الأقباط متحدون - رغبة الحمار الأخيرة
أخر تحديث ٠٤:٢١ | السبت ١٥ مارس ٢٠١٤ | برمهات ١٧٣٠ ش ٦ | العدد ٣١٢٩ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

رغبة الحمار الأخيرة

ياسر برهامي
ياسر برهامي

 تعقيبا على كلمات السيد ياسر برهامى بشأن الاقباط والترشيح للرئاسة .

بعيداً عن تلوث القاهرة من عوادم السيارات وأطنان الغازات المسلية للدموع، قررت السفر، لزيارة محافظة المنيا، علني أجد هواءً نقياً، وهدوءً وسكينة وسط طبيعتها الخلابة وهناك رأيت حمارا كان يلهو فرحا وسط الحشائش، فإذ به ينتفض لرؤيتي، ويكشر عن أسنانه لي، وكأن رؤيته لإنسان أرعبته، توترت لرؤيته، لكني ضحكت مستغربا ومتسائلا، ترى لمَ تغير حال الحمار هكذا، وتحول من اللعب والفرح إلى الغضب والغيظ؟
 
أحسست بصوته يحدثني معاتبًا، ويقول لي: أنتم يا معشر البشر تعتقدون بأنكم الأذكى والأفضل، بينما يوجد في جنسكم من لا يستحق حتى لقب حيوان، بالطبع لم يكن علي سوى السكوت وهز رأسي علامة على موافقتي وإن على مضض على ما يقوله، نعم نعم...معك حق... ربما تكون صادقاً، قلت للحمار... لكني رفعت له حاجباي في تحد وتابعت ردي: اعطني مثالا حيا على ما تقول، هبني برهانا على صدق قضيتك.. فكر الحمار، وبعد صمت قصير لملم فيه كلمات جملته، ليفجرها في مواجهتي: اسمع، أملي في عمل مناظرة مع واحد من السلفيين. 
السلفيين!! أجبته بكل استغراب. لماذا؟.
 
سألني: هل أنت سلفي؟
لا أنا لست من السلفيين، أنا مصري، شكلي لوني لهجتي، كلي مصري وبتعبير ادق قبطي... إذن اسمعني أيها المصري القبطي عليك أن تتعلم الطريقة التي يجب أن تعامل بها هؤلاء السلفيين، وأرجوك مرة أخرى ألا تحاول أنت أو غيرك وصفهم بالحمير لأن نعتهم بأسمائنا يؤذي مشاعرنا، ويجرح قلوبنا.
هل تعرف لم؟ لأنهم يسرقونكم أنتم أيها النصارى، ألا تعرف بأنَّ واحدًا منهم قد أباح سفك دمكم وسرقتكم! وليس هذا فحسب، لا بل صرح هذا الرجل مؤخراً، بأن عليكم أنتم أيها الأقباط دفع الجزية لهم صاغرين، أي محتقرين.
بم صرح هذا الرجل؟ قلت له غاضبا وساخرا منه، وأين قرأت هذا التصريح؟
ابتسم الحمار، وقال: نحن معشر الحمير، نتابع أخبار هذا الرجل، ونحب أن نعرف آخر تصريحاته، بصراحة نحن من أشد المعجبين بغبائه، إنه آية في الغباء، وقد كمل الغباء فيه.
 
هه هه هه... تصور!! بأن أعاد بلادنا إلى زمن الغزوات، والبطولات الكاذبة، تخيل بأنه قدم جماعته كلصوص، مشجعا إياهم على احتلال منزل أحدكم، وعلى الطلب منه دفع إتاوة لهم، وإن لم تصدقني... تعال معي لأريك بالدليل القاطع، برهان كلامي، وهناك إلى جانب معلفه، فتح لي الكمبيوتر الخاص به، وتابع قائلًا: الأمر الذي يدعو للسخرية، أنَّ هؤلاء السلفيين، قد أخذوا من الكذب صنعة لهم ومن انعدام المصداقية أولى سماتهم، أشار إلي برأسه، كي أتابع معه على شاشة الكومبيوتر بعض المشاهد، انظر إلى هذا الرجل، إنَّه سلفي، يدعي بأنه يحمل شهادة دكتوراه، اسمه الدكتور فلان، استضافته إعلامية شهيرة، على أنَّه المتحدث باسم الجمعية السلفية.... تابع ما يقوله:
الحمار: تخيل بأنَّ هذا الرجل، سرد كلاما دون دليل، يقول بأن" في السعودية أقل نسبة من الجرائم" معتمداً حسب قوله على إحصائية عالمية.
قلت له: وماذا في الأمر... إنه يحمل شهادة دكتوراه ألا يكفيك هذا؟
أجاب الحمار في تحد: حتى وإن، كلامه هذا لا بد له من أن يوثِّقه علميا... لم يذكر هذا الرجل، مصدر إحصائيته هذه لذلك نظريته لا يمكن أن يؤخذ أو يعتد بها.
 
والغريب في الأمر أن هذا اليسري دكتور.. لا أعرف من أين أخذ هذه الدكتواره، لكن ما أعرفه أنا ويعرفه معشر الحمير كله، بأنَّ المجتمعات المغلقة والمكبوتة، تحقق عادة أكبر نسبة في الانتهاكات الأخلاقية والعلاقات المحرمة... فالسعودية نعلم جميعنا كم الموبقات والفحشاء التي بها.
لكنكم أنتم يا أقباط ليس معكم أي حق.
 
