بقلم: جرجس بشرى
الدكتور حسن نافعة -أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة- يُعتبر من أبرز النشطاء السياسيين على الساحة المصرية، كما أنه من أبرز النشطاء السياسيين الذين يقاومون بكل شراسة وبلا هوادة توريث الحُكم في مصر، ويرى نافعة -بحسب ما ورد على لسانه في حوار صحفي نشرته صحيفة اليوم السابع 19 نوفمبر 2009- أن إنفاذ مشروع التوريث في مصر سيُمهد أمام النظام الاستبدادي الحالي ليستمر 40 سنة أخرى في الحُكم، وقد تم انتخاب نافعة ليكون مُنسقًا عامًا لـ"الحملة المصرية ضد التوريث" بسبب رؤيته وأطروحاته وتحذيراته من خطورة تمرير مشروع التوريث في مصر.
وعن السيناريو المستقبلي الذي يمكن أن تشهده مصر قال -في نفس الحوار المُشار إليه-: أننا أمام منعطف تاريخي هام، إما أن تقبل مصر ولاية سادسة للرئيس مُبارك، سيكون في نهايتها قد وصل إلى مشارف التسعينات من عمره، أو القبول بجمال مُبارك رئيسًا في ظل نظام سياسي يركز السُلطات في يد الرئيس، ولا يسمح باستقلال القضاء، وغير ذلك ما يتنافى مع أسس الديمقراطية، وإذا جاء شاب عمره 46 سنة ليقود نظامًا استبداديًا بطبيعته سيدوم هذا النظام لمدة 40 سنة تالية، وبالتالي كلا الخيارين مرفوض، وعلى مصر أن تحدد من الآن وتتحرك وتؤكد رفضها لهذين الخيارين، وتفتح الباب أمام خيارات أخرى.
ويرى نافعة أن الرئيس مبارك لو رشح نفسه فسوف يحظى بتأييد جماهيري كاسح في حالة إذا قبل أن يكون ذلك على أجندة فترة انتقالية، وتكون الولاية السادسة مرحلة انتقالية من نظام ثورة 23 يوليو إلى نظام ديمقراطي، وأوضح نافعة أن تحقيق ذلك يتطلب حكومة إنقاذ مستقلة يرأسها شخصية مستقلة.
وحول رأيه في طرح القوى المُعارضة للدكتور محمد البرادعي "مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبق" رأى نافعة أن القضية ليست في الأسماء قبل التفكير أولاً في كيفية الانتقال من نظام استبدادي إلى نظام ديمقراطي، وإلغاء كافة القوانين سيئة السمعة، والقيود المفروضة على الحياة الحزبية.
كما رأى نافعة أن كسر النظام الحالي لا يتم إلا بطريقتين، إما بثورة شعبية وثورة وانفلات، وإما بانقلاب عسكري، مؤكدًا في ذات الوقت رفضه لهذين الخيارين، كما أكد أنه في ظل عدم سماح النظام بانتخابات حرة، وتجنب التغيير بالعنف، فلا يوجد سوى البدء بمرحلة انتقالية لإعادة قطار النظام السياسي إلى قضبانه، ولا بد أن يكون الرئيس مبارك في هذه الحالة شاعرًا بعمق الأزمة التي تهدد مستقبل البلاد، وأن يكون مستعدًا لان يلعب دورًا ايجابيًا في إخراج مصر من المأزق، وأنه يجب على الرئيس مبارك أن يقبل بفكرة حكومة إنقاذ يقتصر فيها دوره على قيادة المؤسسة العسكرية، والسياسة الخارجية، ولا يتدخل إطلاقًا في الشأن الداخلي الذي يوكل لرئيس وزراء متفق عليه من الجميع.
فالقضية من وجهة نظر الدكتور نافعة هنا تتمثل في فكرة قبول الرئيس مبارك بمرحلة انتقالية مع تقليص صلاحياته، وبالتالي فإن نافعة يرى أن المرحلة الانتقالية تتمثل في بقاء الرئيس مبارك في الحكم مع ضرورة تقليص صلاحياته، كما يرى أن الكلام عن خروج آمن للرئيس فيها إهانة للرئيس لأنها تتحدث عن تنحيته مع ضمان عدم مُحاكمته!
ويؤكد دكتور حسن نافعة أن مصر لو دخلت في انتخابات حرة مباشرة في ظل الأوضاع الحالية لن تفرز ممثلين حقيقيين للشعب، وسيكون هناك تصويت عقابي لصالح جماعات بعينها بقصد الانتقام.
وعن موقف الأقباط من الإخوان حذر الدكتور حسن نافعة في المؤتمر الصحفي الذي كان قد عقده مركز سواسية لحقوق الإنسان بمقر نقابة الصحفيين يوم 20 ديسمبر 2005 من استغلال النظام الحاكم لتخوف الأقباط من صعود الإخوان المسلمين في توجيه رسالة خارجية تُخيِّر الغرب بين التحالُف مع حزبه الفاسد أو مخاوف الأصولية الإسلامية، ورسالة إلى الداخل تخيِّر المصري بين الفساد والبلطجة أو الفتنة الطائفية، مؤكدًا أن من سيرفع شعار التخويف يضرب العمليةَ الوطنية في صميمها، ومن يُمارِسها يقع في عملية خبيثة إما بدون قصد أو بوعي ومعرفة للعواقب.
وقال نافعة إن الأنظمة الديكتاتورية هي المسئولة عن تغييب الجميع وليس الأقباط وحدهم، وإن الممارسات غير الديمقراطية هي ما تتسب في فشل أي نظام أو مشروع حضاري كما حدث في عهد الرئيس عبد الناصر، مضيفًا بأن الحكم على أي طرف يكون بقدر نظرتهم وموقفهم من الديمقراطية ومشاركة الآخر وقبول رأيه لا على أساس تكهنات لا وجود لها، ذاكرًا أن التخوفات من صعود جماعة الإخوان المسلمين يصب في صالح النظام الحالي وفي كفة الفساد.