسبي اهلها بفترة قصيرة "طريق السلام لم يعرفوه، وليس في مسالكهم عدل. جعلوا لأنفسهم سبلا معوجة. كل من يسير فيها لا يعرف سلاما. من أجل ذلك ابتعد الحق عنا، ولم يدركنا العدل. ننتظر نورا فإذا ظلام. ضياء فنسير في ظلام دامس." (اشعياء 58: 8، 9)
حكومات خرساء.. وإرهاب يتمادى
يقول الشاعر المبدع صلاح عبد الصبور: "لا أدري كيف ترعرع في وادينا الطيب كل هذا القدر من السفلة والأوغاد؟" فحكومتنا الحالية تسير علي نفس مبدأ سابقاتها - منذ عهد السادات - في تعاملها مع المسيحيين، اي مبدأ "الضرب عالراس والبوس عالطواقي" فالاعتداءات على الاقباط تزداد عدداً و حدة وتنوعاً بصورة يومية بينما قادة الدولة يهنئون البابا في الاعياد ويشيدون بوطنية الاقباط!!
عشرات الجرائم العنصرية تُرتكب يومياً بحق اقباط بسطاء وسط تواطئ امني وسياسي دنيء "ولا من شاف ولا من دري" لأن الدولة الآن تفرض حصاراً اعلامياً على هذه الجرائم اليومية من قتل واختطاف للبنات والاطفال بل والرجال فضلاً عن نهب وحرق وهدم بيوتهم ومتاجرهم وكنائسهم وتهجير اسر بكاملها على الهوية. ومن يتجرأ على تغطية هذه الجرائم اعلامياً يتم حبسه وتعذيبه لأجل غير مسمي بتهمة "التحريض على الفتنة عبر نقل معلومات غير حقيقية" كما حدث مع مراسل قناة الطريق بيشوى ارميا (محمد حجازي سابقا) لأنه قام بتصوير بعض الجرائم الطائفية في محافظة المنيا! هذا بالاضافة طبعاً لتهمته الخفية وهي تحوله للمسيحية!!
كشف تقرير منظمة «فريدوم هاوس» الأمريكية الصادر في 2 مايو 2014، إن العام الجاري هو الأسوأ خلال العقد الأخير بالنسبة لحرية الصحافة في مصر وتركيا وأوكرانيا خصوصاً فيما يتعلق بمسائل الأمن القومي وطبعا الاقباط كلهم في نظر الحكومة مشكلة امن قومي لذلك لابد من التعمية.
ولكن بعض تقارير منظمات حقوق الانسان التي تصدر في مصر بين الحين والاخرتفضح تعصب الدولة المتزايد تجاه الاقلية القبطية خصوصاً في الصعيد. ففي مارس 2014 اصدرت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" تقريرًا رصدت فيه تزايد أعمال العنف والقتل والاختطاف والاستيلاء
على الممتلكات ودفع إتاوات لأقباط الصعيد موضحاً أن "الحكومات المتتالية لم تملك الحد الأدنى اللازم من الإرادة السياسية لوضع نهاية لهذه الممارسات، فكان من السهولة بمكان أن تتحول مشكلة عادية أسبابها سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية إلى اعتداءات طائفية يتخللها عقاب جماعي واستهداف لمواطنين على الهوية الدينية." وأضاف التقرير "بالرغم من استرداد الأجهزة الأمنية لكامل قوتها،
وعودتها إلى سابق عهدها قبل الثورة، لكنها ظلت على حالها في عدم التعامل مع هذه الاعتداءات، والتباطؤ الذي يصل إلى حد التواطؤ في الاستجابة لاستغاثات المواطنين."
"الرب عادل ويحب العدل." (مزمور 11: 7) لذلك "إن رأيت ظلم الفقير ونزع الحق والعدل في البلاد، فلا ترتع من الأمر، لأن فوق العالي عاليا يلاحظ، والأعلى فوقهما." (جامعة 5: 8) فـ "الرب مجري العدل والقضاء لجميع المظلومين." (مزمور 103: 6)
لا تقل: امسك فلول، بل قل:عُدنا والعود احمد لا خلاف على شعبية المشير السيسى الكبيرة خصوصاً بين البسطاء الذين اعتبروه الزعيم الذى سيخلصهم من القهر والظلم والاستبداد.
فقد اظهر انه شخصية وطنية، غامر بحياته منحازاً للملايين التى ثارت ضد الإخوان. ولكن اللافت للنظر – ويا للمفارقة - أن فئة ضخمة من اصحاب المصالح ورموز حكم مبارك هم من يقودون حملات الطبل والزمر للسيسي. ملايين البوسترات الفاخرة التي تحمل صور السيسي وتملأ شوارع وميادين مصر ممهورة بتوقيعات نواب الحزب الوطنى "المنحل" وأعضاء لجانه ورجال أعماله الذين افسدوا حياة المصريين! بل انهم ايضاً ومن خلال فضائياتهم وصحفهم – يهاجمون مرشحي الرئاسة الاخرين مما ادى إلى انسحابهم ما عدا السيد حمدين صباحي. ثم انهم ليلاً ونهاراً يشوهون الثورة والثوار ويتهمونهم بالخيانة والعمالة.
