الأقباط متحدون - ثلاثية الشر.. الإرهاب والعشوائية والفتنة المجتمعية!
أخر تحديث ١٩:٠٢ | الثلاثاء ٨ ابريل ٢٠١٤ | برمهات ١٧٣٠ ش ٣٠ | العدد ٣١٥٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

ثلاثية الشر.. الإرهاب والعشوائية والفتنة المجتمعية!

الدكتور علي السلمي
الدكتور علي السلمي

كانت مصر تعانى منذ عهود بعيدة من ثلاثة أمراض تقليدية هى الفقر والجهل والمرض، التى صار تخليص الوطن منها شعاراً لكل المنادين بالإصلاح والتطوير والعاملين فى الحقل السياسى والاجتماعى على مدار السنوات منذ عهد الملكية وطوال فترات الحكم التى مرت على مصر أثناء الاحتلال البريطانى، وبعد حركة الجيش فى يوليو 1952 التى تحولت بعد أشهر قليلة إلى «ثورة» ساندها الشعب، أملاً فى الحكم الوطنى الذى بشر به قادة «الضباط الأحرار» والأهداف التى تضمنها بيانهم الأول الذى ركز على حل قضايا عانى منها المصريون وهى القضاء على الاستعمار والنفوذ الأجنبى والقضاء على الاحتكار والإقطاع الذى نهب خيرات مصر وسيطر على أراضيها الزراعية وحوَّل الفلاحين إلى عبيد عندهم وتحقيق العدالة والقضاء على المحسوبية والرشاوى ووضع حد لتسلط الفساد على الحكم.

ولكن ومع كل الإنجازات التى تمت فى عهد ثورة 52 ومع وضوح الانحياز الكامل لقائد الثورة جمال عبدالناصر لمطلب العدالة الاجتماعية، لم تستطع حكومات الثورة على مدى ثمانية عشر عاماً القضاء على تلك الآفات الاجتماعية الثلاث؛ الفقر والجهل والمرض، التى ما فتئت تنخر فى أجساد المصريين وعقولهم وتصل بمستويات معيشتهم إلى حدود دنيا، مقارنة بما كان المصريون يتطلعون إليه وبما حققته شعوب أخرى كانت أكثر تخلفاً من مصر ولكنها تمكنت من التخلص من تلك الآفات، بل وأكثر منها مثل آفة تعاطى الأفيون التى نجح الصينيون فى القضاء عليها!

ثم جاء عصر «السادات» الذى نجح فى تخليص مصر من مهانة الاحتلال الإسرائيلى وتحرير سيناء بعد حرب أكتوبر 1973، ولكنه كان جل همه هو تحقيق نصر عسكرى وسياسى على إسرائيل، بينما فشل فى تحقيق نصر مقابل على أعداء داخليين أكثر شراسة وعنفاً فى التعامل مع المصريين، فزاد الفقر ولم تنجح جهود محو الأمية فى التخفيف من وطأة الجهل، وساءت الظروف الصحية وشهدت مصر تردياً فى مستويات الخدمات العلاجية، وزاد معدل انتشار أمراض جديدة مثل أمراض فيروسات الكبد الوبائى.

وزادت حدة الآفات الثلاث طوال أكثر من ثلاثين عاماً أمضاها «مبارك» فى الحكم لم يكن تخليص مصر من تلك الأمراض من بين اهتماماته. وبلغ الفقر أعلى مستوياته، إذ كاد نصف المصريين يعيشون عند خط الفقر الأدنى، وبلغ التدنى فى الخدمات الصحية والتعليمية مبلغاً غير مسبوق، حتى قام الشعب بثورته فى 25 يناير 2011 منادياً بأهداف ثلاثة: «عيش، حرية، عدالة اجتماعية»، ورغم ذلك فقد انصرف الثوار من ميادين التحرير وغيرها من ميادين وقنعوا بتسليم الثورة لمجموعة الإرهاب الانتهازية، وساهمت إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة السيئة فى تدهور الأوضاع بما مكَّن الجماعة الإرهابية من تحقيق أكثرية فى الانتخابات التشريعية، ثم ما لبثوا أن وصلوا إلى سُدَّة الحكم وتولى ممثلهم فى قصر الاتحادية رئاسة الجمهورية. وكانت سنة كئيبة وعاماً من الإخفاق المتصل والفشل التام على كل الأصعدة كان نتيجته انتفاضة الشعب مرة أخرى لاسترداد ثورته فى 30 يونيو.

