عرض / سامية عياد
لاشك أن الخطية حين تستعبد الإنسان روحيا وتسيطر عليه يفقد كل قدرة على الحركة نحو الله ، هذا هو شلل الإرادة المحتاج للشفاء ، لذلك فإن الرب بمجيئه كشف عن الكنز العظيم الذى يفوق كل اللآلىء ليمنح الغنى والشفاء عوض الاحتياج والمرض الذى يوصل للموت بعد العجز والمعاناة.

يحدثنا نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية عن معجزتى شفاء صنعها الرب تشير كل منها الى شفاء الإرادة البشرية الضعيفة المشلولة بسبب الخطية من خلال الرب المخلص ، معجزة شفاء المخلع بعد 38 سنة ملقى بجوار بركة حسدا بكلمة واحدة قالها الرب له "قم احمل سريرك وامش" ، فشفى ذلك المخلع .
كلمة يسوع تعنى مخلص وايضا تعنى الشافى ، إذ هو طبيب الروح والنفس والجسد ولكن فقط لمن يريد ، لذلك سأل المفلوج : أتريد أن تبرأ ؟ ، فالذى أمرضت الخطية روحه وتأثر جسده وصار مخلعا صارت نفسه ايضا متألمة مستعبدة محتاجة.

معجزة خلق عينين للمولود أعمى إذ تفل الرب على الأرض وصنع طينا وطلى به عينى المولود أعمى ليذهب الى البركة ويغتسل بالماء فيعود بصيرا ، وفى ذلك إشارة واضحة للظلمة التى صارت فيها بعد الخطية واحتياجها للنور والاستنارة الداخلية أكثر من النور الخارجى.

ومقالا اخر لنيافة الأنبا يوسف أسقف تكساس جنوب أمريكا بعنوان "أتريد أن تبرأ ؟"  ، يحدثنا فيه عن أن خلاص الله للإنسان مرهون بإرداة الإنسان نفسه ، لما أرد السيد المسيح أن يمنح الشفاء لمريض بركة بيت حسدا سأله أولا أتريد أن تبرأ ؟ ، ونفس السؤال سأله لبارتيماوس الأعمى " ماذا تريد أن أفعل بك ؟" ، وسأله أيضا الأعميان " ماذا تريدان أن أفعل بكما؟" ، قد نستغرب لماذا سأل السيد المسيح  هذا السؤال العجيب؟ و هؤلاء تواقون للشفاء بفارغ الصبر ؟ .

الله لا يفرض خلاصه على الإنسان ، هذا الخلاص مرهون بإرادة الإنسان ، لعل هذا هو ما جعل القديس أوغسطينوس يقول " إن الله الذى خلقك بدونك لا يريد أن يخلصك بدونك "، الله يريد أن جميع الناس يخلصون ، لكن الله لا يريد ما لم يرد الإنسان أولا " كم مرة أردت .. ولم تريدوا!" ، وإرادة الإنسان تختلف عن إرادة الله فى أنها لا تحمل فى ذاتها قدرة ، لكن عندما تميل إرادة الإنسان غير القادرة فى ذاتها نحو الله فإنها تتحد بإرادته القادرة فى ذاتها وعندئذ تحصل لذاتها على قدرة الله .

هدفنا من الصوم المقدس أن نتوب فننال المغفرة و الشفاء من الله المخلص .