بقلم: مينا نبيل
أرى الجميع الآن لا حديثَ لهم سوى عن ترشيح د. البرادعي نفسه لانتخابات الرئاسة القادمة، أرى الجميع على اختلاف انتمائاتهم وتوجهاتهم قد انقسموا بين مؤيد ومعارض، أرى الجميع يحلمون بالتغيير، يبتغون التغيير، لكن.. ماهو التغيير؟، وأي تغيير هذا الذي نبتغيه؟..
وما هي تفاصيل ذلك الحُلم الجميل الذي نبحث عنه من قرون طويلة.. حُلم التغيير!!
وهل لهذا الحُلم ملامح محددة أم أننا فقط نبتغي منقذا ينتشلنا من بؤرة التردي وكأنه مخلوق أسطوري؟!
هل فكرنا بتغيير أنفسنا ونفسياتنا وعقلياتنا قبل البحث عن تغيير الأوضاع، وكيف تتغير الأوضاع إن لم تتغير دواخلنا وأذهاننا.. أنعقتدُ إن عشنا في رغد وغنى أن مشاكلنا الداخلية – أي داخل أنفسنا- سوف تحل؟!!
هل فكر أحدُنا أن د. البرادعي أو غيرَه ممن سوف يرشحون أنفسهم لانتخابات الرئاسة القادمة، يمتلك قوة سحرية يستطيع بها أن يُغيِّر عاداتٍ صارت لها آلاف السنوات؟.. يستطيع أن يُقيم ضميرًا من الممات؟.. يستطيع أن يغير قلب ابن جحد بأبويه؟.. يستطيع أن يغير قلبًا سيطرت عليه أحقادٌ وضغائن؟.. يستطيع أن يُنير بصيرة أعمتها الأطماع؟.. يستطيع أن ينتزع جذور الخوف وعدم الإحساس بالأمان، التي أصبحت داءًا لدى المصريين؟..
هل فكرنا أن أحدَهم يستطيع أن يُحيل الأحزان التي استنزفتنا قرونًا إلى أفراح؟.. هل يستيطع أحدهم أن يحيل ثقافة الحزن التي استوطنت عقولنا وقلوبنا منذ آلاف الأعوام إلى راحة وهناء؟.. هل يستطيع أحدهم أن يحيل ثقافة رثاء الذات واجترار الأوجاع إلى تصالح مع النفس وقبولٍ لها؟.. وكيف يصير ذهن المصري جديدًا وكافة وسائل الإعلام وهي ماتشغل بال المصريين، وتستحوذ على عقولهم، تبث همًا وغمًا ونكدًا، سواء عن طريق البرامج أو المسلسلات أو الأفلام أو الأغاني أو المسرحيات أو القصص، إن كان هناك أصلاً من يحب القراءة إلا فيما ندر، فانصرفت تلك الأجهزة المؤثرة في الناس عن متابعة الأشخاص الناجحين، المبتكرين، وكذا العلماء، أو حتى متابعة من تغيرت حياتهم واتجاهاتهم عن طريق تغير ذهنم وطريقة تناولهم لأمور حياتهم.
أيعتقد أحدُنا أن أحدَهم يمتلك القوة الرادعة الجبارة المهيبة، التي تجعل الإنسان يرتعد خوفًا قبل ارتكابه خطأ، أو ممارسته فسادًا، أو زنا، أو قتلاً، أو سرقة، أو اتجارًا بالمخدرات، أو ظلمًا، أو قهرًا، أو.. أو .. أو..، أن لا أعتقد؛ لأنه ليس بالخوف وحده يحيا الإنسان!!
أنا لا أنفي أن الكبت والفقر، لا يولدان فسادًا، وكذلك كل ماهو عضو في تلك القائمة السلبية من المصطلحات أو الأوضاع، لكن احتياجنا الحقيقي هو للتغيير من الداخل، من الداخل يبدأ التغيير، والذي بدوره ينعكس على المحيط الخارجي، احتياجنا الحقيقي لقلبٍ يتلامس مع المحبة الإلهية العجيبة، القادرة وحدها على إخضاع القلوب لله؛ ومن ثم للحب، تلك المحبة هي القادرة ولا شيء سواها على إذابة الجمود، احتياجنا كمصريين أن نشبع بالحب أولاً، احتياجنا أن تعود العلاقة حميمية بين الإنسان وربه، ومن هنا ينبع التغيير الحقيقي، الذي طالما نبحث عنه في أشخاص، وفي أوضاع، أو مخلصين منتظرين، دون أن ننظر إلى أن ما نرجوه يبدأ من الداخل.