بقلم: أيمن عبد الرسول
اليوم الموافق 13مارس يتم أبي وأستاذي الدكتور سيد القمني عامه الثالث والستين، فكل عام وهو شامخ كالجبل، علم على آخر الرجال المحترمين في زمن أشباه الرجال، هو بيننا الآن رمزًا للتنوير والانتصار للحرية والدولة المدنية والعقل، حين تحاصره المحن فلا يهتم، علاقتي بأستاذي وصديقي وأبي سيد القمني كونها الواقع وحكمها التوقع وتخللتها الواقعية، أحبه حبين، حب العقل لمفكر ساهم بدون شك في تعبيد الطريق الوعر لجيل من الباحثين منهم أنا في أن يقولوا كلمتهم المختلفة في زمن أصبح فيه القابض على فكره كالقابض على الجمر، أحبه حبين هذا أولهما أما الذي هو أهل له فدماسة خلقه التي عودني عليها منذ زمن بعيد، عرفت فيها منه كيف يكون المفكر أبًا لأولاده في المنهج والطريق وتقديم الدعم والمساعدة لكل من يطرق بابه المفتوح للجميع، رغم الحراسة الأمنية وتحسبات الزمان اللئيم!!
عرفته في يونيه1999، كنت أعمل صحفيًا في وكالة الصحافة العربية، وكان كتابه "رب الزمان" يحاكم محاكمتين، الأولى قضائية، والثانية ويا للمهزلة صحفيًا، اتصلت به لإجراء حوار، كنت وقتها متخصصًا في الحوارات الفكرية مع د.نوال السعداوي, د.عاطف العراقي، وغيرهم وكنت سأستكمل برنامجي الحواري بالتواصل مع د.نصر حامد أبو زيد، ود. سيد القمني , في البداية أعلن عدم إجراء حوارات صحفية ردًا على المرارة التي عانى منها في تشويه حواراته، انتابني حزن شديد لأني من مؤيديه لا من معارضيه، فوسطت صاحبة اكتشافي "فريدة النقاش" بيني وبينه، وقامت بالأمر كما عهدتها، وبدون مقدمات رن هاتفي المنزلي بصوت الدكتور سيد ودعاني للتعرف قبل إجراء الحوار، وكان أن تحقق الحلم!!
استقبلني بمحبة كأننا نعرف بعضً من سنين ورحب بي ضيفا دائمًا بل أكثر من ذلك بعد إجراء الحوار في مكتبه (المركز المصري لبحوث الحضارة) والذي شرفني بعدها بإدارته بعد ترك العمل بالوكالة أصبحت أرى نفسي ابنًا من أبنائه وتحمل من طيش تلك المرحلة، رسالة احتجاج شديدة اللهجة أرسلتها مع صديق له لأعتذر عن العمل لأسباب تتعلق بسوء الأحوال المادية وكأنني حاسبته على قدري وحدثت الوقيعة الأولى!!
لم يتصل لمعاتبتي ولم يعقب شكي لصديقي صدمته في وكفى، لكن المفاجأة المذهلة كانت في أنه يتابع تطوراتي، ويقول لكل الناس إنني تلميذه النجيب ولربما ساعدني دون أن أدري في تحقيق التجواب والانتشار، إذا كانت لي ندوة يحضرها ويعضدني، ويدفع عني، كنت محرجًا من نبله، والتقينا كأن شيئًا لم يكن لم يعاتبني مما زاد ثقل امتناني له وحملني دينًا كبيرًا لن أوفيه مهما فعلت!!
وعادت السنون تفعل فعلها في الوقيعة، وتقلبات الزمن وهو يقرأ كتابي الأول في نقد الإسلام الوضعي، ويناقشه معي، ثم يدعمني بالثناء في كل حين.. أبي سيد القمني أكتب لك الآن معلنا أسفي على ما فعلت لأن محنتك الكبرى التراجع عن الكتابة التي تعرضت لها في 2003 لم أكن بجوارك فيها وإن شاركت في معركتك الأخيرة بعد الحصول على جائزة الدولة التقديرية والتي جاءت لتؤكد أنه لا يصح إلا الصحيح، وأشياء أخرى أنت تعرفها وأعدك بالانتصار للوطن رغم المحن!!
كل عام وأنت نبراس لنا على طريق الحرية والمدنية داعمًا ثابتا راعيًا لجيلنا مهما حدث منا تجاهك!!
كل عام وأنت الأب والمفكر المواطن المصري الحر رغم كل التحديات، لأنك يومًا ما ستعرف أن مجهودك لم يضع هدرًا وإنا لك لممنونون وبوجودك معنا مطمئنون.