الأقباط متحدون - الأباحة والاستباحة
أخر تحديث ٠٠:٥١ | الاثنين ٢١ ابريل ٢٠١٤ | برمودة ١٧٣٠ ش ١٣ | العدد ٣١٦٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الأباحة والاستباحة

بقلم: مينا ملاك عازر

كنت أعرف قديماً أن أصحاب الألسنة الطويلة أصحاب أيادي قصيرة، ولو كان لدى المرأ ما يفعله ما قال، ولكن الكارثة أن جماعة الإخوان تجمع بين أعضائها من هم أصحاب ألسنة طويلة، ومن هم أصحاب أيدي طويلة، فجمعت ما بين الإباحة والاستباحة.
 
فترى من يستبيحوا القتل وهدر الدماء، وإراقتها على الهوية، وعلى اختلاف أيديولوجي، وترى من يصفق ويهلل لهم، ويستحسن أفعالهم، هذا يمسك سلاحاً، وذاك يمسك كيبورد، هذا يستبيح دماء المعارضين، وهذا بأباحته يستبيح أعراض المعارضين وقيمتهم، ولا يحترمهم، جماعة تخلط بين أعضائها، بين من هو موهبته الدم والعنف وسفك الدماء، ومن هو موهبته العنف اللفظي والسب والقذف، وقصف المحصنات وغيرهن.
 
جماعة الإخوان ليست هي الوحيدة التي تفعل هكذا في بلادنا للأسف، فقد ظهر من بيننا من تخلى عن قيم وأدبيات وآداب الاختلاف الموضوعي والمهني، فصرنا ننهش في بعضنا البعض حالما اختلفنا سوياً، ننافس بعضنا البعض في الإساءة لبعضنا.
 
وقبل هذا كله نسيء لأدياننا وأعرافنا، وقيمنا وأخلاقنا الموروثة، فترى من يدعي الشرف ينكره على غيره، وينتهك عرض خصومه علناً دون ضابط أو رابط، ودون أن يخجل من نفسه بتلميحات بذيئة تتجاوز في بعض الأحيان لتصريحات مسفة ومؤسفة، وكله مباح ما دمنا على خلاف وبيننا اختلاف، المهم أن يصب هذا كله في مصلحتي ويقضي على سمعة الآخر التي هي ليست محل الصراع ولا النزاع، ولامحل اختلاف، المهم أن أخرج من صراعي معه الذي هو في الأصل، اختلاف بسيط استحال بفعل الغضب والحقد إلى حرب وليس فقط صراع، أقول المهم أن أخرج من صراعي مع خصمي لست منتصراً فحسب بل مكبده أكبر خسائر نفسية وأدبية، ويا ليتني أستطيع تدميره تماماً والقضاء عليه قضاءاً مبرماً.
 
الكارثة الحقيقية في صراع الإخوان معنا وصراعنا مع الآخرين، أننا لا نعي أننا بأباحتنا المتزايدة على الفضاء الافتراضي، نكون بهذا قد استبحنا كل شيء، فنكون قد جمعنا بين الأباحة والاستباحة في فعل واحد مهين ومشين لأنفسنا، قبل ما يكون مهين ومشين لمن وجهنا له فيض أباحتنا، إذن نحن بهذا نعبر عن بيئة مجتمع افتقر للتربية السليمة، انظروا أين وفي أي مكان في العالم يصل الصراع السياسي بين الخصوم السياسيين إلى صراع إباحي استباحي لقتل الآخر، إلا في المجتمعات غير المتمدنة وغير المحترمة، فلماذا نصل بأنفسنا لهذه الحالة؟
 
وإن كان بيننا جماعة يستبيح أعضاءها الأباحة والدم فلنلفظهم ولنسلط على كلامهم الضوء، كفانا أننا مضطرين أن نسلط على أفعالهم الشنعاء الضوء، دعونا نجبرهم أن يعيشوا في فضائهم الإلكتروني والافتراضي بعيدين كل البعد عن الأدب ولا نشعرهم بقيمتهم بأعطاء تصريحاتهم الإباحية والمستبيحة قيمة، فنحن بهذا نساعدهم على أن يزيدوا فيها، ويشعروا أنهم يفعلوا شيء له قيمة.
المختصر المفيد جرح الصوت يخدش أما جرح اللسان فيسحق.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter