بقلم نسيم عبيد عوض
منذ حوالى ثمانى أسابيع بدأ المسيحيين فى أنحاء الأرض صيام طويل ‘ ونحن هنا فى الشرق نصوم 55 يوما ‘ يبدأ بأسبوع الإستعداد ‘ ثم الأربعين يوما التى صامها السيد المسيح نفسه ‘ يليها الأحتفال بعيد الشعانين – الذى هو عيد الخلاص- والكل يهتف مبارك الآتى بإسم الرب ‘ ثم صلاة يومية طوال أسبوع الألام ‘ ثم اليوم العظيم أو الجمعة العظيمة
إثنتى عشر ساعة على الأقل صلاة فى الكنائس وفى صوم إنقطاعى لكل الشعب‘ وبعده فرح وبهجة فى سبت النور وينتهى الأمر بإحتفال المسيحيين بعيد القيامة المجيد فجر الأحد ‘ وللجميع ولقرائى خاصة منى تهنئة قلبية بالعيد ‘ متمنيا إستمرار روح العبادة باقى الأيام كما كانت عند بدأ الصوم الكبير ‘ فى توبة ومحبة وتقديم رائحة المسيح الذكية لكل العالم بسلوك مسيحى نقى.
ومحور عبادتنا هو شخص السيد المسيح ‘ وانا لا أود أن أطيل فى كلام لاهوتى أووصايا وفرائض‘ قد إمتلأتم بها طوال الأسابيع الماضية ‘ وبكل بساطة وبسطور قليلة نتحدث مع قرائنا عن شخصية السيد المسيح التى هى حقا عجيبة كما قالت النبوة عنه قبل 750 عاما على تجسده " ها العذراءتحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل ."إش7: 14‘ ( وترجمة عمانوئيل الله معنا) ‘وأيضا" لانه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفيه ويدعى اسمه -عجيبا - مشيرا الها قديرا ابا أبديا رئيس السلام ."إش 9: 6‘ وشخصية السيد المسيح تتضح لنا من مظاهر شتى :
1- شخص المسيح الذى إلتف حوله الملايين وآمنوا به. 2– بل إستشهد من المؤمنين به وعدم التخلى عن حبه الملايين أيضا. 3– شخص لا مثيل له أحدث تغييرات فى العالم وفى نفوس البشر بتعاليمه ووصاياه. 4– أيضا لا يوجد مثله شخص قاومه العالم مثلما تعرض السيد المسيح وأتباعه 5– حتى أن المسيحية منذ نشأتها وظهورها صارت هدفا لهجمات وإنتقادات ومقاومات قديما من اليهود ثم العالم الوثنى وحاليا من عالمنا المعاصر. 6– السيد المسيح وهو بعد جنين فى بطن أمه القديسة العذراء مريم تثار الشكوك حولها حتى أن القديس يوسف اعتزم على تخليتها سرا لولا ظهور الملاك له ويخبره بان الروح القدس هو سبب الحمل المقدس.(مت1: 19) 7– عند ميلاده قام هيرودس الملك بقتل صبيان كل بيت لحم م(144 ألفا) من أجل قتل الطفل يسوع"مت2: 12" ثم ماتلى ذلك طوال ثلاث سنوات وأربعة شهور هى حياته على الأرض من مقاومات وتشككات وتجاديف ومحاولات لقتله وأهانات وآلام لا تحتمل انتهت بصلبه وموته. 8– ثم مالحق بالمؤمنين من أهوال ووحشية غطت دمائهم أرض المسكونة كلها وحتى يومنا هذا يستشهد الكثيرين من المسيحيين بسبب إيمانهم بالمسيح وكلمته.
ولا عجب ان تقول النبوة عنه " لماذا ارتجت الأمم وتفكر الشعوب فى الباطل ‘قام ملوك الأرض ‘وتآمر الرؤساء معا على الرب ومسيحه قائلين لنقطع أغلالهما ونطرح عنا نيرهما."مز2: 1-3‘ ولكن لم يتحقق لهم ذلك فالمسيحية يؤمن بها اليوم أكثر من 2 بليون نسمه على وجه الأرض والإيمان المسيحى ينتشر بسرعة فى بلاد مثل الهند والصين بالملايين كل عام .
ولكى نقترب بادراكنا البشرى بالإيمان أولا وبالعقل ثانيا ‘ وقبل كل ذلك بالروح القدس من شخصية السيد المسيح ‘ نسأل أنفسنا سؤال ‘ هل كانت البشرية فى حاجة حقا لشخص السيد المسيح؟ ‘ والإجابة على هذا السؤال وعلى الفور نعم (بدون التعمق فى علوم اللاهوتيات) ولأسباب عديدة نخص منها فقط هنا سبب الفداء والخلاص للبشرية كلها
لأن سقوط الانسان فى خطية المعصية والتعدى على الله ‘كان نتيجته الموت حسب أمر الرب (موتا تموت. تك2: 16) ‘ وبالفعل طرد من الفردوس الى الارض محكوما علية بالموت ‘ وتحول الانسان الى جسد يملأه الفساد ‘وأنتقلت الخطية والشر وبالتالى الموت الى كل نفس واللعنة على كل الخليقة‘ فقد اختار الانسان العصيان بارادته ‘ واستهان بمحبة الله له ‘ واصبح واقعا تحت حكم الموت ‘ ولكن الله لعطفه وحنانه لم يترك البشر المحبوب له الذى خلقه على صورته ومثاله ‘ ولأن محبة الله لا تتغير ولم تتأثر بخطية الانسان فمازال يحبه ‘ ولا يمكن ان يسمح له بالهلاك ‘ ولذا وآدم خارج من الجنة هو وامرأته حواء عاريين صنع لهما أقمصة من جلد حيوان تم ذبحه والبسهما لكى يغطوا عريهم (تك3: 21)‘ ولأن الجسد العارف للشر والملبس بالفساد لا يمكن له البقاء فى الفردوس الذى هو حضرة الله القدوس ‘ عاشوا فى الأرض ‘ولكن الله بمحبته أصدر وعدا بالخلاص ‘ وخاطب الحية – إبليس الذى أوقع بآدم- " أضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلها - هو - يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه ." تك3: 15 ‘ وكلمة هو تعود على شخص السيد المسيح المخلص ‘ وكقول الكتاب " ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة مولودا تحت الناموس ليفتدى الذين تحت الناموس لننال التبنى."غل4: 4.
وما كان تقديم الذبائح الحيوانية المستمر لغفران الخطايا التى أمرت بها الشريعة فى العهد القديم ‘ ماهو الا لتذكرة الانسان انه محتاج الى وسيط يخلصه ‘ وكما يقول الرسول " لأنه لا يمكن ان دم ثيران وتيوس يرفع الخطايا ‘لأن الناموس لا يقدر أبدا بنفس الذبائح كل سنة التى يقدمونها على الدوام ان يكمل الذين يتقدمون ." عب 10: 1و4. كانت هذه الذبائح فى جملتها ترمز لذبيحة السيد المسيح الذى أتى وقدم ذاته " ليبطل الخطية بذبيحة نفسه."عب9: 26‘ " الذى حمل هو نفسه خطايانا فى جسده على الخشبة لكى نموت عن الخطايا فنحيا للبر الذى بجلدته شفيتم."1بط2: 24‘ هكذا أتى السيد السيح من أجل فداء وخلاص الانسان ‘والذى ليس بغيره الخلاص‘ ومعنى الفداء أن هناك وسيطا دفع الصك عنا ‘ وأمات فى جسده الخطية والموت ذاته ‘ وليصالح بنا السموات ‘ وبهذا المعنى كان المسيح هو الوسيط والفادى." وهكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية."يو3: 16 و"لانه لم يرسل الله ابنه الى العالم ليدين العالم بل ليخلص- به- العالم."يو3: 17. وبهذا نكون" مولدين ثانية لا من زرع يفنى بل مما لا يفنى بكلمة الله الحية الباقيةالى الابد."1بط1: 23.
هكذا كانت حتمية ذبيح الصليب وحتمية القيامة ‘ والصليب والقيامة هما وجها الفداء والخلاص ‘ولا بديل لأحدهما عن الآخر ‘وهذا هو إيماننا الأقدس‘ وبدون الدخول فى التفاصيل الإيمانية بالصليب والقيامة اليوم ‘ وقد نفسرهما فى مقال قادم ‘ولكن فى النهاية تم الفداء والخلاص وكما يقول الكتاب" الذى يؤمن به لا يدان والذى لا يؤمن قد دين لانه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد." يو3: 18‘ أهنئكم جميعا بعيد القيامة المجيد وكل سنة وأنتم جميعا طيبين.