الأقباط متحدون - الإرهاب والعقل
أخر تحديث ٠٣:٠٧ | الاثنين ١٧ مارس ٢٠١٤ | برمهات ١٧٣٠ ش ٨ | العدد ٣١٣١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الإرهاب والعقل

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

د. مراد وهبة
فى عام ١٩٩٨ تم التوقيع على اتفاقية عربية لمكافحة الإرهاب فى اجتماع مشترك لمجلس وزراء العدل والداخلية العرب.

وفى مارس عام ٢٠٠٢ تم عقد ندوة عربية بالخرطوم، فى إطار مجلس وزراء العدل العرب، حول اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة انتهت إلى توصية مفادها مكافحة الإرهاب وجريمة غسل الأموال.

وفى سبتمبر ٢٠٠٢ صدر قرار عن مجلس الجامعة على المستوى الوزارى يؤكد على الموقف العربى من مكافحة الإرهاب.

وفى ٣ فبراير ٢٠١٤ أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمراً ملكياً ينص على عقوبات تتراوح بين ثلاث سنوات وثلاثين سنة لمن يشارك فى قتال خارجى أو يحرض على ذلك بأى شكل من الأشكال. وأظن أن بداية التفكير فى إصدار ذلك الأمر الملكى مردود إلى ما لاحظه الملك من انخراط الشباب السعودى فى العمليات الإرهابية الانتحارية منذ أحداث ١١ سبتمبر فى أمريكا وفى العراق فيما بعد ٢٠٠٣ ثم تنظيمات الإرهاب فى سوريا اليوم.

وفى ١٢ مارس ٢٠١٤ انعقد المؤتمر الدولى الأول لمكافحة الإرهاب ببغداد. وفى نفس ذلك اليوم انعقد فى مراكش المغربية مؤتمر وزراء الداخلية العرب لتنسيق الجهود بين الدول العربية فى «الحرب الكونية على الإرهاب».

واللافت للانتباه أن جميع هذه القرارات تنص على ضرورة مكافحة الإرهاب، ومع ذلك فالسؤال مازال قائماً: ما الإرهاب؟

التعريف الشائع للإرهاب أنه الاستعانة بالقوة المسلحة القاتلة ضد الأفراد أو الجماعات فى زمن السلم من أجل إكراه طرف ثالث على تلبية طلبات الإرهابيين، فى حين أن ثمة إرهاباً يخلو من وجود طرف ثالث. فاغتيال السادات تم بفعل نفر من القوات المسلحة اعتقد أنه حاكم مرتد لأنه سمح للقوانين الكافرة بأن تحكم مسلمى مصر، وأنه قد أبرم معاهدة بين مصر والنظام الصهيونى فى فلسطين المحتلة. وهذا يعنى أن الاغتيال هاهنا لم يتم تنفيذه لإجبار طرف ثالث، ومع ذلك فإن هذا الاغتيال يعتبر عملاً إرهابياً.

إذن ما الإرهاب؟

أظن أن نقطة البداية فى تعريف الإرهاب تكمن فى الإرهابى وليس فى غيره من بنى البشر أجمعين، ومن ثم يمكن القول بأن الإرهاب يكمن فى عقل الإرهابى لأنه كائن عاقل فى المقام الأول. والسؤال إذن: ماذا يحدث فى العقل بحيث يتحول إلى عقل إرهابى؟

أظن أن الجواب عن هذا السؤال الشائك يبدأ من الفيلسوف الألمانى كانط عندما قال إن العقل له خاصية متميزة، وهى أنه يبحث عن المطلق ولكنه عاجز عن اقتناصه. وهنا يميز كانط بين حالتين: حالة البحث عن اقتناص المطلق، وحالة اقتناص المطلق بالفعل. الحالة الأولى قائمة منذ القدم ومازالت قائمة حتى اليوم. أما الحالة الثانية فإذا تمت فإنها تتم بالوهم لأن العقل النسبى ليس فى إمكانه اقتناص المطلق، لأن اقتناصه فى هذه الحالة يحيله إلى نسبى فيفقد مطلقيته. ومع ذلك فالأصولى يتوهم أنه مالك للحقيقة المطلقة. وحيث إن الحقيقة المطلقة واحدة فوجود منافس لها يهدد وجودها، ومن ثم فإذا تعددت الحقائق المطلقة فإنها تدخل فى صراع بالضرورة. ومن هنا يقال على الإرهابى إنه أصولى لأن الأصولى هو الذى على «يقين» بأنه مالك للحقيقة المطلقة. العلاقة إذن عضوية بين الأصولى والإرهابى وهذه العلاقة تشكل فى النهاية نتوءاً يأخذ فى الاتساع إلى أن يتحكم فى النسق الحضارى برمته وبالتالى تكون الحضارة معرضة للسقوط. وهكذا يمكن تعريف الإرهاب بأنه نتوء حضارى.

والسؤال إذن:

كيف يمكن إنقاذ الحضارة من نتوئها، أى من الإرهاب؟

نقلآ عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع