البابا يواجه السادات في بناء الكنائس: اتفقنا على 50 كنيسة ولم يتم التنفيذ
البابا يرفض إرضاء السادات بالذهاب إلى تل أبيب
كتب – نعيم يوسف
البابا الوطني
في الذكرى الثانية لرحيله, نحيي سيرة قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ونقترب أكثر في هذا التقرير من شخصية البابا الوطنية التي كانت بمثابة "صوتًا صارخًا" في وجه العصر الساداتي الذي انتهى باعتقال البابا شنودة أو "تحديد إقامته" كما لقي السادات مصرعه على أيدي التيارات الإسلامية التي أطلقها في وجه كل من عارضه واختلف معه حتى لو بدافع وطني...
بداية الصدام مع السادات
في بداية عصر السادات لم يكن في حاجة إلى توسيع دائرة أعدائه وبالتالي الصدام مع "بابا الأقباط" لم يأتي إلا بعد أن أزاح القوى الناصرية من أمامه، خاصة بعد أن أطلق العنان للتيارات الإسلامية في المجتمع وبدأت حوادث الفتنة في المجتمع وقتل الأقباط وحرق كنائسهم، وهنا ظهر الدور الوطني لـ "بابا الأقباط" الذين حرقت كنائسهم وزهقت أرواحهم.
البابا يسرد تفاصيل لقائه بالسادات
ويسرد البابا الراحل – في حوار تلفزيوني له – تفاصيل لقاء جمع بينه وبين السادات حول هذا الشأن قائلاً: البابا قال : " السادات قال لى أنا عايز أصل بالأتفاق بينى وبينك وتقول على عدد الكنائس التى تحتاج إليها كل سنة وأنا أعدك على العدد اللى تقوله وازود عليه بعشرة من عندى "
وتابع البابا: أنا كنت قاعد أفكر قال لي ليه بتفكر وعاد نفس الكلام والرقم اللى هاتقول عليه هازود عشرة قلتله يا ريس أنا يعنى أنا خايف أقولك اى رقم يتعبك مع المسلمين في تنفيذه قال لي لا .. لا .. أطمئن كويس أحنا ماسكين البلد كويس من جوه بس نكون متعاونين من الخارج.
فرد البابا:" أنا عايز أقوله الرقم اللى أقوله اقوله موش عارف قولت له شوف ياريس أحنا عندنا عشرين محافظة فى البلد قال أيوه فلو أن كل محافظة بكل مراكزها مدنها وكل بنادرها وكل قراها أخذت كنيستين أثنين يبقى أثنين في عشرين يبقى بأربعين" قال السادات : "يبقى على أديك خمسين كنيسة "
اتفاق لم ينفذ
وأضاف البابا إن الإتفاق لم ينفذ موضحًا: أنه بعدها بخمس سنوات قابل السادات وقال له: : يا سيادة الرئيس .. كان الإتفاق الذى تم بينى وبينك بخصوص الكنائس أتفاقاً نبيلاً وترك فى نفوس الأقباط أعمق الأثر وقابلوه بشعور الشكر والأمتنان , وأنا اعترف أنك أعطيتنا فوق ما نطلب , وخلصنا من دى , وقلت له : هل الإتفاق اللى كان بينك وبينى نفذ أم لم ينفذ ؟ وقال البابا : " كان الكلام ده فى آخر 1972 م وكانت خلصت سنة 72 .. فى سنة 1973 م أخدنا 32 قرار جمهورى وفى سنة 1974 م أخدنا 17 قرار جمهورى , وفى سنة 1975 م وسنة 1976م أخدنا خمسة قرارات جمهورية وفى السنة اللى أحنا فيها 1977 أخذنا 4 قرارات جمهورية يعنى جميع القرارات الجمهورية التى أخذناها فى خلال 5 سنين أخدنا 58 قرار جمهوري يعنى موش هو الاتفاق اللى تم بينى وبينك ".
