مجدي جورج باحث اقتصاد دولي . فرنسا
هذه المقالة ليست جديدة بل كتبتها ونشرتها في نهاية عام ٢٠١٢ ولكني أعيد نشرها بحذافيرها الان بمناسبة ما حدث من تحرش جماعي لاحدي الطالبات بجامعه القاهرة وما حدث من رد فعل لرئيس الجامعة ولبعض الإعلاميين ، وهذا هو نص ما كتبته منذ عام ونصف :
ذكر المهندس عماد توماس علي موقع الأقباط متحدون اليوم السبت 27 أكتوبر ٢٠١٢ أن الإخوان المسلميين مشاركة منهم في الحملات التي انطلقت لمحاربة التحرش بالفتيات والسيدات خلال عيد الاضحي ، يقومون بتوزيع منشورات تحت العنوان السابق (( لا تكوني سبب التحرش )) والعنوان لا يحتاج الي شرح ولا الي تفاصيل لأننا نعرف عقلية هذه التيارات الظلامية منذ أمد بعيد ، فهذه التيارات وخصوصا في موضوع المرأة دائماً ما تلقي اللوم علي الضحية وهي المرأة .
فكلنا نذكر تصريحات مفتي استراليا المصري الأصل تاج الدين الهلالي الذي قال لا تلوموا القط إذا اكل اللحم المكشوف وذلك عقب إدانة مجموعة من الشباب المسلمين لتحرشهم بأحدي الفتيات باستراليا .
طبعا هذه الممارسات وإلقاء اللوم علي الضحية هو سلوك ممتد في منطقتنا العربية منذ قديم الزمان ، فالمرأة يجب أن تغطي جسدها من شعر رأسها حتي أخمص قدميها لان جسدها عورة وهي سبب غواية الشيطان للرجل ، ولكن حتي مع حجاب المراة ونقابها يتم الاعتداء عليها والتحرش بها وحتي اغتصابها في بعض الأحيان وكم قرأنا عن حوادث خطف واغتصاب لمنقبات ومتحجبات لم يمنع حجابهن أو نقابهن من تعرضهن لمثل هذه الحوادث ، فالمسألة ليست مسالة حجاب أو نقاب أو حشمة ( وان كنت اول من يدعو الفتيات الي الحشمة والزينة الحسنة ) ولكنها مسالة تحول مجتمعنا المصري الي مجتمع لديه شبق وهوس جنسي خصوصا مع صعود التيارات الاسلامية ووصولها للسلطة بعد ثورة 25 يناير حتي أصبحنا نقرا عن حوادث اغتصاب أطفال دون السادسة كما حدث مع طفلة أسوان ذات السنوات الست الذي قام مدرسها الأربعيني باغتصابها .
وياليت سياسة إلقاء الاتهام علي الضحية هي لغة الشارع فقط ولكنها للأسف أصبحت مقننه ومعترف بها فنحن نعلم أنه حتي القوانين لدينا تسير علي نفس المنوال في لومها للضحية فهي تعفو عن المغتصب اذا قام بالزواج ممن اغتصبها وهذه القوانين ايضا لا تعاقب الرجل إذا قتل زوجته دفاعا عن شرفه ولكنها تعاقب المرأة إذا قامت بقتل زوجها إذا خانها وضبطته متلبس بنفس الجريمة .
في كل دول العالم المتقدمة هناك قوانين لمحاربة التحرش وهناك عقاب صارم للاغتصاب وهتك عرض الفتيات وكلنا قرأنا عن ما حدث لرؤساء دول وشخصيات شهيرة تم محاكمتها أو عقابها علي تحرشها بفتيات أو سيدات فقد شاهدنا ذلك في محاكمة كلينتون رئيس أقوي دولة بالعالم وشاهدنا ذلك في محاكمة موشيه كاتساف الرئيس الإسرائيلي السابق والحكم عليه بتهمة الاغتصاب وأيضاً استبعاد وسجن دومنيك شتراوس المرشح لرئاسة صندوق النقد الدولي بسبب قضية تحرش جنسي .
كل هذه الأمثلة وغيرها لم يلقي اللوم علي المرأة أو الفتاة المتحرش بها بل اعتبروها ضحية .
في كل هذه القضايا وفي غيرها لم يسألوا إذا كانت الفتاة المتحرش بها منقبة أم محجبة أم سافرة أو حتي عارية .
لم يسألوا إذا كانت الفتاة سمراءام بيضاء.
لم يفرق معهم إذا كانت خادمة بسيطة في فندق كما في حالة دومنيك أو فتاة من علية القوم تعمل في منصب قريب من مؤسسة الرئاسة كما في حالة كلينتون وكتساف .
لم يسألوا عن وضع المغتصب او المتحرش هل هو من علية القوم فنداري عليه ام من الرعاع فنشهر به ونفضحه .
لم يسألوا عن دين ومعتقد المتحرش بها أو المغتصبة قبل الحكم علي مغتصبها .
أقول كل هذا لان التحرش في بلادي له تعاريف ومعايير مختلفة فالتحرش بطفلة او اغتصابها او حتي اختطافها مسكوت عنه عند البعض ومقبول عند البعض ومرحب به جداً عند البعض هذا لو كان المعتدي عليها قبطية كما حدث مؤخراً مع طفلة مرسي مطروح القبطية ذات الأربع عشر ربيعا هي وغيرها من الآلاف الفتيات القبطيات اللاتي يتحرش بهن كل يوم ومثل عشرات القبطيات اللاتي يخطفن ويغتصبن في ظل صمت وتؤاطي بل ومشاركة من أجهزة الدولة وفي ظل صمت رهيب من النخبة ومعظم منظمات المجتمع المدني .
يا سادة الدول حولنا تتقدم وتسير للإمام لان العدالة عندهم عمياء لا تفرق بين إنسان حسب لونه او دينه او جنسه بينما نحن نتاخر ونعود القهقري للوراء لان عدالتنا عوراء تحكم في الناس حسب أديانهم وجنسهم .
نهاية أقول الغريب في الأمر ان ازدياد قضايا التحرش والاغتصاب بما فيها اغتصاب الأطفال تتزايد بمعدل تزايد طردي مع ازدياد النقاب والحجاب والتدين الشكلي في بلادي عكس حال الستينات والسبعينات الذي كان فيها الحجاب نادرا والنقاب يكاد يكون منعدما ومع ذلك نادرا ما سمعنا عن هذه الحوادث فماهو هو الرابط ياتري بين ازدياد التدين وازدياد قضايا التحرش والاغتصاب بما فيها اغتصاب الأطفال ؟!!!