"مجزرة أسوان هي أخطر صراع عرقي في مصر".. هكذا علقت صحيفة (ذا جارديان) البريطانية الاشتباكات المستمرة في محافظة أسوان منذ السبت بين قبيلتى بنى هلال والدابودية من أبناء النوبة، والتي راح ضحيتها العشرات
. ورأت الصحيفة البريطانية -في سياق تقرير لمراسلها في مصر باتريك كينجسلي- أن هذه المواجهات الشرسة ليست وليدة الصدفة، ولكنها نتاج تراكمات قديمة من التوتر القائم بين القبائل العربية والنوبية التي تعود أصولها إلى جنوب مصر وشمال السودان.
ووصفت هذه المجزرة البشعة التي ارتفع عدد ضحاياها إلى 28 قتيلًا، بأنها أخطر اقتتال عرقي تشهده مصر في التاريخ الحديث. وقالت الصحيفة إن الشعب النوبي عاش تاريخيًا في جنوب مصر وشمال السودان، ولهم لهجتهم الخاصة بهم وتقاليدهم، مشيرة إلى أنه شعب طالما عانى كثيرًا من التهميش بعد أن تم تهجيرهم قسرًا من وطنهم خلال سلسلة من الإجلاءات خلال عملية بناء سد أسوان في حقبة الستينات من القرن الماضي
. وتم تهجير النوبيين الذين يعيشون في هذه القرى، وكان عددهم 18 ألف أسرة مع بناء السد العالى. تمتد النوبة بطول 350 كليو مترًا من الشلال الأول وحتى الشلال الثانى جنوب أسوان بطول نهر النيل من قرية دابود في الشمال، وحتى قرية أدندان في الشمال، وكانت بداية هجرة أول نوبى مع بناء خزان أسوان عام 1902 الذي ارتفع معه منسوب المياه خلف الخزان ليغرق عشر قرى نوبية.
وبعد ذلك حدثت التعلية الأولى لخزان أسوان عام 1912 ، وارتفع منسوب المياه وأغرق ثمانى قرى أخرى هى قورتة والعلاقى والسيالة والمحرقة والمضيق والسبوع ووادى العرب وشاترمه، وبعد ذلك جاءت التعلية الثانية للخزان عام 1933 وأغرقت معها عشر قرى أخرى. وعملية تهجير النوبة أو الهجرة النوبية هي أحد الآثار السلبية لبناء السد العالي? الذي أنشئ في عهد جمال عبد الناصر? حيث غمرت بحيرة ناصر قرى نوبية كثيرة في مصر و شمال السودان ، مما أدى إلى ترحيل أهلها وغرق النوبة وأثآره
رابط فيديو يوضح عملية تهجير النوبيين: وأبرزت الصحيفة تصريح العقيد أركان حرب أحمد محمد علي -المتحدث العسكري- بإن هناك مؤشرات تؤكد تورط عناصر من جماعة الإخوان المسلمين في إشعال الفتنة في أسوان بين قبيلتى الهلالية، والدابودية التي تنتمى إلى النوبة
. وأضاف عبر صفحته على "فيس بوك" السبت، أنه "جارٍ احتواء الأزمة بعد تدخل عناصر القوات المسلحة بالتعاون مع الأجهزة التنفيذية بالمحافظة، وسط مؤشرات بتورط عناصر إخوانية فى إشعال الفتنة بين القبيلتين.
" توصلت قبيلتا الدابودية وبني هلال في أسوان جنوب مصر، واللتان أسفرت الاشتباكات القبلية بينهما عن سقوط 26 قتيلًا، وإصابة العشرات لاتفاق هدنة مفتوحة لا تقل عن 3 أيام برعاية من محافظ أسوان مصطفى يسري الذي نجح في التوصل للاتفاق بحضور قيادات القبيلتين. وتضمن الاتفاق عدم قيام أي من القبيلتين بالاعتداء على الأخرى خلال فترة الهدنة ووقف الحملات المتبادلة، وإطلاق سراح كل من تم القبض عليهم من شباب القبيلتين باستثناء المتهمين في قضايا جنائية.
كما تضمن الاتفاق الذي وقعت عليه قيادات القبيلتين أن تكون المشكلة محصورة في مجال التنازع بين القبيلتين فقط وفي أسوان دون امتدادها إلى باقي المناطق أو الأطراف الأخرى في المحافظات، مع عدم قيام أي طرف بقطع الطرق أو عمل كمائن للتفتيش وتجنب الاحتكاك، من خلال ابتعاد كل طرف عن مناطق تجمعات الطرف الآخر، بالإضافة إلى تقديم أي متهم في عمليات القتل أو الاعتداء التي جرت إلى العدالة وتسليمه للأمن لبسط وتفعيل سيادة القانون دون تفرقة بين أحد وآخر.