قبل أن يدهسك قطار الدهشة من إحالة أوراق 528 إخوانيًا فى اقتحام قسم شرطة (مطاى) إلى فضيلة المفتى، وقبل أن تخبط رأسك فى أقرب حائط، فى محاولة جادة لفهم قرار المستشار سعيد يوسف، رئيس محكمة جنايات المنيا (الرهيب)، بإحالة هذا العدد الضخم للإعدام، وقبل أن تستنكر وتستنكف وتحس بوجع فى الضمير وألم فى المعدة، وقىء مفاجئ، وإحساس عارم بالصدمة، وقبل أن تضرب كفا على كف، وتحوقل وتحسْبِن على من ظلمهم.
وقبل أن تمتدح أو تذم المستشار سعيد (ينظر الآن فى أمر 683 إخوانيا آخرين فى اقتحام قسم شرطة العدوة)، عليك أن تستجمع ما تبقى من قواك العقلية، وتتهيأ نفساويًا لمشاهدة ما شاهده القاضى، وترهف السمع منصتًا لما سمعه، ستشاهد جنونًا مطبقًا، وتسمع همهمات وحشية، ما جرى فى اقتحام قسم شرطة (مطاى ) توحش، كلاب عقورة، حتى الجثث لم تفلت من بين أسنانها.
لو كنت مكان المستشار يوسف وشاهدت بالفيديو قتل العقيد مصطفى العطار (نائب المأمور)، وهجوم متوحشى الإخوان على جثته المسجاة عارية فى استقبال المستشفى العام، ومحاولات مجرمة لخطفها والتمثيل بها، والشيخ يستعطفهم ويتذلل لأزلامهم، حرام عليكو!!
وتشاهد طبيبًا إخوانيًا فى استقبال المستشفى يخون القَسَم ويقتل العقيد عامدًا، يمنع عنه المحاليل والدم فى النزع الأخير، المجرم يضربه بأسطوانة الأوكسجين، يزهق روحه، وسط تهليل وتكبير، ولو احتملت ستشاهد وتسمع بأذنيك متوحشا بدقن وزبيبة يصر على التبول على الجثة، «عاوز أشخ عليه ابن.....»، والفيديو معنون «الإخوان.. نائب مأمور مطاى تعذيبه حتى الموت».
وعليك قبل أن تحاكم القاضى أن تشاهد الإخوان الهمج المتوحشين وهم يسحلون الضابط كريم فؤاد فى الشارع أمام القسم، يزفونه كلص، ويضربونه بالأيدى وبالعصى ومواسير المياه وبأحذيتهم القذرة، علقة موت، وهم يكبرون الله أكبر، الله أكبر، وتسمع صرخات الضابط الشاب تشق عنان السماء ألمًا، وصوتا لايزال لديه عقل وضمير يتمتم: والله حرام اللى بتعملوه.
شاهدوا الفيديوهات، متوافرة على اليوتيوب، شاهدوها قبل أن تحاسبوا القاضى، حاسبوهم قبل أن تحاسبوا، لا يروعنكم قرار الإحالة إلى المفتى، شاهدوا قبل أن تحكموا، واحكموا بعد أن تشاهدوا، لا تقفوا أمام الحكم عاجزين عن التفكير والتفسير، لا يسحبكم موج الاستنكار الذى سيغرق المستشار والقرار فى الخطيئة، ويعمد إلى أن يغفر لهؤلاء القتلة سابقة إجرامهم.. فقط لكثرة عددهم.
عفواً، لن أترك لعقلى أبدا العنان ليرفض حكمًا رادعًا فاصلًا بين شريعة الغاب وشريعة القانون، بين حكم المرشد وحكم المستشار، لن أتعاطف مع متوحشين، فقط لأن عددهم كبير، ولكن ينقصنا التدقيق، من هم القتلة الحقيقيون بين هؤلاء المجرمين على وجه اليقين؟
نقلا عن المصري اليوم