والنتيجة الآن، أنه فضلاً عن أمراض وآفات الشعب المصرى «الفقر والمرض والجهل» أصيب المصريون بثلاث آفات جديدة أبشع من سابقاتها وأكثر فتكاً وتدميراً وأعظم خطراً على حاضر المصريين ومستقبلهم، هى ثلاثية الشر المتعاونة على إهدار دماء المصريين وإزهاق أرواحهم، فضلاً عن القضاء على آمالهم فى إمكانية الخروج من هذا المستنقع الرهيب الذى يجدون أنفسهم غارقين فيه بلا أمل فى النجاة والعودة إلى الحياة الآدمية مرة أخرى.

وتلك الثلاثية الرهيبة تشمل الإرهاب، والعشوائية، وارتفاع نغمة الطائفية المقيتة، ذلك أن الجماعة الإرهابية وحلفاءها المتأسلمين يعيثون فى البلاد الفساد يقتلون ويدمرون ويحرقون بلا وازع من دين أو وطنية، وفى المقابل عجزت حكومة الببلاوى «المقالة» كما يتضح أيضاً عجز حكومة محلب «المعدلة» عن المواجهة الحاسمة لذلك الإرهاب المتنامى والمتصاعد، ليس فقط فى مواجهة مصر والمصريين ولكن أيضاً يستأسد الإخوان الإرهابيون ضد كل من يكشف النقاب عن جرائمهم وفكرهم الإرهابى والتكفيرى فى السعودية والإمارات والبحرين، كما طال تهديدهم بريطانيا التى تؤويهم وتكفل لهم الحماية، وآخر من طاله التهديد الإخوانى هو كندا.

وفى الحقيقة أنه لا يكفى الاقتصار على إصدار قرار بحل الجماعة وملاحقة قيادييها وأعضائها ومناصريها أو إصدار تعديلات مبتسرة لما يسمى قانون الإرهاب، بل يجب التعامل بإيجابية مع فكر الجماعة والدعاوى الدينية التى تتمسح بها لتزيين مفاهيمها وأساليبها للتأثير فى الناس وإقناعهم بأن انحيازهم للجماعة هو انحياز للإسلام، وأن ما تكلفهم به «الجماعة» من مهام تصل إلى القتل والحرق والتدمير والاغتيال الممنهج للوطن والمواطنين هو «جهاد فى سبيل الله»!

وأما العشوائية فى الحياة المصرية المعاصرة فحدث عنها ولا حرج، فقد أصبحت هى السمة الأساسية لأسلوب المصريين فى انتزاع فرصة للحياة فى ظل ترهل القوانين وانتشار الفساد الإدارى وانفلات السلوك المجتمعى. وقد طالت العشوائية تشكيل الحكومات وأساليب اتخاذ القرارات وساد الفكر العشوائى حتى فى المدارس والجامعات ومراكز البحث العلمى.

والآن أصبح خطر الاقتتال بين الجماعات والقبائل والطوائف المجتمعية هو الأخطر إلى جانب الإرهاب والعشوائية الشاملة، كما تنتشر دعوات الفتنة الطائفية والخروج عن قيم الوطن والوطنية لتضيف بعداً جديداً إلى مأساة وطن ينتحر!

والغريب أن ثلاثية الشر هذه لا تلقى العناية الجديرة من مرشحى الرئاسة المحتملين، ولا من النخب السياسية ولا الإعلام!

حمى الله مصر!

نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع