اندرو زكريا
عندما انتصف.. النصف الأول من القرن الماضي كانت الحضارة الإنسانية على موعد لبزوغ شمس رجل وصف بأنه أهم زعماء القرن العشرين.. رجل ضئيل الجسم .. يأتزر الملاءة البيضاء.. أعزل. إنه غاندي ذلك الثائر الذي كان سلاحه غصنا من الزيتون
الميلاد والنشأة
ولد موهندس كرمشاند غاندي في الثاني من أكتوبر عام 1869 في إمارة بور بندر في مقاطعه غوجارات الهندية حيث عاش حياه ملفته للنظر ولم يوجد إنسانا مثله في انضباطه وعناده وتناقضه أو إبداعه ومحبته .
نشأ غاندي في عائله محافظه غلب عليها الطابع السياسي حيث اشتغل أبوه منصب رئيس وزراء أماره بور بندر ومن قبله جده كما كان للعائلة مشاريعها التجارية المشهورة
لقب غاندي بالمهاتما وهي تعني "القديس " أو صاحب النفس العظيمة
دراسته
سافر غاندي إلي بريطانيا عام 1888 لدراسة القانون عاد بعدها إلي الهند لممارسه مهنته المحاماة
انتمائه الفكري
أسس المهاتما غاندي فلسفه جديدة في عالم السياسة تعرف بالمقاومة السلمية أو فلسفه اللاعنف "الساتياراها" وهي عبارة عن مجموعه من المبادئ تقوم علي أسس دينيه وسياسيه واقتصاديه في آن واحد ملخصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف وتهدف إلي تكوين قوه قادرة علي مواجهه الإخطار باللاعنف أولا ثم بالعنف إن لم يوجد خيار آخر
اللاعنف ليس عجزا
يعتبر غاندي أن اللاعنف ليس عجزا كما أن عدم المعاقبة ليس بالضرورة غفرانا إلا عندما تكون القدرة علي المعاقبة قائمه فعليا وهي لاتعني عدم اللجوء للعنف مطلقا .. فالهدف من سياسة اللاعنف في رأي غاندي هي إبراز ظلم المحتل من جهة وتأليب الرأي العام علي هذا الظلم تمهيدا للقضاء عليه أو عالاقل حصره
حياته في جنوب أفريقيا
بحث غاندي عن فرصة عمل مناسبة في الهند يمارس عن طريقها تخصصه ويحافظ في الوقت بنفسه على المبادئ المحافظة التي تربى عليها ، لكنه لم يوفق فقرر قبول عرض للعمل جاءه من مكتب المحاماة في ( ناتال ) بجنوب أفريقيا وسافر بالفعل إلى هناك عام 1893 وكان في نيته البقاء مدة عام واحد فقط لكن أوضاع الجالية الهندية هناك جعلته يعدل عن ذلك واستمرت مدة بقائه في تلك الدولة الأفريقية 22 عاما .
العودة إلى الهند
عاد غاندي من جنوب أفريقيا إلى الهند عام 1915 وفي غضون سنوات قليلة من العمل الوطني أصبح الزعيم الأكثر شعبية . وركز على عمله على النضال ضد الظلم الاجتماعي من جهة وضد الاستعمار من جهة أخرى واهتم بشكل خاص بمشاكل العمال والفلاحين والمنبوذين واعتبر الفئة الأخيرة سبة في جبين الهند ولا تليق بأمة تسعى لتحقيق الحرية والاستقلال والخلاص من الظلم أن تعامل إحدى فئاتها بهذا الشكل
صيام حتى الموت
قرر غاندي في عام 1932 البدء بالصيام حتى الموت احتجاجا على مشروع قانون يكرس التمييز في الانتخابات ضد المنبوذين الهنود ، مما دفع بالزعماء السياسيين والدينيين إلى التفاوض والتوصل إلى اتفاقية بونا التي قضت بزيادة عدد النواب المنبوذين وإلغاء نظام التمييز الإيجابي.
تحدى غاندي القوانين البريطانية التي كانت تحصر استخراج الملح بالسلطات البريطانية مما أوقع هذه السلطات في مأزق وقاد مسيرة شعبية توجه بها إلى البحر لاستخراج الملح من هناك .
وفي عام 1931 انهى هذا العصيان بعد توصل الطرفين إلى حل وسط ووقعت معـاهدة دلهي .
وفي عام 1940 عاد إلى حملات العصيان مرة أخرى فأطلق حملة جديدة احتجاجا على إعلان بريطانيا الهند دولة محاربة لجيوش المحور دون أن تنال استقلالها واستمر هذا العصيان حتى عام 1941 وادخل غاندي السجن ولم يخرج منه إلا عام 1944.
لم ترق دعوات غاندي للأغلبية الهندوسية باحترام حقوق الأقلية المسلمة . واعتبرتها بعض الفئات الهندوسية المتعصبة خيانة عظمى فقررت التخلص منه
غاندي والمسيح
كان لـ"غاندي" أصدقاء مرسلون كثيرين، منهم "أ. ستانلي جونز" الّذي سأله يومًا: "إن كنتَ معجبًا بالمسيح لهذه الدّرجة، لماذا ترفض أن تصير من أتباعه؟" أجاب غاندي عندها:"أنا لا أرفض المسيح بتاتًا... بل أنا أُحب مسيحكم، ولا أحبّ مسيحيّتكم. فكثيرون منكم لا يشبهون مسيحكم"..
ومنذ ذلك الحين قرّر "غاندي" أن ينسى أمر تحوّله إلى المسيحية، واكتفى بتبني أقوال المسيح والتقييد بها
وكما وصفه "فيليب يانسي" الكاتب المسيحي الشهير "مع أن غاندي لم يكن مسيحيا بالمعتقد أو بالممارسة فأنه حاول لدرجه مثيره للإعجاب أن يعيش وفق مبادئ المسيح "
وفاته
توفي غاندي صريعا علي يد احد الهندوس المتعصبين اثر إصابته بثلاث رصاصات وكان ذلك في 30 يناير عام 1948 عن عمر يناهز 79 عاما أمضاها في النضال كرجل فريد قلما يتكرر
من أهم أقواله
*العين بالعين تجعل كل العالم أعمي
*في البدء يتجاهلونك ثم يسخرون منك ثم يحاربونك ثم تنتصر
*مايسلب بالعنف لايُحتفظ به الا بالعنف
المراجع
عن كتاب السيرة الذاتية للمهاتما غاندي "قصه تجاربي مع الحقيقة"
عن كتاب "بالكاد نجوت" للكاتب الانجليزي فيليب يانسي
عن الموسوعة الحره "ويكيبيديا"