بقلم : د.ماجد عزت اسرائيل
القديس الروحانى" أباكير السريانى"(1957-2002م)، ترهب فى أواخر القرن العشرين بدير السريان ، أحد أديرة وادى النطرون الذى عرف عبر التاريخ القبطى باسم برية شيهيت أو "برية شيهات؛ ومعناها ميزان القلوب أى المكان الذي يزين الله فيه قلوب ساكنيه ليعرف مقدار محبة كل واحد منهم له ،وفى تلك البرية عاش "أباكير"كراهباً محباً لله ولأخوانه الرهبان،وعرف عنه حبه لكتابة الشعر وإلقاءه بشتى أنواعه،ونظم العديد من القصائد والمدائح ،وظل عطائه ينبوع لا ينقطع ،حتى رحل عن عالمنا الفانى 26مارس 2002م،وفى ذكراه الثانية عشرة،نقلب صفحة من صفحاته فى دفتر الزمان، لعلها تكون دراساً ورسالة لنا فى عالمنا الحاضر.
القديس الروحانى" أباكير السريانى " كانت رسالته لرهبان برية شيهيت وراغبى الرهبنة القبطية أن كل راهب يعرف المسيح ويلتصق به ويعيش حياة البتولية والطهر والاحتمال،ويعلم أن حياته على الأرض مثلماً تكون فى السماء ، ولـــقد أكـــد على ذلك فى أحد قصائده لرهبان برية شيهيت قائلاً:
- ها هنا فى الدير نحيا طقس سكان السماء
- فى بتولية و طهر فى براءة و نقاء
- فى احتمال و جهاد قائم حتى الدماء
- هاهنا فى الدير أفضل من قصور الآمراء
والقديس الروحانى" أباكير السريانى " كانت تعاليمه ورسالته إلى رهبان برية شيهيت ، بضرورة الاستفادة من خبرات شيوخ الرهبان النساك والمتوحدون فى البرارى والشقوق، لأنه بفضل صلواتـهم وتسابيحهم ومحبتهم يتعلم كثيرون محبة الله ،وهو ما أكد عليه فى أحد قصائده حينما قال:
- بيننا ناسك و زاهد يسكن بين القبور
- بيننا صامت و تائه فى المغاير والصخور
- و مسبح لا ينام و صلاته كالبخور
وقد وجه القديس الروحانى" أباكير السريانى " رسالة آخرى ليس لرهبان برية شيهيت فقط، بل لكل أم تحتضن أبنائها وتربيهم وتأهلهم حسب تعاليم السيد
المسيح ،ولكل دير يراعى رهبانه ومريده، ولكل كنيسة تراعى شعبها وتعلمهم مبادىء وتعاليم المسيح،وهو ما أشار إليه فى أحدى قصائده قائلاً:
- أيتها الامومة ما أعظمك يا أجمل عاطفة فى الحياة
- نراك فى العذراء فى الكنيسة فى الآم عطية الرب الآلهه
و لم ينسى القـديس الروحــــانى" أباكير السريانى " فى رسائله الشعــرية بطريرك الكنيسة القبطية،فمدح المتنيح قــداسة البابا "شنـودة الثـالث" البطريرك (117) (1971-2012م) قائلاً:
أنبا شنودة يا راعينا يا درة القرن العشرين
أنر عقولنا و أخبرنا من تشبه م القديسين
كما عرفه عن القديس الروحــــانى" أباكير السريانى " حبه لشعر الرثاء،فكتب فى رثاء أبيه قائلاً:
- أكملت سعيك يا أبى ورحلت عنا فى سـلام
- عشت وديعا هادئا عشت بسيطا كالحــمام
- فى الصمت المغبوط عشت ناطقا بحـــلو الكلام
وعندما رحلت شقيقته رثاها قائلاً:
- من يقول أنك قد غبتى عنى أنت فى قلبى و أيضا فى دمائى
- صوتك أسمعة فى أذنى يناجينى فى الاصباح و الآمساء
و للقـديس الروحانى" أباكير السريانى " العديد من المدائح، فى مـــدح كثير من الاباء القـــديسين نـذكر منها على سبيل المثال مديحـة للقديس أنبـــا يحنس القــصير، ومديحة للشهيدين أباكير و يوحنا ، ومديحة الآنبا موسى الاسود ، ومديحة القـديسين مكسيوس و دماديوس ، و مديحة الأنبا برسوم العريان ،لدرجة جعلت من رهبــــان برية شيهيت أن يطلقوا عليه قيثارة الروح.
كان القـديس الروحــــانى" أباكير السريانى "من عاشقى تراب مصر،ودائما كان من الرافضين للهجرة خارج البلاد ،وهذا ما ذكره فى أحد قصائده عن مصر قائلاً:
-ربى احــفظ ديــرنا ....................................... وكل ديــارنا من شرور
-ربى احـفظ مصرنا....... ................................. سيَّجَ عليـــها مثل ســــور
وأخيراً،يحتفل ديرالسريان بالقديس الروحانى "أباكير السريانى"، تحت رعاية الحبر الجليل نيافة الأنبا "متاؤس" رئيس دير السريان،بإقامة قـداس الـذكرى السنوية يوم 26 مارس 2014م .