بقلم: ماجد سمير
"يارب ولد" وكذلك "آه يابلد عايزة ولد".. وغيرها هي من المقولات الشهيرة التي يقولها ويحفظها معظم أفراد الشعب المصري عن ظهر قلب، فالشعب في انتظار "الولد المُخَلِّص"، الشعب بات على مر العصور المتتالية ينتظر الزعيم المخلص، لذا كان من الطبيعي أن تجد محاولة البرادعي لخلق نوع جديد من التفكير لدى العقل الجمعي المصري، كثيرًا من "التتنيح" الذي ينم عن عدم الاستيعاب، لأن العقل الذي ظل عقودًا طويلة يعيش في ظل الراعي الملهم، وترسبت داخله فكرة الأب الذي يرعى أولاده، يفكر لهم، ويختار لهم، لأنهم لم ولن يبلغوا سن الفطام، لا يعرف كيف يتطور دون إذن الأب.
والحديث عن الديمقراطية وعن مشاركة الشعب بشكل فعال على أن يكون طرفا أساسيًا في التغيير، لأنه بكل بساطة أساس ومصدر كل السلطات، كان شئيًا مختلفًا جعل الشعب يلف حول نفسه، ويسأل بكل صراحة: "كيف نشارك؟"، فبات كأنه النداهة، والحصول على جزء صغير من الحقوق سيصحبه فورًا فتح الفم نصف فتحة، يصحبها الجملة الشهيرة الخاصة بمن رأى النداهة فجأة أمامه فقال: "فينك ياما تشوفي الأملة اللي أنا فيها"، والتنوية الدائم في وسائل الإعلام الحكومية حول أننا نعيش في أزهى عصور الديمقراطية وحرية التعبير مجرد تعبير حكومي عن أوضاع لا تتعدي في حقيقتها أن الكل من حقه يتحدث كيفما يشاء والحكومة أيضًا من حقها أن تفعل ماتريد.
ورهان البرادعي على الشعب ربما يكون خاسرًا لأن الشعب الذي كان على مر تاريخه إخشيديًا مع الأخشيد، وطولونيًا مع ابن طولون، وأيوبيًا مع الأيوبي، لن يكون يومًا فاعلاً ينتفض على فلسطين والقدس ويعيش بجوار الحائط فور الحديث عن حقوقه السياسية الطبيعية.
والشىء الذي يساعد على صعوبة تحقيق ما يحلم به البرادعي, وهو أن يأتي يوم يطلب فيه الشعب بشكل سلمي تعديل الدستور، هو أن هناك جزءًا كبيرًا من المصريين لا يفكر إلا في كيفية إشباع البطون الفارغة، الجهاد اليومي من أجل الحصول على الوجبات الثلاثة، الجزء الوحيد الذي له علاقة بالحياة الخارجية، ولو هناك سمة حديث عن الديمقراطية أو الليبرالية وسط ارتفاع أسعار اللحوم، وعلى سبيل المثال سيرد أحد المطحونين في في طاحونة الوطن المحبوسبن على ذمة الحاجة للطعام: "نحن لا نريد أكثر من ديمقراطية اللحمة وليبرالية الفتة".