البابا يرفض قرار السادات بالتطبيع مع إسرائيل
ولم يقتصر الخلاف بين البابا والرئيس على المسائل المتعلقة بالأمور الروحية فقط ولكن مواقف البابا الوطنية، زادت من حنق السادات عليه فعندما طالبه الرئيس السادات بالذهاب معه إلى إسرائيل لتوقيع معاهدة كامب ديفيد رفض البابا معلنًا: أن الأقباط لن يزورا القدس حجا والأراضي الفلسطينية تحت الاحتلال وأيضا احتجاجا على الاستيلاء على أحد الأوقاف القبطية في القدس وهو "دير السلطان" وله مقولة شهيرة أن الأقباط لن يدخلوا القدس إلا وأيديهم في أيدي أخواتهم المسلمون والقدس حرة ، وذلك رغم أن البابا أيد السلام مع إسرائيل لكنه رفض الذهاب إلى إسرائيل.
مظاهرا أمريكا والإستعانة بالبابا
هذا بالإضافة إلى المظاهرات التي قام بها أقباط المهجر أثناء زيارة السادات إذ نظم الأقباط في أمريكا مظاهرة مناهضة لـ"السادات" رفعوا فيها لافتات تصف ما يحدث للأقباط في مصر بأنه اضطهاد وهو بالقطع ما أضر بصورة "السادات" كثيرا فطلب من معاونيه أن يتصلوا بالبابا ليرسل من يوقف هذه المظاهرات، وعندما حدث هذا فعلا متأخرا بعض الشيء ظن "السادات" بأن البابا "شنودة" يتحداه، فكانت أن أصدرت أجهزة الأمن قرارا للبابا بأن يتوقف عن إلقاء درسه الأسبوعي, الأمر الذي رفضه البابا ثم قرر تصعيد الأمر بأن أصدر قرارا بدوره بعدم الاحتفال بالعيد في الكنيسة وعدم استقبال المسئولين الرسميين الذين يوفدون من قبل الدولة عادة للتهنئة.
العزل البابا
ثم جاءت حادثة الزاوية الحمراء وهي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير حيث اتهم السادات البابا شنودة باشعال الفتنة الطائفية ثم اتخذ قرارًا باعتقال مجموعة كبيرة ضمنهم البابا الراحل الذي تم تحديد إقامته في الدير بوداي النطرون وعزله من منصبه وتشكيل اللجنة الخماسية وهم الأنبا صموائيل أسقف الخدمات "متنيح"، والأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي"متنيح"، والأنبا مكسيموس مطران القليوبية "متنيح"، والأنبا يوأنس أسقف الغربية "متنيح"، والأنبا أثناسيوس مطران بني سويف "متنيح"، وبعد وفاة الأنبا صموائيل يوم 6 أكتوبر تم اختيار الأنبا باخميوس مطران البحيرة الحالي الجدير بالذكر ان اللجنة لم تمارس أي عمل.
وكان الرئيس السادات يستعين بالقمص متي المسكين، وأعتقد أنه له دخل كبير في تحديد الأسماء. حسب رأي الانبا بسنتي السكرتير الشخصي للبابا أثناء أزمة 1981.
أحداث الزاوية الحمراء
وجاءت أحداث الزاوية الحمراء بسبب شروع أقباط فى بناء كنيسة، الأمر الذي أثار المسلمين بعد انتشار شائعة استيلاء المسيحيين على الأرض التى يعتزمون بناء كنيستهم عليها بطريق غير قانوني.
ثم قامت الزاوية ولم تقعد واندلعت أعمال شغب واعتداءات متبادلة أسفرت عن مقتل 18 شخصاً وفق تصريحات وزارة الداخلية وقتها ولكن هناك العديد من المؤرخين الأقباط يعترضون على العدد مؤكدين سقوط أعداد كبيرة منهم جراء الأحداث وصل تقديرها إلى 81 شهيد.
قتل الرئيس ورجوع البابا لكنيسته
وفي 6 أكتوبر عام 1981 تم اغتيال السادات على أيدي الجماعات المتطرفة التي أطلق لها العنان في المجتمع. وتم إطلاق سراح البابا الراحل بقرار من الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك عام 1984.