هي واحدة من أغرب الجرائم وأبشعها وأكثرها قسوة، تجرد أب، في العقد الخامس من عمره، من كل مشاعر الرحمة والإنسانية، وماتت بداخله مشاعر الأبوة، وأقدم على تعذيب ابنته البالغة من العمر خمس سنوات بسبب شكه في سلوكها!!
تفاصيل الجريمة دارت أحداثها في محافظة أسوان، وبدأت عندما عثر أهالي منطقة «كيما» على جثة طفلة ملفوفة في بطانية، بالقرب من زاوية صلاة، أبلغوا أجهزة الأمن بالواقعة، وتبين أن الجثة بها آثار تعذيب عنيف في مناطق متفرقة من الجسم.
توصلت التحريات إلى أن القتيلة اسمها «رحمة» تبلغ من العمر خمس سنوات، وأن القاتل هو والدها، وألقي القبض على المتهم وأقر بجريمته.
قال المتهم: اسمى عادل عبد الله، أعمل سائقا، وعمرى 43 سنة، تزوجت ثلاث مرات، الأولى كانت قبل سنوات طويلة، وأنجبت منها ابنتى «رحمة» وولدين (محمد 15 سنة، وعبد الله 8 سنوات) ثم حدثت خلافات بينى وبين زوجتى فتزوجت بأخرى، ولكننى انفصلت عنها سريعا، ثم تزوجت الثالثة «صابرين»، وهى تصغرنى بعشرين سنة، وكانت زميلة لابنة أختى في المدرسة، بعد زواجى الأخير ترددت شائعات عن سوء سلوك زوجتى الجديدة، وأكد لى أكثر من شخص أنها ليست فوق مستوى الشبهات، تجاهلت كل ذلك واستمرت الحياة بيننا، إلى أن أنجبت منها ثلاث بنات، ورفضت تسجيل اثنتين منهن في دفاتر المواليد حتى الآن، ولن أسجلهما حتى أجرى تحاليل الـ«DNA» للتأكد من أنهما ابنتاى.
قاطعناه «لماذا؟ وكيف قتلت ابنتك رحمة؟».. تجهم وجه المتهم وصمت قليلا ثم أجاب: «ابنتى رحمة كانت الابنة المقربة إلى قلبى، وكثيرا ما دخلت في مشاجرات مع زوجتى الثالثة «صابرين» بسبب معاملتها السيئة لرحمة، وقبل موت ابنتى بيومين، فوجئت بابنى عبد الله يحضر إلىّ ويخبرنى بأن رحمة تجردت من ملابسها الداخلية أمام طفل يكبرها بعام واحد أثناء حضورها فرح إحدى قريبات زوجتى الثالثة، وأكد أنها كانت تقوم بحركات منافية للآداب، ولأننى «صعيدى ودمى حامى» فضلا عن أننى أعانى ما يتردد عن سوء سلوك زوجتى صابرين، تدفق الدم في عروقى وعقدت العزم على الانتقام لشرفى وكرامتى وتأديب الطفلة حتى لا تكرر ما فعلته، ضربتها على وجهها مرارا وتكرارا، ودون أن أشعر أحضرت سكينًا حادا وأصبتها بجروح في الوجه، ثم وضعت السكين على النار وكويتها في أماكن متفرقة من الجسم، خصوصا الأماكن الحساسة، ثم أحضرت سلك كهرباء وبدأت «أجلدها» به على ظهرها وبطنها بكل قسوة وعنف، وأحيانا كنت أفقد أعصابى وأصاب بهياج شديد وأعضها بعنف بأسنانى، استمر التعذيب ليوم كامل حتى فقدت الوعى، بدأ قلبى يرق لها، وباتت ليلتها في حضنى، في الصباح فوجئت بها لا تقوى على المشى، وآثار الضرب والتعذيب تظهر على كامل جسدها، طلب ابنى الأكبر محمد أن نذهب بها إلى المستشفى، ولكننى رفضت خوفا من المساءلة، نامت على رجلى وهى تقول: «بابا أنا معملتش حاجة وحشة ومقلعتش هدومى، صابرين هي اللى كانت مع واحد تانى في بيتهم وأنا شفتها، أنا تعبانة يا بابا ومش حاسة برجلى»، بدأ صوتها يضعف رويدا رويدا، إلى أن غابت عن الوعى وسرعان ما اكتشفت وفاتها، اسودت الدنيا أمامى ولطمت وجهى، وسألت ابنى عبد الله عن حقيقة ما حدث، فأكد لى أن «صابرين» هي التي طلبت منه الكذب وإخبارى بأنه شاهد رحمة تخلع ملابسها مع طفل.
طأطأ المتهم رأسه إلى الأرض وتنهد في ضيق واضح قبل أن يستطرد: «طلبت من محمد ابنى الأكبر أن يكتم الأمر، ووعدته بالانتقام لمقتل شقيقته من زوجتى صابرين، ثم اتصلت بصديق لى يدعى هشام وشهرته «السمكرى» وطلبت منه أن يحضر ليساعدنى في دفن الجثة، غطينا الجثة ببطانية وحملها السمكرى ومعه ابنى وخرجا بها، ثم عادا وأكدا أنهما دفناها بعد تغسيلها وتكفينها بمعرفة جمعية خيرية قريبة، بدأت أفكر في طريقة للانتقام من صابرين، غير أننى فوجئت برجال المباحث يلقون القبض علىّ، واعترفت لهم بجريمتى وقدمت لهم الأدوات التي استخدمتها في الجريمة»، الغريب في الأمر أنه رغم اعتراف المتهم التفصيلى بجريمته، إلا أنه عاد وأنكر قتل ابنته وتحدث بكلمات مرتبكة ومتضاربة، مشيرا إلى أن زوجته صابرين هي التي دبرت كل شيء، ودست له المواد المخدرة في أحد المشروبات، حتى يغيب عن الوعى ويرتكب الجريمة، وفى نهاية حديثه قال إنه يتمنى الخروج من الحجز حتى ينتقم منها.
تركت المتهم والتقيت بوالدة المجنى عليها «حميدة» (35 سنة) وسألناها عن الواقعة، أجابت بكلمات قليلة يخنقها البكاء قائلة: «منه لله قتل ابنتى وحرق قلبى عليها، عذبها بكل عنف بلا ذنب، والسبب وشاية من زوجته» توقفت الأم عن الكلام بعد أن غلبها البكاء، فتركتها والتقيت بالشقيق الأكبر للقتيلة «محمد» الذي أكد هو الآخر أن والده هو قاتل «رحمة» وأنه تخلص من الجثة بإلقائها بالقرب من زاوية للصلاة، أما شقيقها الأصغر عبد الله فقال بكلمات بريئة: «بابا هو اللى موّت رحمة، هو ضربها وكواها بالنار، هي نامت وصحيت، وبعدين نامت وماتت، هو موّتها علشان ماما صابرين قالت لى قول لبابا إنى شفت رحمة بتقلع هدومها مع عيل»، وفى أقواله أمام المباحث أكد «السمكرى» أنه تلقى اتصالا تليفونيا من صديقه عادل أخبره فيه بضرورة الحضور بسيارته، لنقل ابنته رحمة المريضة إلى الوحدة الصحية، فتوجه إليه وأخذوا الطفلة وكانت ملفوفة في بطانية، ثم نزل هو وابنه محمد وطلبا منه الانصراف، ولم يعلم بوفاة الطفلة إلا بعد العثور على جثتها.
بعد الانتهاء من التحريات والتحقيقات التي أجريت بمعرفة المقدم ناصر مصطفى نائب مأمور قسم ثان أسوان، والرائد محمود حامد رئيس مباحث القسم، تحت إشراف اللواء أحمد حجازى مدير المباحث الجنائية، أمر اللواء حسن السوهاجى، مدير أمن أسوان، بإحالة المتهم إلى النيابة العامة للتحقيق في الجريمة، ورفضت نقابة المحامين توكيل محام منها لحضور التحقيقات معه، نظرا لبشاعة الجريمة التي ارتكبها.