الأقباط متحدون - قتلها قبل أن يجف عرق كفاحها
أخر تحديث ٠٠:٠٤ | الخميس ٨ مايو ٢٠١٤ | برمودة ١٧٣٠ ش٣٠ | العدد ٣١٨٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

قتلها قبل أن يجف عرق كفاحها

ناجح إبراهيم
ناجح إبراهيم

ناجح إبراهيم
أحب جارته الجميلة وأحبته.. رفرفت على قلبيهما أعلام السعادة بعد خطبتهما.. كان يراسلها خلسة عبر شقيقته.. كل يوم خطاب غرامى.. تزوجا ثم دخلا فى مرحلة الالتزام الدينى سويا.. بدأت معه من الصفر.. عاشا فى غرفة بسيطة.. اعتبرت الكفاح معه رسالة مقدسة.. أنجبت منه 8 بنات وولدا واحدا.. قبض عليه عام 1981

خرج سريعا وفصل من عمله كصف ضابط فى الجيش.. انخرط بعد ذلك مع إحدى الحركات الإسلامية التى تعج بها المدينة الساحلية فى السبعينيات والثمانينيات. واصلت الكفاح معه.. تسعة من الأولاد كلهم يحتاج إلى العناية والرعاية.

سارت الحياة على هذه الوتيرة حتى صحت الأسرة على كابوس فظيع.. فالأمن يطلب الزوج حيا أو ميتا.. خاصة أنه ينتمى لتنظيم يخطط لاغتيالات بعض السياسيين.. هرب الزوج.. ازداد الطلب بعد قتل أحد أفراد التنظيم ضابط شرطة.. جاء الأمن واحتل شقتها شهرا كاملا لعله يظفر بالزوج أو أحد رفاقه.. عاشت مع أولادها فى نصف الشقة واختبأ الأمن فى نصفها الآخر.

بعد شهر كامل من العذاب والخوف والرعب للأسرة قبض على الزوج فى أوائل التسعينيات.. حكم عليه بالسجن المؤبد.. كان بوسعها أن تطلق منه بكل سهولة ولكنها أبت أن تغدر به.

عزمت على الصبر والوفاء والرضا.. طردت كل شياطين الجن والإنس الذين يؤزونها على الغدر والتخلى عن حبيبها.

تحملت مسؤولية الأولاد.. كانت لهم الأب والأم وكل شىء.. تحملت مسؤولية زوجها.

عاشت مع أولادها بما تيسر لهم.. رضيت عن ربها وزوجها وأولادها.. تصالحت مع الكون كله.. رغم قسوة الزمان ومخاصمة الأيام لها.. واصلت زيارة زوجها تخرج من بلدتها الساحلية فى جوف الليل ومطر الشتاء يلاحقها لتكون عند بوابة السجن صباحا.

أدركت أن للسجون تقلبات وأحوالا كما للحياة تقلبات وأحوال عجيبة، فقد تطرد أو تشتم أو تهان أو تمنع على بوابات السجون أو تستقبل استقبالا حسنا.. قد يكون التفتيش سهلا أو عسيرا مهينا.

نسيت أن أقول إن أحوالها المادية تحسنت بعد سجن زوجها بسنوات حينما استحق قيمة المعاش المبكر من الجيش.

19 عاما مضت على هذا المنوال لم تتأخر فيها عن زوجها مهما كان مرضها وتعبها.. فأوامره عندها مقدسة.

بعد أن خرج بسنوات قليلة إذا به ينسى كل عطائها ويتزوج عليها امرأة أقل منها فى كل شىء.. عندما لامته على غدره صدمها بقوله: «إياكِ أن تفكرى يوما أن لك فضلا علىَّ».. صعقها الجواب أكثر من الزواج.. كرر ما يقوله أمثاله: «هذا حقى الشرعى».. ناسيا أن الشرع نفسه كان يعطيها حق الانفصال عنه بعد عام واحد من سجنه.

آه.. ما أتعس الإنسان حينما لا يرحم من رحمه.. ولا يعطف على من عطف عليه فى محنته.. ولا يفرج كربة هذه الزوجة.

ما أغلظ الإنسان حينما يعرض عمن لم تعرض عنه ويغدر بمن وفت معه.. لقد رفض رسول الله أن يتزوج على السيدة خديجة لأنها واسته فى شدته ومحنته بنفسها ومالها.. رغم أنها كانت أكبر.

ما أتعس الإنسان حينما يعيش فى عمر غيره.. ولا يدرك متطلبات عمره ويغره بأحبابه الأوفياء الغرور، فيبيعهم بثمن بخس.. لقد قتل كل المعانى الجميلة فى حياتها قبل أن يجف عرق كفاحها.
نقلآ عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع