الأقباط متحدون - فصل من رحلة حياتي الحالية
أخر تحديث ١٣:١٨ | الجمعة ١١ ابريل ٢٠١٤ | برمودة ١٧٣٠ ش ٣ | العدد ٣١٥٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

فصل من رحلة حياتي الحالية

بقلم : لطيف شاكر
احبائي الغاليين :لقد كاد الموت ان يقتلعني هذه الايام القليلة التي خلت وتحرمني من متعة التلاقي مع اسرتي الفيسيوكية حيث داهمتني ازمة قلبية يبدو انها كانت متربصة بي منذ مدة واهملتها ولم اعيرها اهتماما او اعطيها اذانا صاغية وغالبا لااكترث بنصائح الاطباء .

وفجأة شعرت كأن سقف البيت نزل ليعانقني و جثم علي صدري وكأنه لم يراني من زمن مع اني كل يوم تحت سقفه , فضاقت نفسي حتي اصبحت غيرقادر علي التقاطه او التنفس بشكل طبيعي , وكانت نبضات القلب سريعة جدا يبدو انها مستعجلة ان يفوتها قطار الموت ووصلت 150 في الدقيقة واصرت عدم النزول الا قليلا , وكان هذا كله ليلا لم يمهلني هذا الحدث حتي الصباح ونُقلت علي اثرها الي حجرة العناية بالاسعاف السريع الذي لم يستغرق بضع دقائق منذ لحظة الاتصال بهم ودائما تأتي مع سيارة الاسعاف المجهزة طبيا كمستشفي متنقلة سيارة مطافئ فقلت بابتسامة صفراء لواحد من الطقم هو عربة الاطفاء جاءت لتطفي نار القلب فابتسم ولم يرد كل شئ في امريكا سريع وجاهز مثل المباني جاهزة الصنع , والحقيقة طاقم الاسعاف والاطفاء, وعلي جانب كبير من النشاط والخدمة والمهارة ..انهم يحترمون الانسان مهما كبر في العمر.

وفور دخولي الي المسنشفي استقبلني طاقم الاطباء والخدمة وكأنهم جيش بألوية من اطباء الرحمة يتناوبون علي وكأنني المريض الوحيد , ويبدو ان كل المرضي شعروا بنفس الاحساس لان لكل مريض طاقم خاص , ومكثت ثلاثة ايام لن اذق فيها طعم النوم بسبب تردد الاطباء باجهزتهم المتفوقة المحدثة يوميا لهزيمة المرض ودحره وكانت سرعة الحركة سمة مميزة لهم فهم يعملون بصمت والاشارة لغتهم .

وعندما فحصوني افادوني – بصراحة - افهموني ان حجرة من القلب مسدودة اي غضبانة ولاتريد ان تتعامل مع جيرانها(مخترقة ) وسدت في وشهم الباب مما عطل سير حركة الدماء في الحجرات الاخري وبالتالي زادت ضربات القلب حتي تستعيض كمية الدم بقوة وافادني الطبيب ان الحجرة الزعلانة (الوصف من عندي )سيؤدي غيظها الي تجلط الدم بها وفي (خسة) ترسل الجلطة الي اي جزء من الجسم لتشل حركته او الي المخ فتسبب سكتة دماغية (غزوة اخوانية ) ووضع امامي عدة اختيارات افضلها متعب لكن تؤدي الي الشفاء ومن ضمن هذه الاختيارات وافضلها الصدمة الكهربائية لتنشيط عمل الحجرة.

..في الحقيقة رغم اني كنت موهوما الا انه لابد ان اواجه الموقف بابتسامة فقلت للطبيب عندنا في مصر اللي عايزين يعاقبوه يدخلوه مستشفي الامراض العقلية ويعطوه صدمة علي عقله, لكن يبدو الوضع مختلف احنا بناخذها ننشط عقل الفكر لكن عندكم بتاخذوها عشان بتنشطوا قلب العاطفة, صدقوني الرجل نسي نفسه وضحك جدا وقالي انت بتكلم بطريقة غير عادية فضحكت وقلت له المجانين كده بيكلموا بطريقة غير عادية بس هم بيحسوا هم فقط العقلاء فاستغرق في الضحك فاردت ان اختم كلامي بحكمة مصرية فقلت له المصريون كان بيعتبروا العقل في القلب بس مش حقول ليه دلوقتي فانتبه للكلام برهة وقال لازم نتقابل وانصرف .

جاء ابني د.ريمون وهو طبيب قلب وطيب القلب بعد مروره علي رئيس قسم القلب اياه وسألني انت عملت ايه في الراجل ده بيقولي ان ابوك دوخني وخلاني لازم اقرا عن تاريخ المصريين لابد ان اتقابل معا ,فرد د.ريمون مشكلة بابا لو فتح في التاريخ المصري مش حيقفل لانه عاشق للتاريخ المصري ..انا غير مسئول
المهم انصرفت الثلاث ايام الثقيلة بلياليهم الطويلة وابتعدت عن لذة ونعمة التواجد مع عائلتي الفيسبوكية وحرصت اخفاء مرضي حتي لايتركوا مشاكلهم ومصايب الوطن ويهتموا بالمجاملة الطيبة وهي سمة المصريين المتوارثة عن عادتنا المصرية الاصيلة علي حساب الاهم ..وهذا صدقوني لااحبذه فالمحية في القلب اغني,, ونحن نتبادلها في القلب اكفي .

يهمني ان اعطي للمستشفيات امريكا حقها فهذه المستشفي مبنية علي ربوة عالية ويحيط بها حدائق غناء ابدع تقسيمها وتوزيع زهورها عقلا عبقريا بحيث ممكن النظر من اي شباك تتمتع عيناك باجمل المناظر والورود الي مسافة بعيدة جدا مع خضرة ممتدة ابعد من رؤية العين ..
واتذكر في هذه المناسبة قصة طريفة: شخصان دخلا احدي المستشفيات فكان الجالس يجوار الشباك يحكي كل صباح للمريض الاخر جمال الزهزر والسماء الزرقاء تتعانق من حسن المناظر البهاء , والبحيرات تتمخطر في انسياب متناسق , حتي جاء ميعاد خروجه فطلب المريض الاخر من ادارة المستشفي نقله الي جوار الشباك وعندما نظر من الشباك لم يري شيئا فاندهش الرجل وسأل ان زميله كان يري اشياء جميلة فقلوا له زميلك كان كفيفا ... طبعا رغم عاهته اراد ان يدخل البهجة في قلب زميله المكتئب من المرض ..وهذا دورنا ايضا ...
المهم لاتغفل المستشفيات عن اظهار العامل الانساني الذي يساعد المرضي علي الشفاء بتقديم الابتسامة والكلمة الجميلة والدعوات بالشفاء وبعض الهدايا الخفيفة والجميلة كالعادة , ولم ينسوا الاهتمام بشريكة حياتي التي رافقتني رحلة المرض في تلبية كل احتياجاتها , حقيقي الفرق بين الخدمة الطبية الامريكية والمصرية العربية كفرق السماء عن الارض فقد جربت الاثنين واحمد الله , لكن للاسف مهما قدم الغرب من اختراعاتهم العظيمة وخبراتهم القديرة وتجاربهم السديدة يظلوا في اعين الجهلاء المتخلفين وفاقدي البصيرة كفار ,وانهم الاعلون !!!!!!
وبالرغم من التحذيرات الطبية الابتعاد عن الاخبار المثيرة الا انني لم اقدر ان امسك نفسي عن متابعة اخبار وطني الحبيب الذي يملأ وجداني ويعيش خاطري واكتفيت بالقراءة دون الكتابة او التعليق
قلت لصديق زارني بالمستشفي بعد ان تكلمنا عن الوضع الراهن في مصر انا لااخشي من الارهابيين بالداخل او المتأمرين بالخارج ولكن خوفي بشدة من الطابور الخامس بالوطن وقبلاتهم الغاشة المملوءة سما زعافا وفسادا واثما ويريدون خراب مصر
اخيرا اصدقائي ان وقت المرض والمحن يتقترب فيه الانسان الي الله وهذه عطية عظيمة . والضيق ينشئ صبرا جميلا , ويجد الانسان بابا مفتوحا عند الرب عندما يرتفع قلبه ويرنو بعينيه الي رحمة الرب .

وقد افرحني جدا اثناء هذه الازمة ان يصاحبني ويتابع حالتي احد ابنائي ويأخذ كل الطاقم بمشورته ويحترموا ارائه احسست انني اديت دوري في هذه الدنيا الزائلة لقد كان يوم ما طبيبا بهذا المستشفي قبل تركها للافضل.. فوجدت فيه روحا طيبة حيث اهتم ان يسلم علي اغلب الطقم ويناديهم باسمهم محتضنهم ويسأل عنهم بروح طيبة ونبيلة وسط مشاعر مملوءة بالدفء .

اخيرا لاحظت نظرات الاندهاش حينما كان يأتي د.ريمون الي او يتركني يقبل وجهي ويداي وعندما تنزل دموعي من عيني المنسابة دائما يمسحها ويأخذني بشدة في حضنه ..وفي مرة كان معه طبيب امريكي واخر ايراني وثالث هندي , وعندما هم بتقبيلي جاءوا الثلاثة وحاكوا ابني في تقبيلهم لي احتراما ومحبة....... مااجمل الاحترام والود والعلاقات الطيبة.
المرض تعب ولذة ,شقاء وعزاء , الم وفرح, قسوة ومحبة ..جنبكم الله الامراض ..
انا فرحان انني استطعت ان اكتب هذه الكلمات ....سلام لكل احبائي
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter