«رؤية مختلفة» لواقع البلاد قبل انتخابات الحسم الدولة.. والقانون.. والفساد "1"
بفتح باب الترشح لمنصب رئيس جمهورية مصر العربية بات السؤال: ما هى على وجه التحديد ملامح ومواصفات مصر التى يسعى لها من قرر ترشيح نفسه لرئاستها، ويعايشها من سيختار الرئيس عبر صناديق الاقتراع؟ أو: ما هى ملامح ومواصفات مصر التى تنتظر الرئيس؟... بالطبع هناك الكثيرون ممن يرون أن مصر التى تنتظر الرئيس معروفة للكافة، فهى ببساطة كيان يئن تحت وطأة مشكلات تتراكم وتحديات تتدفق، وكرامة تداس ومستقبل غامض، ومواطن يائس يغطيه الظلم ويأسره الكبت ويكويه الفقر، ويضعضعه المرض، ويضعفه الجهل، ويسحقه غياب العدل، وتشرخه مرارة سوء توزيع الثروة، ويعصف به وجع تسلط واستبداد السلطة... إلى غيرها من الملامح والصفات. لكن كل ذلك يمكن تصنيفه فى النهاية كإحساس عام شائع، ولا يمكن التعامل معه باعتباره صورة دقيقة واقعية موضوعية خاضعة لمنهجيات الرصد والتحليل العلمى اللازمة لتوفير أرضية صالحة لصنع قرارات سليمة وكبرى، من النوع الذى يتعين أن يتعامل به الرئيس.
1500 «حقيقة صادمة» تكشف: نعيش فى دولة «تترنح».. وتحتاج إلى «معجزة» لإنقاذها
وهو أمر رأت «الوطن» أنه يحتاج إلى معالجة مختلفة، تتجاوز «الإحساس العام» بالأزمة إلى توصيفها استناداً إلى معلومات وبيانات محددة جرى إنتاجها بصورة ممنهجة ومنظمة، بما يضع أمام صانع القرار صورة واقعية لمصر، بعيداً عن تشنجات ما يجرى فى الشارع، وتلاحق وسرعة ما يقال فى الفضائيات وينشر بالصحف. وصانع القرار فى هذه الحالة هو المرشح الذى يسعى إلى مقعد الرئيس، والناخب الذى سيذهب ليختار ويحدد من سيجلس على المقعد. بعبارة أخرى: تحاول «الوطن» فى هذا التحليل أن تقول للمرشحين للرئاسة: هذه مصر التى تريدون حكمها، وفى الوقت نفسه تقول للناخبين: هذه مصر التى ستنتخبون لها رئيساً، ليستخدم الناخب هذه المعلومات والبيانات فى المقارنة بين ما يقوله كل مرشح، وبين ما تعانى منه البلاد من مشكلات وتحتاج إليه من حلول، وما تنوء به من مواطن ضعف.
ومن ضمن هذه البيانات أن كفاءة مؤسسات الحكم فى مصر تصل إلى نسبة 29٪ وهى أقل جودة من نظيراتها فى 147 دولة.
أما بالنسبة للبيئة التشريعية، فبحسب مؤشرات البنك الدولى، فإن استقلال القضاء منقوص، والقانون غير فعال، وضمان الحقوق القانونية للمواطنين ضعيف، كما أن الدولة المصرية تحتل المرتبة 35 فى قائمة الدول الفاشلة، وبالنسبة لمعضلة الفساد، فإن مصر تحتل المرتبة 155 فى السيطرة على الفساد، والمرتبة 71 فى المحسوبية، والـ51 فى الرشاوى.
يستند هذا التحليل إلى مجموعة متنوعة من البيانات والمعلومات، حرصنا أن تكون صادرة عن الجهات الدولية المعنية بمتابعة أوضاع التنمية البشرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية فى دول العالم ككل، وليست مصادر معنية بمصر بصورة خاصة. وانطلاقاً من ذلك، تم تتبع ورصد كل البيانات الخاصة بمصر فى ست قواعد بيانات دولية هى: «قاعدة بيانات البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة المستخدمة فى إصدار تقرير التنمية البشرية والإنسانية حول العالم - قاعدة بيانات البنك الدولى المستخدمة فى إصدار تقرير التنمية السنوى للبنك، الذى يرصد أوضاع التنمية حول العالم - قاعدة بيانات تقرير منظمة الشفافية الدولية، الذى يرصد أوضاع الفساد فى دول العالم - ثلاث من قواعد بيانات تابعة لمنتدى دافوس الاقتصادى العالمى، قاعدة بيانات تقرير التنافسية الدولية وقاعدة بيانات مؤشر حالة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فى العالم وقاعدة بيانات مؤشر الإبداع العالمى ومؤشر الحرية الاقتصادية»، ثم تم رصد أوضاع مصر فى مؤشر الدول الفاشلة.
وإلى جانب هذه المصادر الخارجية، تم أيضاً تتبع ورصد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الراهنة من خلال البيانات الصادرة عن الجهات الرسمية بالدولة كالوزارات والمؤسسات الكبرى، التى يقوم الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بفهرستها وتبويبها وإصدارها فى نشرة معلومات شهرية. وقد قامت «الوطن» بسحب كل البيانات الخاصة بمصر عامى 2012 و2013 فى قواعد البيانات السابقة وفى نشرة معلومات جهاز الإحصاء لشهر يناير 2014، وكانت الحصيلة أكثر من 1500 معلومة وبيان، كل منها يصف حالة من حالات الوضع الاقتصادى والاجتماعى والتنموى والإدارى والبحثى فى مصر. وبعد ذلك تم تصنيف هذه المعلومات والبيانات وتوزيعها وفقاً للقطاعات المختلفة، وإزالة البيانات والمعلومات المكررة، وتصفية هذا الكم الضخم من البيانات فى صورة قابلة للعرض، بما يتناسب مع مقتضيات النشر بجريدة «الوطن».