نبيل شرف الدين | السبت ٥ ابريل ٢٠١٤ -
١٣:
٠٧ م +02:00 EET
نبيل شرف الدين
رغم علاقتى التاريخية بوسط القاهرة لكنها صارت بعد 25 يناير «منطقة ألغام» لكننى اضطررت لزيارتها للقاء صديق يقطن هناك، وحين توجهت لأحد المقاهى الشهيرة نصحنى صديقى بتحاشيه قائلاً إنه صار مرتعا لمن أسماهم «السرسجية» وهى الكلمة التى قرأتها وسمعتها كثيرًا دون معرفة معناها، فتقصيت بين الشباب وبحثت بالإنترنت، فوجدت مدونات وحسابات «تويتر» و«فيسبوك» تخص «السرسجية» وتشرح معناها باستفاضة.
تقصيت أحوال «السرسجية» فاكتشفت أنهم تجاوزوا مرحلة «البيئة» التى كانت تُطلق على الذين يتصرفون بوقاحة، ويقلدون سلوك الأوساط الراقية لكن بطريقة مبتذلة، لينحدروا لمرحلة «السرسرية» التى أعقبتها «السرسجية» وغالبيتهم أبناء العشوائيات لكنهم وفق مدوناتهم يتبعون أحدث صيحات الموضة بارتداء الملابس المزخرفة ذات الألوان الفاقعة، وبنطلونات الجينز Super dirty والأحذية الصينية المقلدة للماركات العالمية، ويطيلون شعرهم «المفلفل» بطرق متعددة، وينتشر بينهم تعاطى المخدرات وعقار «الترامادول» ليعزز عدوانية سلوكهم، واستخدام الأحزمة ذات التوكة المعدنية بالمشاجرات والمظاهرات التى صارت «سبوبة»، فهناك من يستأجرهم سواء الإخوان أو الحركات المشبوهة التى تزعم الثورية.
تتطلب هذه الظاهرة دراسة ميدانية لظاهرة «السرسجية» الذين نراهم فى أفراح الأحياء العشوائية، يتعاطون المخدرات علانية ويرددون أغنيات مثل «آه يا بنت يا محتاسة من شبرا للدرّاسة» و«البانجو مش بتاعى» وغيرها مما يحول الذوق العام دون كتابته، لكن الأخطر انتقالهم للعبة الاحتجاجات ليصبح لدينا «سرسجية السياسة» الذين تجمعهم كلمة السر «أساحبى»، وبالطبع فهؤلاء ليسوا متدينين لكنهم أبناء العشوائيات الفقراء المهمشين الذين لم يتعلموا ويتربوا بالقدر الكافى، لهذا يلجأون لممارسة «الفهلوة» بأحدث نسخها وأقصد التربح السياسى، فيستخدمهم مسئولو حشد المظاهرات.
المثير أن «سرسجية السياسة» منتشرون بكل المشارب، فبينهم من يرتبط بالإخوان مقابل أجور تتفاوت حسب حجم الحشود، لكن حركات اليسار الفوضوى اجتذبتهم أيضًا لأنهم يجدون أنفسهم متحققين معهم بسلوكهم المنفلت. نواجه أزمة إعادة تأهيل «السرسجية» الذين يشنون حملات البذاءات عبر وسائل التواصل الإليكترونى، لتحقيق ذاتهم وتعويض شعورهم بالتهميش والدونية، واستخدامهم كأدوات بالحروب الجديدة، وعلينا الاعتراف بانتشار الظاهرة وصعوبة مواجهتها، فتجاهلهم ليس حلاً، وعلينا التفكير بأساليب مبتكرة لاحتوائهم.
نقلا عن اليوم السابع
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع