مدحت بشاى
لا تتخيل عزيزي القارئ، ولا أعرف بدقة كيف أصف مشاعري، وأنا أطالع عنوان «لنشعل شمعة في الظلام»، وأنه مقال للكاتب الكبير فهمي هويدي، فانسابت دموعي تأثراً، وذهبت بسرعة بعيني لاسم صاحب العمود وصورته فتأكد لي فعلاً أنه للكاتب بعينه وهيه هيه الجريدة بيته ومطرحه.. فللوهلة الأولى، اتخيلته عمود «فكرة» للراحل الجميل الفيلسوف «على
أمين» ومن بعده أخوه السياسي الإنسان الرائع «مصطفى أمين» اللي سكن عموده بعد رحيل أخيه.. هو ده العمود اللي كنا بنستناه مع صياح الديك كل فجر فيطيب الخواطر، و يصحي فينا مناطق صناعة الحب والأمل والنجاح والتسامح والنبل والوفاق المجتمعي والإنساني، فيخرج من العمود مليون فكرة لأعياد الحب والأم والأسرة ومشروع « ليلة القدر» ومساعدة طلاب الجامعات في غربتهم، ويحكيلك كل يوم حكاية من حكايات الكبار وازاي بقوا كبار، والكلام عن شمعة الأمل لما تنور في دياجير عتمة الجهل والتخلف واليأس والقنوط..
أيوه، اليأس والقنوط والإحباط اللي كان بيجيلنا بعد قراءة صفحة «بصراحة» للأستاذ هيكل في الأهرام، فتكره نفسك وناسك ووطنك وحكومتك وتسود الدنيا في عينيك، فتروح بسرعة لــ«فكرة» آل أمين، فيبلسملك جراحك بحديث شموع التنوير والبناء والنجاح والفرح، فتبتدي يومك وانت أطيب وانت أجمل والاستشفاء مضمون يا ولدي.
أعود لشمعة هويدي، وتعالوا نشوف اللي قاله في الفقرة دي «أنفقنا اليومين الماضيين فى مصر ونحن نلعن الظلام، لكننا لم نلحظ ولم نسمع صوتاً حاول أن يضىء الشموع فى مواجهته، إذ لم يخل منبر إعلامى أو تصريح صحفى من هجاء الإرهاب وسنينه والدعوة إلى سحقه وبتر أصابعه، وتلك أهداف لايختلف عليها أحد، لكن الخلاف يمكن أن يطل فى التفاصيل والوسائل. وما لاحظته على خطاب اليومين الأخيرين أنه ظل محصوراً فى حدود النقمة والغضب والتعويل على قدرة الأمن على الحسم والبتر. وإذا ما استخدمنا أدوات تحليل الخطاب فسوف نكتشف أننا فى مواجهة الإرهاب نستسلم للانفعال ونتوسل بالعضلات. ولست أرى غضاضة فى الانفعال أو اللجوء إلى الحسم والردع، حيث اعتبر ذلك أمراً طبيعياً بل واجباً، ولكن تحفظى ينصب على الاكتفاء بهما، واغلاق الأبواب دون استخدام العقل أو تغييب السياسة».
طيب يا أستاذ هويدي، هوه سعادتك مش ملاحظ إن الدم اللي في الشوارع والغضب اللي في الصدور كان بسبب حكاية تفعيل السياسة مع اللي مايتسموا واللي عمرهم ماعرفوا لكلام السياسة معنى ولا سكة، وإنهم وقعوا وقعتهم السودة لما اتصوروا إنهم بيعرفوا سياسة فكانت سنتهم القطران محصلة فشل سياسي وأخلاقي وقيمي لبشر الغابات؟!!
يا سيدي الهويدي، مين قال لمعاليك إنه غيبنا السياسة والحوار مع صناع الإرهاب ومجرميه، أفكر معاليك واحلف لك وما لك عليه حلفان يا راجل، هوه اللي عمله «البرادعي» وتلميذه «بهاء الدين» ورئيس الحكومة اللي مشاها الناس إيه، مش قعدوا في مفاوضات وفعل سياسي ممل ورذيل مع المحتلين في «رابعة» و«النهضة» على حساب أهالي المناطق دي اللي لم يعوضوا ولم يكرموا بعد ماشافوا الذل بحصار إخوان الشر ومن والأهم، ولمدة 47 يوم سودة؟..
أفكر معاليك، إن النتيجة لما كلمناهم سياسة وبشر لبشر طلعوا مش بشر سلمي، اتحولت «رابعة» و«النهضة» لثكنات لعسكرة الشر والبغي وكراهية الوطن ودور لفتاوى استحلال القتل وتدمير وحرق كل آيات الجمال والخير والزرع والنماء؟.. دول خلونا يا راجل نغني مع العندليب «طفيت الشمع.. رميت الورد يا هويدي»!!
وبعدين يا أستاذنا الكبير، ألا تلاحظون أنه وبمناسبة سقوط اللي مبيعرفش سياسة هوه وأهله وعشيرته، واحنا كل يوم على غيار الريق الأرض بتطرح للأسف «زوان» ونباتات طفيلية بيسموها مبادرات صلح لأقزام فكر وسياسة، واللي منهم كان كبير صغر في عيون الناس لأنهم ببساطة عارفين إن الشعب اللي قام بثورتين لايمكن يقبل بوجود أي صلح لتبريد غضبنا وتأجيله على اللي أحالوا نهار المحروسة لليل غبي ما ينوروش غير الإجهاز على شرهم بالقانون اللي عمرهم ما احترموه.. أيوه كل يوم مبادرة ووصل بينا الأمر لمحامي يستقبله بكل أريحية برنامج علشان يبتدي كلام مبادرته بقوله «الرئيس مرسي» فلما يراجعه المذيع والحضور، يرد «أيوه هو بالنسبة لي الرئيس» في إهانة واحتقار لشعب عظيم قام وانتفض بالملايين لعزل « المعزول» وإسقاط عشيرة النكد، وكأنه بات علينا نتهان في الإعلام، ونتابع سقوط الشهداء في الشوارع، وكمان جاي معاليك عايزنا نولع شمعة لإرهاب الإخوان!!!!!
والسبت الجاي هكلمك على قنوات الفلول الشغالة على تبريد روح الثورة وتهيئة التربة للعودة للبرلمان، وهكلمك عن حاجة كده اسمها «الصالون» اللي بيستضيف الرموز الإخوانية والسلفية لإعادة إحياء رسالة «البنا» و«قطب» للوجود والاحتفاء بحزب «النور» ودوره العبقري لما مشاركش في ثورة 30 يونية، ولكنه قعد مع اللي شاركوا راس براس، وبتحدي مقيت كمان دخل لجنة وضع الدستور .. ملعونة «السياسة» ياعم هويدي واطفي شمعك .. فرستني!!