الأقباط متحدون - تاتشر وطنطاوي
أخر تحديث ٠٠:٠٩ | الاربعاء ١٦ ابريل ٢٠١٤ | برمودة ١٧٣٠ ش ٨ | العدد ٣١٦١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

تاتشر وطنطاوي

 بقلم : مينا ملاك عازر

تقف مارجريت تاتشر المرأة الحديدية، رئيسة وزراء بريطانيا في العقد التاسع من القرن العشرين في المواجهة مع المشير طنطاوي الذي كان يترأس المجلس العسكري الذي كان يدير شئون البلاد المصرية في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، وذلك فيما يشبه التناقض البين والصريح، والمقارنة البناءة غير الجارحة لأحدهم والكاشفة، لماذا تاتشر هي المرأة الحديدية؟ ولماذا طنطاوي هو من سلم مصر للخراب الإخواني؟
 
والمواجهة والمقارنة والتناقض ينبعون من موقف كلا الشخصين من مذبحتين جرتا على أرض بلادهما، تاتشر ومنذ خمسة وعشرون عاماً وبالتحديد في الخامس عشر من أبريل لعام 1989 شهدت بلادها مجزرة راح ضحيتها 96 قتيلاً إثر مباراة كرة قدم جمعت فريقي نوتينجهام فوريست وليفربول، وطنطاوي شهد عصره مجزرة راح ضحيتها 74 قتيل إثر أيضاً مباراة كرة قدم في إستاد بورسعيد جمعت بين فريقي الأهلي المصري والمصري البورسعيدي، ومع الفرق الشاسع بين نوتينجهام فوريست وليفربول من ناحية والأهلي المصري والمصري البورسعيدي من ناحية أخرى، يزداد الفارق مع مقارنتنا لمعالجة كلا من زعيمي البلدين حينها لهذه الأزمة، فكلنا نتذكر ماذا قال طنطاوي حينها للاعبو الأهلي حين استقبلهم في المطار حيث قال لهم إنتم عارفين مين إللي عمل كده! وأنا مش عارف ليه سايبينه، في تحريض واضح وصريح على أن يأخذ المكلومين والثكالى ثأرهم بأيديهم، وهو ما يعد تغييب تام لدولة القانون، علماً بأننا لم نعرف الجناة الحقيقيين ومدبري المجزرة للآن ولماذا تمت؟ ولم يكشف لنا هو نفسه عن ذلك رغم تركه للسلطة من سنوات، أما المرأة الحديدية فقالت "لقد جلبتم العار على بلادنا، وسأعرف كيف أعيد الضبط والأمن لمدرجاتنا" وقد كان، فقد اكتفت تاتشر بهذه الكلمات القليلة لتملأ باقي وقتها بتأمين مدرجات كرة القدم وإعادة تهذيب المشجعين البريطانيين أكثر مشجعي العالم تعصباً، ورغم أن مذبحة مشابهة تكررت على أيدي مشجعين بريطانيين في عام 1994 إلا أن المذبحتين اللتين كان طرفهما إنجليزي، ورغم عدد القتلى المتفوق على القتلى المصريين إلا أنها لم تكونا بالحرفية في القتل الذي شهدته المذبحة المصرية، ولم يبدو بها أيدي خارجية، على كل حال نجحت تاتشر في تحجيم ظاهرة الهوليجانز الإنجليزي، ولم يستطع طنطاوي حتى عن الكشف عن القتلى الفعليين رغم علمه بهم كما قال للاعبين،  ولم يملك إلا لغة تحريضية وهادمة لدولة القانون، فاستمرت بريطانياً في نجاحها واتجهت مصر لأيدي الإخوان المسلمين ليقضوا عليها لولا تدخل القدر بإفاقة الشعب المصري في ثورة الثلاثين من يونيو.
 
أخيراً، كتبت هذا المقال إحياءاً لذكرى مذبحة هيلسبير وتحية واحتراماً لجماهير ليفربول ونوتينجهام فوريست، الجماهير التي أحيت الذكرى بأدب وبشكل جمالي دون أن يمنعوا مباريات ولا يخربا ولم يشاغبا، لأنهما احتفلا في إطار دولة تعلي قيمة القانون وتنهي على البلطجية والمشاغبين، ولا تتفاوض معهم وتطرح حقوق الإنسان جانباً لو تعارضت مع مصلحة البلاد العليا.
المختصر المفيد تحية للمرأة الحديدية تاتشر.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter