الأقباط متحدون - رئيس الفرصة الأخيرة
أخر تحديث ٠٧:٣٠ | الاربعاء ١٢ مارس ٢٠١٤ | برمهات ١٧٣٠ ش ٣ | العدد ٣١٢٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

رئيس الفرصة الأخيرة

صوره تعبيريه
صوره تعبيريه

بقلم: محمد أبو مهادي

يظنّ الرئيس عباس أن الهجوم المستمر على المشير "عبد الفتاح السيسي" سيعزز من فرص نجاح زيارته المرتقبة إلى واشنطن في السابع عشر من الشهر الجاري، وأن الولايات المتحدة الأمريكية ستمنحه طوق النجاة الذي يؤمن له البقاء في رئاسة السلطة بعد الفشل المتواصل على مدار سنوات حكمه للشعب الفلسطيني لمجرد أنه يطلق تصريحات معادية بحق قادة ودول  خرجوا عن سياق الإرادة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.

ربما كان هذا الظّن صحيح نسبياً لو أن أبو مازن في وضع داخلي متماسك ويحظى بقاعدة شعبية تؤهله للإستمرار في قيادة الشعب الفلسطيني  لفترة أطول، لتجعل منه أحد محاور السياسة الأمريكية في المنطقة، بعد أن فقدت أمريكا ولا زالت أهم حلفائها أثر التغيرات المفاجئة على أنظمة الحكم والإصطفافات الجديدة التي عطلت مشروعها الشرق أوسطي.

أبو مازن تناسى أن أمريكا تبني مواقفها بناءاً على تقديرات دقيقة، ولديها أولويات في بناء تحالفاتها تعتمد على تلك التقديرات بما يحقق مصالحها الإستراتيجية، إضافة لتعاملها مع واقع على الأرض لا يمكنها أن القفز عنه أو تجاهله حتى وإن جاء مغايراً لرغباتها، فالمراقب للمسألتين السورية والمصرية يتأكد بما لا يدع مجالاً للشك أن السياسيات العالمية هي محصلة موازين قوى متصارعة المؤثر الأساسي فيها الأقوياء، ويحاول كل فريق أن يستخدم ما يملك من أوراق قوة ليحقق نقاط على الفريق الآخر،  فالسياسة لا تبنى على شعارات أو مواقف معادية لدولة ما حتى ينال عباس الحظوة الأمريكية التي تؤهله حقيقة "لنقل تحيات جون كيري للمشير عبد الفتاح السيسي"، ثم ينتقل للهجوم عليه في مجالسه الخاصة أو أمام المجلس الثوري لحركة فتح.

التصريحات المعادية لمصر ودول عربية شقيقة ساندت نضال الشعب الفلسطيني لا يمكنها أن تكون جسر تقارب الرئيس عباس مع أمريكا، بل العكس تماماً فقد كان العرب ولا زال هم أهم عناصر قوة الفلسطينيين في مواجهة إسرائيل وهذا من البديهيات التي أدركها كل قادة العمل السياسي الفلسطيني وفي مقدمتهم الشهيد ياسر عرفات، ولولا هذه الشراكة العربية على عواهنها في المسألة الفلسطينية لتمكنت إسرائيل من إلحاق الهزيمة الكاملة بالفلسطينيين وحققت حلم الصهيونية العالمية بوطن لليهود في فلسطين خال من الفلسطينيين.

  لقد أقر عباس أمام المجلس الثوري لحركة فتح أنه رجل كهل وقارب على الثماني عقود من العمر، بما يفيد ضمناً أن حياته السياسية والزمنية قد شارفت على الإنتهاء، وأنه لا يريد أن يختم حياته "بخيانة" وبالرغم من ذلك يواصل هجومه بشكل شرس على معارضيه، ويصنع الأكاذيب والأزمات لتعزيز فرص بقائه على رأس النظام السياسي الفلسطيني، ومع كل هجمة يمارسها سواء كانت بحق أشخاص أو حكومات تتواصل خسارته على المستوى الفلسطيني الداخلي – فتح ومجموع الحركة الوطنية، وعلى المستوى الخارجي في العلاقات العربية والعالمية، حتى أصبح في عزلة كبيرة لن تفيد معها حملات التضليل التي ينظمها فريقه الصغير في المقاطعة، ولن تخرجه منها أمريكا منتصراً "بوعد كيري" لأنها ببساطة دولة لا تبني سياساتها على الضعفاء.

