أبراهيم صالح
مشكلة محبي التشاحن مع المسيحية وهواة إثارة العنف ضدها, أنهم غير قادرين على فهم أهم الحقائق فى المسيحية فهما حقيقيا هادئا, وأولى هذه الحقائق الذين هم فى حاجة إلى فهمها فهما جيدا أن المسيحية لا تترد فى أن لا ترد على من يسبها أو يقذفها, وفقا لنظرية العين بالعين والسن بالسن أى أن المسيحية منزوعة العنف بلا نفير عام أو نفير خاص, بلا تعبئة عامة أو فردية
أما عن الحقيقة الثانية والمهمة جدا جدا فهى أن المسيحية ليست ديانة نعم ولا تستغرب هذا حتى وإن قلته على وجه العموم فليس عند الله أديان لأن مشيئته واحدة لا تتبدل, ونحن عندما نقول الدين المسيحى فهو من باب المجاز, والتمييز ,والخطأ الشائع لا أكثر, ولذلك فالمسيحية لا تعمل وفقا للنظرية الدينية أفعل ولا تفعل, بمنطق الأمر والنهى المعتمد على قوة إيمان الشخص التابع لا بل هى تنهض بصاحبها المسيح وتلبُسه من جهة الشخص المؤمن به, لهذا فإن معنى الإنجيل باللغة اليونانية εὐαγγέλιον، ايوانجيليون هو إعلان البشارة أو الخبر السار المفرح عن مجىء الله ليسكن وسط البشر
ومن ثم فما أشارت إليه المعاجم العربية كلها فى تعريف وشرح الكلمة أو المصطلح خطأ لا يغتفر لأنها قد أشارت إلى كتاب منزل ووحي, فالعمل أو نظرية العمل وفقا للمسيحية لا يقوم به الإنسان بمحض قوته الجسدية أو حتى الإيمانية بل أن الفعل يتم من خلال الله نفسه الساكن بروحه داخل الإنسان, وعلى مر العصور لم يفهم المتعاملون مع المسيحية هذه الحقائق الأساسية
كما لم يسعوا لفهمها من باب المعرفة بالشىء ولا الجهل به, ومن ثم فلا عجب أن يظل من يكره المسيحية مستفزا يحاول أن يستفز أصحابها بكل ما أُوتى من قوة, وذلك لكى يخرجهم عن شعور سلامهم الذى يتقزز هو منه كثيرا, وكأنه يريد أن يرى الشر منافسا له كى يزداد هو شرا, ومن ثم يبرر ما يفعله ويجعله فى خدمة الدين, ولاشك أن من يفعل ذلك إنسان يستحق الشفقة والعطف عليه لأنه لا يعل
كما أنه لم يشعر بعظمة الحب الإلهي ممثلا فى التضحية من أجل البشر التى قام بها المسيح والتى ثمنها أتباعه, ولو أن هذا الشخص الكاره عصر على نفسه ليمونة وقرأ ولو سطرا واحدا فى تاريخ المسيحية لوجد الحقيقة واضحة متجسدة أمامه موتى وقتلى بلا ذنب وبلا سيف, فبلا ذنب كونهم لم يفعلوا شيئا يستحقون عليه العقوبة اللهم إلا الحب, وبلا سيف لأنهم لم يسقطوا شهداء فى ميدان المعركة الحربية من أجل نشر عقيدتهم أو الدفاع عن سيدهم, ولوجد هذا الشخص أيضا إنتشار عالمى للمسيح فى كل بقاع الأرض إنتشار خيالى بالكلمة فقط ولاشىء غيرها
ولكن لأن هذا الكاره لا يزال يرفض الإعتراف بتاريخ ليس تاريخه, فلا عجب إذا أن نجد برهامى يسب وغنيم يلعن, لا عجب أن نجد كل يوم لاعنين جدد, ولا عجب أيضا أن نباركهم نحن كل يوم لأنهم لا يعلمون.