وماذا فعلنا؟ سألته بغضب، أخبرني ما الذي فعلناه؟
انظر إلى هذا، قال الحمار مشيراً برأسه إلى شاشة الكمبيوتر، هذا أحد دعاة السلفية، يصرِّح بأنَّه على الأقباط الهجرة إلى كندا أو أمريكا، وأنتم ما الذي فعلتموه، حيال قوله هذا!! لا شيء، لقد صمتم، وكأنَّه قد راق وطاب لكم وأعجبكم ما قال، إنه يطردكم من بلادكم وبلاد آبائكم وأجدادكم، وتسألني ماذا فعلتم؟ وماذا بإمكاننا أن نفعل؟.
نحن معشر الحمير، نعشق أن نرفس على الدوام، وأمثال هؤلاء، يجب أن تركلهم برجلك ركلة تعيد إليهم صوابهم، فلا يتمادون في غبائهم وتطاولهم عليك. 
أراني الحمار صورة جديدة على شاشة الكومبيوتر، هذا الرجل طويل اللحية يدعى البرهامي، استمع إلى كلماته التي تحض على الكراهية والتطرف، ألا تلاحظ معي انعدام البصيرة لديه، وماذا عن فتاواه، يرفض العمل في تأمين السفارات، ويدعو سائقي سيارات الأجرة برفض نقل القساوسة إلى الكنائس، ويتعالى في تصريحاته الغبية، مؤكداً وبإصرار على انعدام الأخلاق لدى السلفيين.
 
ليسوا جميعا سيئين، قلت له، مستنكراً تهجمه على السلفيين، ثم أخذت أدافع عن بني جنسي من البشر، ضد هذا الحمار...
اسمع يا رجل.. قال الحمار: توقف لا تكمل، إنَّ التلون وانعدام الصدق من سمات السلفيين وليس هم فحسب بل هي سمة كل جماعات الإسلام السياسي، ألم تسمع تصريحاتهم في بداية ثورتكم بتحريم الخروج على الحاكم، وانظر اليوم ماذا حدث بعد أن تنحى الحاكم قفزوا وسطوا على الثورة، غيروا تصريحاتهم، ليسلبوا كرسي الحاكم لهم.
 
ثم قال اقرأ ما يقوله هنا هذا البرهامي:" إنَّ من مات في مظاهرات الائتلاف الإسلامي، يعتبر شهيدا وأما من مات خارجها، فهو مجرد قتيل، هل يعتقدون بأنَّ الله عز وجل يسير على هواهم ويعمل بإرادتهم، إنه الغباء بعينه.
قلت له: لي عليك عتب صغير، ألا ترى معي في أنك تسوق إليَّ كل الأمثلة التي تتحدث عن اضطهادٍ سلفي موجه إلى النصارى، ألا يضطهد هؤلاء سوى الأقباط؟ 
ومن قال لك بأنهم يضطهدون الأقباط فقط؟ أجاب الحمار، هم يضطهدون أنفسهم دون أن يدروا، يدمرون حياتهم ومستقبلهم ومستقبل أولادهم من بعدهم...
أمسكت بالماوس وضغطت على إحدى الأيقونات على الديسك توب، وإذ بالشيخ صلاح أبو اسماعيل يطل علينا برأسه، قلت للحمار، حتى هذا تعرفه؟ أجاب الحمار، وفي رأيك من يستمع إليه غير الحمير!
 
إنه يريد أن يخلق لنفسه أعداءً، بدلاً من أن يصنع أصدقاء يقفون معه وقت الأزمات، هذا قرر أن يمنع الأقباط من الالتحاق بالجيش، بمعنى آخر هو والسلفيون ليسوا بحاجة لكم، لا لحماية الوطن ولا للدفاع عنه، وهل تعرف ما هو جل هم هذا الرجل؟ همه العودة إلى زمن الصحراء والغزوات..
انظر إليهم لقد باعوا وطنهم لقطر، من أجل النقود، أليس هذا خير دليل على أن التيارات السلفية، لا وطنية لديها.. هناك أمير قطرى الشيخ عيد بن محمد الثاني، هل تصدق هذا، لقد تبرع بـ 406 181724 جنيهات مصرية، إلى جمعية أنصار السنة، طبعاً ناهيك عن المليارات العديدة التي مولت حزب الحرية والعدالة، وكل هذه من دول الجوار.
 
سؤال يشغل بال جميع الحمير أمثالي، ما دخل دول الجوار بأحوال مصر، هل قلبها على مصر، أين كانت تلك الأموال خلال ثلاثون عاماً وهم يرون المصريين يُنهبون ويموتون من الجوع، هل فكروا بإرسال أموالهم لاستصلاح الأراضي، لبناء المشافي والمدارس، لانقاذ الشباب من البطالة والتخلف، لهذا يا يارجل سألتك أن تأتي لي بسلفي لأحاوره وأناقشه لعلي أقنعه بأن يتخلى عن فكره المريض والمتخلف.
ودعتُ الحمار ووعدته بأن أنقل رغبته الأخيرة إلى كل من يهمه الأمر، وإلا أصفهم بالحمير لأن نعتهم بأسمائكم يؤذي مشاعركم الطيبة ويجرح قلوبكم الرحيمة ويحط من قدركم السامى.

نقلا عن البوابه نيوز

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع