أما وقد أعلنتم ترشيحكم بعد طول انتظار، فعليكم بالآتى:
1ـ أن تُعلنوا زمتكم المالية على الفور
فقد سمعت على قناة الجزيرة مع الصحفى محمد القدوسى بتاريخ 2014/3/26 من يُشكك فى ذمتكم المالية، ويدعى أنكم وزملاءكم من المجلس العسكرى الأعلى تملكون الملايين، وأن هذه الملايين لا يمكن أن تكون من مُرتباتكم الرسمية فقط. فنرجوا من سيادتكم التوضيح فى شفافية مُطلقة.
2ـ إعلان الفريق الرئاسى المُساعد لسيادتكم
من نافلة القول إن زمن الزعيم الأوحد قد ولى وانتهى، وأى رئيس فى دولة مدنية حديثة لا بد أن يعتمد على فريق من المُساعدين الذين يتحملون مع الرئيس جزءاً من المسؤولية. لذلك عليكم يا سيادة المُرشح أن تُعلن أسماء مُعاونيك ومؤهلاتهم.
كنت قد وجهت لسيادة المُرشح عبدالفتاح السيسى رسالة سابقة فى نفس هذه الصحيفة، أوضح فيها ما يتوسمه الشعب المصرى والوطن العربى كله فى شخصكم، وأعيد هنا على سيادتكم تلك الرسالة:
1ـ إن هذه الملايين فى مصر والوطن العربى الأكبر، يتصورون، أو يتمنون أن تكون عبد الناصر الجديد. ولكن عليك أن تُدرك أن التاريخ لا يستنسخ قياداته وشخوصه، ولا يُكرر نفسه. وقد وقع عبدالناصر بنفسه فى هذا الوهم حينما دفعته الجماهير دفعاً، إلى أن يتقمص شخصية صلاح الدين الأيوبى، وتوقعت منه أن يُحرر لهم القُدس من براثن إسرائيل، كما حررها صلاح الدين الأيوبى من براثن الصليبيين. فكانت هزيمة يونيه المروعة، التى ما زلنا ندفع فواتيرها إلى الآن!
2ـ وملايين المصريين، تحت خط الفقر، يتصورون، أو يتمنون أن تأتى إلى الرئاسة، ومعك عصا سحرية، تأمر بها الفقر أن ينجلى، وتأمر بها الثراء أن ينبثق، ولكن عليك أن تدرك إن لم تكن قد أدركت فعلاً، أن نصف سُكان المحروسة، يعيشون على أقل من دولار واحد، يومياً. وأن انتشاله من هذا الفقر ممكن ولكنه يحتاج إلى خطة متوسطة المدى (عشر سنوات)، وإلى حزم فى تنفيذها. وقد سبقتنا إلى هذا الطريق بُلدان فى العالم الثالث كنا أكثر منها فقراً، منذ نصف قرن، مثل الهند وكوريا والبرازيل والمكسيك.
3ـ إن الفساد وراء خراب العُمران، كما قال لنا المُفكر عبدالرحمن بن خلدون. فإلى أن تنفذ حكومتك خطتها للقضاء على الفقر، التى ربما تستغرق عدة سنوات، عليكم بإجراءات سريعة لمُحاربة الفساد، الكبير منه فى المقاولات والمُناقصات وصفقات الاستيراد والتصدير، والصغير منه فى المصالح الحكومية وشُرطة المرور والمرافق العامة. ولا يتطلب ذلك إلا عدة شهور من الصرامة فى تطبيق القانون على الجميع ـ وعلى الوزير قبل الغفير.
4ـ إعادة هيكلة المؤسسة الأمنية. فلقد استأسدت وزارة الداخلية، وأصبح لها ذراع فى كل وزارة وكل مصلحة حكومية، تحت مُسميات مختلفة. ومن ذلك أن هناك أمنا لكل وزارة. ولا يستطيع الوزير نفسه أن يتخذ أى قرار كبير، أو يُجرى أى ترقيات قبل الرجوع إلى مكتب الأمن، والذى يرجع بدوره إلى وزارة الداخلية، فكأن هذه الأخيرة قد أصبحت فى الواقع هى وزارة كل الوزارات. ومن هنا الخوف والرهبة والكراهية فى قلوب المواطنين من هذه الوزارة، ومن كل رموزها. وهو ما تجلى يوم 28 يناير 2011، حينما قاد الإخوان الدهماء، وأشعلوا النيران فى العديد من أقسام الشُرطة فى القاهرة الكُبرى، وعدد آخر من المدن الرئيسية. وهناك بُلدان أخرى قامت فيها ثورات مثل ثورتنا، ونجحت فى إعادة هيكلة أجهزة أمنها، بحيث تكون فعلاً فى خدمة شعبها، وليس العكس.
5ـ أما إقليمياً، فلنتذكر يا سيادة المُرشح الرئاسى أن وزن مصر خارجياً يمكن أن يكون ضرب 1×20، أى بعدد البُلدان العربية الشقيقة، التى تعتبر مصر الشقيقة الكُبرى، والقدوة والزعيمة فى وطنها العربى الأكبر. وكان ولا يزال الحِلم العربى، منذ القرن الماضى، هو توحيد أقطار الأمة فى كيان أكبر وأقوى. وقد قال شيئاً بهذا المعنى الشيخ عبد الله بن زايد، نائب رئيس دولة الإمارات، مؤخراً (2014/2/11)، أثناء استقباله لوفد مصرى رسمى. ولعل الكرم الإماراتى فى دعم مصر اقتصادياً هو ترجمة عملية لهذه المشاعر. طبعاً كانت هناك تجارب وحدوية سابقة، فشل أو تعثر معظمها، خلال النصف قرن الأخير. ولكن كانت هناك تجارب وحدوية أخرى ناجحة، فى أقاليم مختلفة من العالم، ربما كان أبرزها تجربة الاتحاد الأوروبى. لذلك قد تنتدب فريق عمل يتوفر على هذا الملف، ويُقدم لكم توصياته، لتفعيلها فى الوقت المناسب.
6ـ ويتصل بنفس الهموم الإقليمية، ملف دول حوض النيل، الذى تعقّد فى الآونة الأخيرة، نتيجة ثلاثين سنة من الإهمال خلال حكم الرئيس محمد حسنى مبارك (1981-2011)، ويحتاج علاجه حِكمة سُليمان وصبر أيوب، وتواضع نيلسون مانديلا. وأظن أن الإخوة الأفارقة سيُرحبون بعودة مصر إلى صفوفهم، بلا صلف أو غرور.
7ـ إن الشعب المصرى شعب عريق وصبور، وعليكم أن تُصارحوه منذ البداية، بحجم التحديات، وربما تستأنس بالعبارة الشهيرة التى صاغها الرئيس الأمريكى الراحل جون كينيدى فى أول خطاب له فى حفل تنصيبه، حينما وجّه كلامه لكل مواطن أمريكى: «لا تسأل ماذا يمكن لوطنك أن يقدم لك. ولكن اسأل نفسك ماذا تستطيع أن تقدم لبلادك».
8ـ وأخيراً، نهمس فى أذنيك يا سيادة المُرشح الرئاسى بنفس ما كان يهمس به أحد شيوخ روما فى إذن كل إمبراطور جديد، أثناء سير موكبه فى شوارع روما بين هتاف وصخب الجماهير الغفيرة. كانت الرسالة، التى يُكررها الشيخ للإمبراطور: تذكر أنك إنسان، وأن كل إنسان فانِ، إن آجلاً أو عاجلاً.. تذكر يا سيدى الإمبراطور أنك إنسان.. وكل إنسان فان..
وعلى الله قصد السبيل.
نقلا عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع