مراد وهبة | الاثنين ٣١ مارس ٢٠١٤ -
٥٠:
١٠ ص +02:00 EET
مراد وهبه
عنوان هذا المقال هو عنوان رئيسى لكتاب من تأليف أستاذ الاتصالات بجامعة فوردهام بأمريكا اسمه إدوارد واكِن (1928- 2009) كان قد صدر فى عام 1963، ثم فى عام 2000 ولكن بمقدمة جديدة. أما العنوان الفرعى فهو «القصة الجديدة لقبط مصر»، وفوق العنوانين عنوان ثالث «ستة ملايين مسيحى يصارعون من أجل البقاء».
قرأته فى طبعته الأولى عندما دخلت منها إلى مصر عشر نسخ خلسة لأن الكتاب كان ممنوعاً من دخول مصر. وعندما علم الرئيس عبدالناصر بوجود نسخة منه معى طلب إرسالها لقراءتها، وقد كان. ومنذ شهرين تسلمت نسخة من الطبعة الثانية. وأظن أن نشر ما ورد بها من أفكار وانطباعات جدير بالتنويه فى زمن يتم فيه قتل الأقباط على هويتهم الدينية فى ليبيا، وحرق أكثر من خمسين كنيسة فى مصر، واندفاع الشباب القبطى إلى الهجرة خارج مصر.
والسؤال إذن:
مَنْ الفاعل لكل ذلك فى ليبيا وفى مصر؟
أجيب بعد عرض إجابة «واكِن» مؤلف الكتاب. فى بداية جوابه يقول واكِن: إن موقف اليوم من الأقباط لا يختلف عن موقف الأمس. تغيَر اللاعبون وتغيرت الأحداث وتغيرت المواجهات ولكن مازال قبط مصر أقلية منعزلة لأن مشكلتهم التاريخية أنهم يعيشون تحت تهديد المتطرفين الإسلاميين الذين حولوا جهادهم إلى عنف. وعلى الرغم من ذلك فإن السلطة السياسية تحاول أن توارى تلك المشكلة التاريخية لأن الكشف عنها هو تهديد بتفجير قنبلة. أما عبدالناصر فقد كان من رأيه أن على قبط مصر التغلب على هاجس الاضطهاد إذا أرادوا التكيف مع مصر الجديدة.
وكان فى إمكانه أن يقول لهم إن الدستور المؤقت الذى استفتى عليه فى 5 مارس 1958 جاء خالياً من المادة الثانية التى تنص على أن الإسلام دين الدولة، والتى يحرص الإخوان المسلمون ليس فقط على إدراجها فى الدستور بل على أن يكون معناها أن الدولة ذاتها تكون دينية ومؤسسة على مبادئ الإسلام التى ينبغى أن تكون مهيمنة على الحياة المصرية برمتها. وتأسيساً على ذلك كله ينتهى واكِن إلى نتيجة مفادها أن الإخوان المسلمين ليسوا مجرد مجاهدين إنما هم متعصبون يريدون إعدام «الأقلية المنعزلة» فى الحد الأقصى أو دفعهم إلى الانتحار فى الحد الأدنى، ومع ذلك فإنه أمر محال فى الحالتين لأنه مجرد كابوس فاقد المشروعية. ولا أدل على ذلك، فى رأى واكِن، من أنه فى مواجهة الاحتلال البريطانى كانت الوحدة بين المسلمين والأقباط وتم فيها فصل الدين عن الوطنية، واتجهت مصر بعدها نحو الدولة العلمانية، والتى هى أسعد بيت تقيم فيه الأقلية المنعزلة.
هذا فى إيجاز رأى واكِن. أما رأيى فيكمن فى إيثارى استخدام لفظ «أصولى» على لفظ «متعصب» لأن لفظ أصولى يسهم فى فهم فكر الإخوان المسلمين الذى يستند إلى فكر ابن تيمية الذى يرفض إعمال العقل فى النص الدينى. وبالتالى يمكن إخضاع العقل للسمع والطاعة ويتبع ذلك توهم الإنسان أنه مالك للحقيقة المطلقة التى تمنحها له مؤسسة الإخوان المسلمين. ويترتب على ذلك دفاع الإنسان عن حقيقته المطلقة بإرهاب المقاومين لها فى الحد الأدنى وقتلهم فى الحد الأقصى. فإذا أردنا اجتثاث جذور الإرهاب كان علينا اجتثاث جذور الأصولية الكامنة فى مؤسسات الدولة بوجه عام، وفى مؤسسات التعليم بوجه خاص، وفى كليات التربية بوجه أخص.
والسؤال إذن:
لماذا كليات التربية بوجه أخص؟
لأنها هى المصدر الرئيسى لتفريخ الأصولية.
نقلا عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع