الأحد ٣٠ مارس ٢٠١٤ -
٢١:
٠٤ م +02:00 EET
بقلم: الشيخ د مصطفى راشد
وردَ إلى موقعنا على الإنترنت سؤال من الأستاذ \عمرو موسى يسأل فية عن حكم الشرع الإسلامى فى ولاية غير المسلم على المسلم مثل انتخاب رئيس من أهل البلد غير مسلم على المسلمين ، وهل تقع حرمة على من يصوت من المسلمين لغير المسلم حتى لو كان الأقدر والأكفأ ؟
وللإجابة على هذا السؤال : -
بدايةً بتوفيقً من الله وإرشاده وسعياً للحق ورضوانه وطلبا للدعم من رسله وأحبائه ، نصلى ونسلم على كليم الله موسى عليه السلام ، وكل المحبة لكلمة الله المسيح له المجد فى الأعالى ، وكل السلام والتسليم على نبى الإسلام محمد ابن عبد الله --، ايضا نصلى ونسلم على سائر أنبياء الله لانفرق بين أحدً منهم .. اما بعد
فقضية ولاية غير المسلم على المسلم قد تكلم فيها العديد من رجال الدين ،وكان الرابط بين الغالبية منهم، هو الأخذ بظاهر النصوص القرآنية التى تتكلم عن الولاية مثل قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النساء 144 .
دون النظر لمقاصد الشريعة الكلية من خلال مجمل الشريعة ، دون إجتزاء لجزء بغية الوصول لما تميل له نفسه ، فوجدنا الكثير منهم يحرم ولاية غير المسلم على المسلم مستنداً للنصوص القرءانية التى تتكلم عن الولاية ، دون أن يدركوا أن الولاية المقصودة بالآيات هى الولاية الدينية مثل الصلاة وسائر العبادات ولا تقصد أبداً إلى الولاية فى الحكم والمعاملات الدنيوية -- وإلا لماذا أمر الرسول (ع) الصحابة بالهجرة مرتين للحبشة ، كانت أولها فى السنة الخامسة من البعثة ، ليعيشوا تحت ولاية حاكم نصرانى مسيحى ، وهو الملك النجاشى الذى قال عنه الرسول أنه حاكم لا يُظلم عنده أحد ( فهل كان الرسول - حاشا له - لا يدرك ما أدركه هؤلاء الجهابذة دعاة التحريم ، أم أن فّــهم هؤلاء للآيات كان أفضل من فهم الرسول (ع) !!!!
وكلنا يعلم كيف لاقى المسلمون أفضل الرعاية تحت ولاية الحاكم غير المسلم النجاشى ملك الحبشة -- فكان عدد المهاجرين إلى الحبشة في الهجرة الثانية ثلاثا وثمانين شخصا، من كبار صحابة الرسول . وقد أرسل كفار قريش بعثة إلى نجاشي الحبشة، تحمل الهدايا الثمينة لرشوته ورشوة حاشيته، كي يتخلى عنهم ويسلمهم لقريش ، لكن الحاكم المسيحى العادل ، لم تأخذه الرشوة والهدايا ورفض تسليمهم وأعلن حمايتهم ، وهكذا، فشل كفار قريش في مسعاهم،لأعادة المهاجرين إلى مكة ، بسبب عدل وحكمة ولاية حاكم غير مسلم على المسلمين ، وقد ظل المسلمون بالحبشة حتى السنة السابعة من الهجرة أى لمدة 15 عام تحت ولاية حاكم غير مسلم بأمر من الرسول (ع) .
كما أن من قال بتحريم ولاية غير المسلم على المسلم إستناداً إلى إجماع الفقهاء – --- نقول له هذا كلام غير صحيح ولم يحدث ، لأنه لم يجتمع الفقهاء فى أى عصر ليقرروا ذلك أى لا يوجد إجماع من الفقهاء على التحريم بل هو رأى الغالبية وهو رأى بشرى ولا يملك أحد غلق باب الإجتهاد للتصحيح والتجديد .
لذا نحن نفتى بقلب مطمئن صادق مع النفس أمام الله -- بأن ولاية غير المسلم على المسلمين جائزة شرعاً ، طالما كان هو الأفضل وأجمع على إختياره الشعب ، لأنه من غير المعقول أن يكون مقصد الشارع الألهى تفضيل حاكم مسلم حتى لو كان ظالماً ، على حاكم غير مسلم حتى لو كان عادلاً ، لمجرد أن الظالم مسلم يحمل ورقة تقول أنه مسلم ( حاشا لله )
وعلى الله قصد السبيل وإبتغاء رضاه