من يريد أن ينهي حياته السياسية بشكل مشرّف لا يعبث بلقمة عيش الناس، ولا يشارك في حصار المحاصرين، يجمع ولا يفرق ويصنع الأزمات، يكون رجل إجماع وطني يحافظ على الثوابت الوطنية ووحدة الحركة الوطنية في مواجهة الإحتلال، ويساعد في إستنهاض حالة عربية شريكة لنضال الشعب الفلسطيني ولا يختزل تحالفاته "بإمارة قطر" المتآمرة تاريخياً على كل قضايا العرب، يحمل هموم شعبه وقضيته إلى المجتمع الدولي لتحقيق المزيد من الإسناد والتضامن،  يخوض معاركه التنافسية بأخلاق المناضلين الوطنيين- هكذا يفعل القادة.

إذا كان التفريط العلني بقضية اللاجئين الفلسطيني، والصمت المطبق على الجرائم الإسرائيلية اليومية من قتل وإستيطان وتهويد متواصل للقدس وتدنيس للمقدسات المترافقة مع التهديد الإسرائيلي بوضعها تحت السيادة الإسرائيلية لا يعد شكلاً من أشكال الخيانة، فما هي الخيانة الوطنية من وجهة نظر أبو مازن، وهل الوطنية والبطولة باتت محصورة في منع أي تحرك ضد الإحتلال ومواصلة التفاوض والتنسيق الأمني وتأمين موازنة السلطة !

أمريكا لا تعمّد الرؤساء أوتمنحهم رخصة البقاء في سدة الحكم رغماً عن إرادة شعوبهم، التجربة العربية أكدت ذلك، كما أكدتها الكثير من التجارب العالمية، القائد الحقيقي هو من تسانده الجماهير وتؤمن له الحماية والإستمرار في قيادتها خلال أخطر الأزمات، فالشعب الفلسطيني لم تعد تنطلي عليه خديعة "صمود القيادة" أو"الضغوطات" التي تمارس عليها بعد أن شاهد بما لا يدع مجالاً للشك أن تلك القيادة هي من يمارس عليه ضغوطاً إقتصادية وإبتزاز مالي فردي وجماعي غير معهود في العمل السياسي الفلسطيني، ويشاهد قيادة وضعته في مفاضلة بين "الوطن والراتب" دون أن تخجل أو يندى لها جبين من هذا الفعل، ولا زالت بالرغم من ذلك تطلب من الجماهير أن تدعم هذا الصمود !

فريق التضليل الفلسطيني يعوّل كثيراً على لقاء "الفرصة الأخيرة" الذي سيجمع ما بين الرئيسين "أوباما" و"عباس" في السابع عشر من الشهر الجاري، بعد أن فقد عباس كل ما في جعبته من أوراق قوة، واهمين بأن الرئيس الأمريكي يمكنه أن يكون وسيطاً نزيهاً لتسوية سياسية ما بين الفلسطينيين وإسرائيل، مسقطين من حساباتهم طبيعة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، متجاهلين الواقع الفلسطيني والعربي لحظة قرارهم بالعودة إلى المفاوضات حتى الآن، بعضهم عاد يتحدث عن خيارات مفتوحة وسيناريوهات سياسية في حال فشل لقاء الفرصة الأخيرة، وجميعهم يدرك تماماً أن الفرصة الأخيرة الحقيقية والوحيدة والممكنة في ظلً كل المتغيرات العالمية التي يستطيع الرئيس عباس أن يناور بها هي تنفيذ إتفاق المصالحة والعودة إلى الشعب لإختيار قيادته الجديدة من خلال عملية ديمقراطية يحدد فيها الشعب الفلسطيني مستقبله.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter