بقلم: ماريانا يوسف
عند تأملي قليلاً في أحوال الشعب المصري منذ بدايات عهده، لاحظت أنه يفتقر غالبًا إلى وجود قيادات أو أئمة ويشتهي وجود أحدهم حتى يرفعه إلى السماء ويسعى وراءه لاهثًا متصورًا أنه هو البطل المنتظر الذي ارسلته العناية الإلهية من السماء لإنقاذه من الازمات التي توقف حياته وتجعل من حياته جحيمًا لا يُطاق.
فمنذ عهد الفراعنة والمصريين يلهثون وراء "فرعون" ينتظر مجيئه وينفذ أوامره ويصنع منه إلهًا يعبده ويتبع خطواته، وكذلك عندما وقع تحت الحكم الروماني انتظر المخلص الذي يُخلصه من بطشه، وتكرر الأمر كذلك معهم وهم تحت الحكم البيزنطي والعثماني وحكم العرب كذلك.
وها نحن في القرن الحادي والعشرين ما زالنا نسير على نهج أجدادنا منتظرين ذلك البطل المغوار الذي ينقذ شعبنا المصرى من أزماته ومشكلاته المعاصرة، فنحن نتنظر ذلك الفارس الذي يلغي قانون الطؤارئ ويكشف قضايا الفساد ويمنع قضايا التزوير في الانتخابات ويحافظ على كرامة المواطن المصري ويوفر له وسائل المعيشة الكريمة من مأكل ومشرب وملبس.
ننتظر ذلك الرجل الذي يوفر وظائف للعاطلين ويرفع من الرواتب ويخفض من الأسعار بين يوم وليلة وكأن بيده مصباح علاء الدين السحري الذي يحقق الاحلام والرغبات دون أدنى مسئولية او مشاركة من الشعب.
فهناك قوم يرون من جمال مبارك ذلك البطل مستندين على حجة (اللي نعرفه أحسن من اللي منعرفهوش)، وآخرون يرون من أيمن نور الفارس النبيل الذي سيخلصهم من أزماتهم مستندين على المقولة (التغيير هو الحل)، وقوم آخرون يرون من البرادعي ذلك الطائر المهاجر الذي سيعود لوطنه حاملاً بين ثنايا عقليه الفكر الغربي المتقدم والذي بدوره سيساهم في تغيير فكر الوطن ونقله من كونه بلدًا ناميًا من العالم الثالث إلى دولة متقدمة ومتحضرة منتجة غير مستهلكة ليبرالية غير دينية، وقوم آخرون يسعون إلى رفع شخصية إخوانية (من الإخوان المسلمين) على عرش الدولة لتكون إمارة إسلامية لتسير حسب الشريعة الإسلامية وتنفذ الحدود التي أمر بها الإسلام وتنقب النساء وتلغي كل ما هو غير إسلامي من منطلق (الإسلام هو الحل).
وفي كل تلك الأحوال نرى أن الشعب المصري واقفًا في محله بلا حراك أو مسؤلية أو مشاركة جادة او فعالة في اختيار من يمثله وينتشله من مشكلاته ويحول أحلامه إلى واقع ملموس.
فهل سيظل المصريون دائمًا في موضع المفعول به وليس الفاعل الذي ينتظر البطل الآتي من السماء ويضع له الصورة المثالية ومن الجائز يؤلهه؟ وإن حدث -وهو فى الغالب يحدث- يظهر ذلك البطل بعدما يتربع على العرش بصورة مناقضة للصورة التي يظهر بها فيبحثون عن بطل آخر ينقذهم منه......إلخ.
إنني أنتظر اليوم الذي يتحول كل منا فيه من مفعول به إلى فاعل مؤثر يستطيع تغيير الواقع بيديه دون انتظار لفارس مغوار!.