الأقباط متحدون - مصر في ثلاثة أعوام
أخر تحديث ١٥:٠٢ | الثلاثاء ٢٩ ابريل ٢٠١٤ | برمودة ١٧٣٠ ش٢١ | العدد ٣١٧٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

مصر في ثلاثة أعوام

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

صمويل طلعت فكري
في البداية، اشكر موقع أقباط متحدون لإعطائي فرصة لنشر تدويناتي ومقالاتي اليومية بـ"مساحة رأي" لديهم بموقعهم الموقّر، وأؤكد لكم بأني لست بصدد التحليل السياسي أو الانحياز نحو طرف دون الاخر

لكنّي أهدف من كتابة هذه المقالة إلى تشريح الشخصية المصرية في ثلاثة أعوام مرّت علينا ولازلنا ندرك ونعي ونحيا في صداها، وسأتناول الجانب الروحي والنفسي والعقلي لتلك الشخصية دون التعميم وبكل موضوعية وصراحة وجرأة وشفافية بحثاً عن المرض وليس العرض حتى نصل لعلاج جذري عملي لكل ما أصابنا في تلك الأيام.

بدايةً، افتخر بمصريّتي، اعتز بانتسابي لتلك الوطن والعائلة الكبيرة، اتشرّف واحب هذا البلد الذي لم أرى مثل ابنائه في كل الجنسيات الاخرى مع احترامنا واعتزازنا لهم، رأيت في ابن بلدي البساطة والاحتمال والصبر وكرم الضيافة والكفاح والمثابرة والوطنية الحقيقية، وأمور أخرى كثيرة ولكنّي لا أفضّل الاسترسال فيها فهي أمور معروفة لديكم، ولكنّي بصدد تشريح العيوب والأعراض للبحث عن المرض الأصلي الذي يصيبنا.
والاعراض تتلخّص في الاتي:

-          أزمة هويّة وقيمة.
-          أزمة اخلاق ومباديء.
-          أزمة في العمل والبناء.
-          أزمة تقوى وشرف.
-          أزمة عنصرية وتطرّف.
-          أزمة فقر وجهل مقدّس.
-          أزمة دونيّة واحباط وهروب.
وأزمات أخرى كثيرة، لكن دعونا نشرح بعضهم بكل اختصار وموضوعية،حتى نصل لعلاج حقيقي عملي، نشاهد ونتابع احصائيات ضخمة ومفاجئة حول ارتفاع نسب التحرّش والاعتداء الجنسي واغتصاب الأطفال والعنف ضد المرأة واشغال الطفل ومشاهدة المواقع الاباحية ونكاد نتصدّر العالم بجانب بعض الدول في تلك الأمور

وايضاً كدارس للطب البشري اتابع واتعلّم وارى ارتفاعاً ملحوظاً في نسب الالتهاب الكبدي الوبائي ومرض السكر وارتفاع ضغط الدم والسمنة المفرطة والايدز والأمراض الجنسية بمختلف أنواعها وأسبابها و تعّرضنا الدائم لموجة الانفلوانزا الموسمية كل شتاء وسبّب ذلك غلق مدارس وجامعات بل وتعطيل الدارسة والعمل في معظم المحافظات في هذا العام

وفي متابعتنا المفرَطة لمواقع التواصل الاجتماعي والتوك شو في الفضائيات نرى ارتفاع ملحوظ وغير عادي في نسب المهاجرين للخارج سواء الشرعيين أو الغير شرعيين، وايضاً نرى ازدياد وانتشار أعمال العنف والسرقة والبلطجة والتعدي على الممتلكات الخاصة والعامة بلا قوانين منظّمة رادعة

وارتفاع نسب البطالة والإضرابات لانخفاض الأجور وعدم اتزانها مع ارتفاع الاسعار والغلاء الفاحش في البلاد دون حد أقصى للأجور ودون تحقيق العدالة الاجتماعية التي ينادي بها الفقير والمسكين والمواطن الذي ليس لديه فرصة عمل مناسبة لاحتياجاته الشخصية والاسرية والذي لا يهتم بمطامع سياسية أو سلطوية بل هو فقط ينادي ويطلب وينتظر عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية له ولأسرته ولغيره حتى يستطيع أن يتكفّل بقوت اليوم دون التسوّل والسرقة والبلطجة والتعدّي والإضراب وأساليب أخرى كثيرة قد نتحاشاها اذا نظرنا بكل موضوعية للفقر المستشري في البلاد

وقد نتفاجىء بأنه يوجد أناس لا يتعدّى راتبهم اليومي 3 – 5 دولار بالرغم من غلاء الأسعار واتجاه الدولة،بحسب الإعلام،الى ارتفاع نسبة الدعم على الاحتياجات الأساسية للمواطنين، ومن الفقر نتجه لأزمة عقائدية كبرى، وهي اللا دينية و اللا أدرية العنيفة المتطرّفة التي بدأت في الظهور بوضوح وبنسب مرتفعة في مجتمعاتنا، وقد أرى وألحظ بأن السلطة الكهنوتية للدين وايضاً السلطة الأسرية والفشل الاجتماعي والمرض النفسي هي عوامل مساعدة بل وقد تكون أسباب رئيسية في ظهور تلك الأزمة الان

وأؤكد احترامي وتقديري لكل من يفكّر وينتقد بعقلانية وموضوعية وإخلاص وبساطة وإتضاع في وجود الله والإنسان والقيمة والهوية والحب والحياة والخلق والتطوّر وكل الاسئلة الهامة بالحياة، بجانب هذه الأزمة، وعلى النقيض لها، تنتشر موجة أصولية راديكالية عنيفة تهدف بنا للرجوع للماضي دون الحاجة للعِلم والعقلانية والنقد والتساؤل والشك والتفكير، وتحرِّم الفن والإبداع، وتلفُظ المرأة وتشيطنها، وتتقن الافتاء اليومي والتفسير المزاجي المتغيّر للنصوص المقدّسة طبقاً للزمان والمكان والظروف المحيطة، وتكفِّر المُعادي لها وتكتم أفواه السائلين والناقدين حتى يصل الأمر الى الافتاء بقتلهم ورجمهم وتطبيق "الحدود" عليهم

لا أريد مزيداً من الاسترسال في عيوبنا وأزماتنا، لكنّي وبكل أمانة أصل للمرحلة الأخيرة من رحلتي معكم في هذه المقالة،وهي التشخيص المرضي والعلاج، وقد نختلف في التشخيص العام نظراً لتعدّد العيوب والأزمات، لكنّي أرى بأن أًصل أزماتنا هو أنفسنا، من داخلنا، وما يدل على ذلك هو استمرار أزماتنا وعيوبنا بتغيير رؤوس الأنظمة السابقة وايضاً اللاحقة

وأخشى أن أتجرّأ وأقول بأنها تزداد ولا تنقُص، لذا نحتاج أن ننظر لأنفسنا، وأن نعترف بأخطائنا، وأن نطلب تغييراً جذرياً حقيقياً يبدأ بتوبة صادقة قلبية لتغيير مسار الحياة والفكر والعقل والدوافع والنيّات، ينشأها الله فينا، يليها معرفة حقيقية وإيمان و ووعي وإستنارة وإدراك روحي لله، ينتج هذا فيناً تنويراً فكرياً وروحياً وثورة سلوكية أخلاقية

ومعرفة واحترام وتقدير لله والنفس والاخر، لذا يكفينا ماضي أليم اتسم بالشعارات والعظات الجامدة الجوفاء، وإدانة للأخرين دون إدانة أنفسنا، فلنعظ أنفسنا ونعترف بذنوبنا ولنعرف الله الغير محدود ولنتجرّد من كل مسلّمات وطقوس وفرائض وشعائر غير منطقية لا تساعدنا كوسائل لمعرفته وعبادته بل أصبحت غايات نمارسها دون إقتناع واستمتاع بالله والحياة والإنسانية، ,وأصبحت الأديان،التي في رأيي نظريات بشرية للبحث عن الله، أسياد قاسية ومخدِرات ومُسكِنات دون شفاء لحاجة أرواحنا لله أبو الأرواح والمُطلَق، فلنصح ونسهَر، ولنعظ أنفسنا، والإستنارة قادمة لا محالة.
وللحديث بقية..
 
ملحوظة: أؤكد احترامي وتقديري لكل فكر ورأي وعقيدة وديانة وما انتقده هو التديّن الشكلي والجهل المقدس الذي أدى بنا لازدياد وانتشار لتلك الظواهر والافات والأزمات في شخصيتنا المصرية.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter