الأقباط متحدون - قصة الملك آيل
أخر تحديث ٠٠:٠٧ | الخميس ١ مايو ٢٠١٤ | برمودة ١٧٣٠ ش٢٣ | العدد ٣١٧٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

قصة الملك "آيل"

بقلم : د. رأفت فهيم جندي
يحكى البعض أن الملك "ايل" أصدر امرا ببناء قاعة في المدينة، فأنفق البناؤون والنساجون سنوات طويلة يقيمون هذه القاعة التي قيل لهم ان الملك سوف يحضر بها بنفسه لكي يكون في وسطهم، ولكن الملك لم يعطيهم ميعادا واضحا لحضوره، ولكن كانت مراسيل الملك "ايل" تأتى لهم كل حين تشرح للمسئولين عن القاعة مكان وصول الملك وماذا يريده منهم وماذا سيقوله ويفعله، وأمر الملك "ايل" أيضا ان يوقدوا شمعة يوميا في المكان وكل من يفعل خطأ في المدينة عليه ان يوقد شمعة أخرى ويراها وهى تذبل لكى تنير المكان. 

تعلق قلب الناس بوعد الملك وتفكروا كثيرا بميعاد وصوله، ولكن مرت سنوات طويلة ولم يحضر الملك "ايل" كما وعد، وكان الكل يسأل كل يوم عن وصول الملك "ايل" ويلتفون حول مسئولي القاعة يسمعون منهم.

انقطعت مراسيل وكتابات الملك لهم لفترة، فنسى الكثيرون وعده وانخرطوا في حياتهم، وكان هذا يغيظ مسئولي القاعة ويسارعون لتذكرة الشعب بوعد الملك بأهمية هذه القاعة، كان منهم من هو مخلص فى دعوته للشعب، ومنهم أيضا من يغتاظ فقط لأن مكانته وسط الشعب اهتزت بقلة هذا الاهتمام ولكن المكان كان دائما موقدا بالشموع.

ذات ليلة ممطرة والأرض وحلة ووسط البرق والرعد اتى للقاعة رجل فقير يسأل المسؤولين، هل هذه هي قاعة الملك؟ فلم يعره أحد اهتماما، الح في السؤال فأجابوه من طرف انفهم، فبدأ يسالهم لماذا يفعلون هذا وتلك فى هذه القاعة وهذا بغير ما طلب الملك منهم؟ استرعى كلامه الفاهم اهتمامهم بالرغم من رثه ثيابه وجادلوه، ولكنه كان فى كل مرة يفحمهم فتحول اهتمامهم لغيظ منه، بينما أخذ الناس يتبعونه ويصغون لكلماته وافعاله الممتلئة حكمة وقوة.
صار لغط وسط الشعب أن هذا هو الملك اتى إليهم متنكرا، وثار البعض كيف يكون هو الملك وهو لا يملك قوت يومه؟ وقارنوه بحكامهم السابقين وفخامة لبسهم ومسكنهم، وكلما سأله البعض صراحة هل هو الملك؟ كان يجاوب بكلمات وأفعال تدل على انه هو هو ويوبخ عدم فهمهم بينما يقول للمتشككين انه حتى لو قال لهم فأنهم لا يريدون أن يصدقوا.

اغتاظ منه جدا الكثير من مسئولي القاعة واجتمعوا للفتك به قائلين إنه أضاع هيبتنا والملك سيحاسبنا على تصديق هذا الفقير خاصة ان الشعب التف حوله وأصبحنا لا نصلح لشيء، لا بد من القاءه في البئر التي لا يرجع منها أحد!

نجح مسئولي قاعة الملك أخيرا في إلقاءه في البئر العميقة التي لا يعرف سرها أحد ولم يستطع اى شخص الخروج منها من قبل.
أصيب محبيه بالذعر وقالوا "لقد ظنناه انه اقوي منهم وانه بالحقيقة هو الملك ايل ولكن ها هم قدروا أن يوثقوه ويلقوه في البئر ونحن أيضا جبنا عن مقاومتهم وتركناه!

وبينما هم مجتمعين خائفين من انتقام مسئولي القاعة ظهر لهم فخافوا وارتعبوا ولم يصدقوا أنفسهم ولكنه طمأنهم انه هو هو الملك "ايل" وشرح لهم أنه وافق على دخوله البئر بإرادته لكى يتقابل مع ملكها الشرير ويقيده لهم فينعدم سلطانه عليهم وبخرج لهم منتصرا، وافاض لهم انه لو كان قد اتى من قبل بجيوشه فسيجبن منه مسؤولي القاعة وسيخافون من جيوشه ولن يتقابل مع ملك البئر ولهذا سمح لهم بإلقائه رغم قدرته على دحرهم.