لماذا؟! من يزود هذه الفضائيات بالمواد التي تذيعها كتسريبات عبد الرحيم علي التي لا يمكن الحصول عليها إلا من جهات سيادية، رغم كونها جرائم نشر صريحة يعاقب عليها القانون فضلاً عن مخالفتها لابسط قواعد الاخلاق.؟! يقول الكاتب الساخر الرائع جلال عامر: "تحول «التوك شو» إلى «توك توك» يقوده مذيع مهمته توصيل طلبات الحكومة إلى المنازل."
لقد قال المشير السيسي في اجتماع لمجلس الوزراء منذ عدة اشهر: "أرفض تمامًا عودة الوجوه القديمة إلى الساحة السياسية، ومصر لن تعود إلى ما قبل ثورة 25 يناير." عندما قرأت هذه المقوله مؤخراً، تذكرت المثل المصري القائل: "اسمع كلامك اصدقك، اشوف امورك استعجب!" لأن الأزمة ليست في أنهم ملتفون حوله، لكن الأزمة أنه ليس منزعجًا من ذلك.
رجعت ريمة لعادتها القديمة بل واضل سبيلا منذ نحو شهرين أفاد تقرير أصدرته 16 منظمة حقوقية مصرية، إن هناك "ادعاءات متزايدة ومفزعة عن أعمال تعذيب وحشية واعتداءات جنسية تعرض لها محتجزون ومحتجزات في سجون وأقسام شرطة في مصر ممن تم القبض عليهم في مظاهرات الذكرى الثالثة لثورة ٢٥ يناير." وتابع التقرير: "مع تعنت النيابة في إثبات الإصابات وتوثيق التعذيب الذي تعرض له المعتقلون
قام محامو المتهمين بتقديم شكاوى للمجلس القومي لحقوق الإنسان توثق المعلومات التي نجحوا في الحصول عليها من المعتقلين الذين رووا ما حدث لهم." ووفقاً لشكوى الناشط المقبوض عليه خالد السيد، فإن مجموعة كبيرة من المعتقلين ألقي القبض عليها بصورة عشوائية وتم اقتيادهم لقسم الازبكية. ثم قامت قوة من رجال الأمن في القسم بنقل النشطاء السياسيين المعروفين الى غرفة كان يتم فيها التعذيب، وهم معصوبو الأعين، وأجبروهم على الاستماع لأصوات صراخ المعتقلين الذين كانوا يتعرضون للضرب والصعق الكهربائي ورددوا على مسامعهم مقولات من قبيل "العيال دي ذنبها في رقبتكم يا بتوع الثورة .. لولاكم كان زمانّا مشيناهم ..
كان زمانهم في بيوتهم"، مشيراً إلى أن أكثر من شخص ممن أعيدوا الى غرفة الاحتجاز المشتركة بعد تعذيبهم شكوا من أنهم تعرضوا للاعتداء الجنسي، بالإضافة إلى الصعق الكهربائي في مناطق مختلفة من الجسم!!
رجعت ريمة لعادتها القديمة. والمفروض ان الناس تصوت على الدستور اللي صوتت عليه قبل كدة، بس المرة دي بالصوت الحياني لانه مات ولا عزاء للسيدات ولا للرجالة.. فالمادة 54 من الفقيد تنص على ان: "كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته، يجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا، ولا يكون حجزه،
أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيًا وصحياً، وتلتزم الدولة بتوفير وسائل الإتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة. ومخالفة شيء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقًا للقانون. وللمتهم حق الصمت. وكل قول يثبت أنه صدر من محتجز تحت وطأة شيء مما تقدم، أو التهديد بشيء منه، يهدر ولا يعول عليه."
ولكن يبدو ان الحرية والكرامة الانسانية التي اضاع المصريون عليها ما يقرب من اربع سنوات من اعمارهم "طلعت فشنك". او هكذا يظن القائمين على البلد، بينما الحقيقة هي ان عقارب الساعة لا ترجع إلى الوراء. فكما يقول الراحل جلال عامر: "أما «انتصار الشباب» فهو ليس فيلمًا لـ «أسمهان»، لكنه حقيقة علمية، فلا أحد يقف أمام الطبيعة ولا عاقل يهتف ضد التكنولوجيا، هو فقط يُؤجل.. مثل مباريات الكرة ومواعيد حبيبتي وجلسات المحاكمة."
لماذا ترفض الدولة إلغاء قانون التظاهر غير الدستورى والإفراج عن جميع المحبوسين بمقتضاه؟! السلطة الحالية استعملته فقط للانتقام من شباب الثورة، لتلقى بهم فى السجون أعواما عديدة، لأنهم تجرأوا على التظاهر، بينما مظاهرات تاييد السيسي في كل مكان!
السؤال الاهم: هل هناك نية لاحترام الدستور وبناء دولة مؤسسات تقوم على سيادة القانون والشفافية وحقوق الانسان؟ تُرى ما نوع الحكم وما شكل الدولة التي تنتظر المصريين بنهاية هذا الشهر؟!