كانت حقيقة حضور الملك "ايل" والقائه في البئر وغلبته لملكها اغرب من الخيال، وتدريجيا استطاع من أحبوه ان يفهموا وعوده من البداية وكيف انه سيسحق رأس الشر، وتبدل فهمهم من انه كان سيأتي بجيوشه لملاقاة اعدائهم لكونه سيأتي بحب وتضحيه بنفسه لكى يسحق لهم الشرير الذى لا يستطيعون غلبته، فهموا أيضا معنى الشموع التي أوصى بها لكى تحترق في القاعة لكى تضئ للآخرين والتي كانت رمزا لحياته معهم وتضحيته بدخول البئر.
فهموا تماما ان ما ظنوه ضعفا من الملك كان منتهى القوة، وتجلت الأمور في اذهانهم وقلوبهم أن القوة ليست في الجبروت واجبار الآخرين على طاعته لأنه ليس ملك بالإكراه، ولكن القوة في المحبة والتضحية من اجل الآخرين. 

غادر الملك "ايل" المكان و لكنه عين مندوبين له لكى يعرف الكل ان الملك اوفى بوعده واتى للقاعة التي أمر بأنشائها وقيد لهم الملك الشرير الذى كانوا يرهبونه، ولم تمضى سوى بضعة أيام حتى أرسل لهم عنوانه لكى يستمر تواصلهم معه.

وكان الملك يرد مراسلات كل من يطلبه ويود التحدث اليه ولم يمتنع عن رد أى مما يطلبونه لشخصه، بل في الكثير من الأحيان كان يأتي ليزور بعض محبيه بنفس هيئته التي اتى بها للقاعة، وسمح الملك بعدها بهدم القاعة التي كان امر بأنشائها والتي اساء الموكلين عليها استخدامها ورفض أن يسجلها على اسمه قائلا لهم هذا كان بيتى ولكنكم جعلتموه بيتكم.

مرت الأيام والسنوات وكل جيل ينقل للجيل الثانى قصة حضور الملك "ايل" للقاعة متخفيا وغلبته لملك الظلام ودعوته للكل للاتصال به وعنوانه أيضا لكى يراسلوه، ولكن حدث أيضا في هذه السنوات لغط كثير وانقسامات كثيرة بين محبيه، ولكن الملك ايل تركهم ينقسمون وخاطب كل فريق على حده بأسلوبهم الذى يفهمونه.

خرج البعض من هنا وهناك بعيدا عن القاعة التي حل بها الملك، ومنهم من قال للشعب لقد أرسلني الملك "ايل" لكى اصفه لكم وادلكم عليه وعلى أوامره ونواهيه.

قال لهم البعض ولكننا عرفنا الملك شخصيا عندما اتى الينا ومعنا عنوانه ونستطيع الكلام معه شخصيا ولنا به صداقة قوية، فكيف تقولوا لنا ان الملك ارسلكم لتصفوه لنا، نحن الذين نعرفه ونصادقه ولنا عًشره معه؟!

كان ردهم : أن الذى أتى لم يكن هو الملك "ايل" نفسه ولكنه كان خادمه!
استمروا يشككون الناس كيف يكون أن الذى اتى هو الملك ولم يكن يركب حصانا، وليس له أيضا قوت يومه؟ وكيف يكون هو الملك وتركهم يقتلوه، لأن الملك "ايل" لا يموت؟

واضاف البعض: اين ومتى قال الذى اتى انه الملك "ايل"؟ رد عليهم محبى الملك أن كل ما فعله وقاله يدل على انه الملك، ولكن بالطبع تشكك بعض الضعاف أنه كان الملك "ايل" نفسه.

اتصل بعض من محبى الملك به وطلبوا منه ان يثبت للكل ذاته ولكنه أجابهم انه صابر على هذا لحكمة يعلمها، وشرح لهم أن احبائه الذين ابتعدوا عنه لفترة او فتروا في علاقتهم به ازدادوا قربا منه واتصالا به بسبب شرور هذه التعاليم والذين اتبعوها فهم الذين لم ولن يعرفونه، والذين ما كانوا سيتصلون به ابدا، وطمأن الملك ايل احبائه واكد لهم أن لكل شر نهاية، وانه سوف يعود لهم ولكن ليس متخفيا في رجل بسيط ولكنه سيعود هذه المرة بقوته وسلطانه وملكوته ولكن عليهم أن ينتظروا عودته مستعدين للقائه.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter