د.ماجد عزت إسرائيل
  هو الممثل والفنان البارع – نجيب إلياس ريحانى– ولد فى يوم 21 يناير 1889م، وقد اختلف العديد من الباحثين فى تاريخ مولده لأنه لم يصرح به ،وكن يعــتبره سراً خـاصاً، وقـد ولد لأب عراقى مسيحى وفد إلى مصر، واحب أهـله، وتـزوج من السيدة المصريـة  القبطية " لطيفة "وعاش فى حارة مصطفى بمنطقة بابا الشعرية بوسط القاهرة، وإلحـق والده"نجيب" بمدرسة القديس يوسف بالخرنفش

واستمر بها من المرحلة الأبتــدائية حتى الثانوية العامة، ولكنه لم يوفـق فى الحصول على شهـــادتها،ولكنه اتـقن اللغة الفـــرنسية والعربية،وكان معجــباً بمدرس اللــغة العربية الأستاذ "بحـــر"الذى ساعــده على اتقــان فنونها، وهو ما أهله للوقف على خشبة المسرح بالمدرسة وفيما بعد.

 وبــدأ "نجيب الريحانى"حيــاته العملية فى مرحلة مبكره حيث عمل ككاتب فى بنك التسليف الزراعى، وكان عــمرة نحو ستة عـشرة عاماً ــ وشاء القـــدر أن يكون زميلـــه الفنان المسرحى فيما بعد "عزيز عيد" ــ ونتيجة عدم إلتزامه فى العمل لأنشغاله بالتمثيل والمسرح؛ فصلته إدارة البك عام 1908م،بعدها تعرف على "أمين عطـــالله "الذى سعى لضمه لفرقة أخيه "سليـم" ليقوم بدور الملك "شــارل"،ولكنه لم يستمر معه طويلاً

حيث كان قد اتفق مع "عزيز عيد" على تكوين فرقه مسرحية ،وقدم "الريحانى" خلالها العديد من الأدوار الدراميــة و الكوميدية التى كان منها،رواية "الملك يلهـــو"،وبعد فترة توقف الفرقــــة عن العمل لعدم توفـــر الأمكانيات المادية،وكان لا يملك قوت يومه،فأخذ يبحث عن عمل حتى  وجد وظيفة سكرتير لمدير شركة السكر بنجع حمادى بمحافظة قنــا،ولم يستمر سوى سبعة أشهير؛ حيث فصل لشك مديره فى وجود علاقـــة بينه وبين زوجتـه، بعدهـا عمل مترجمــاً من الفرنسية للعربية بــدار المعارف، وبعد برئته عـــاد للعمل مرة آخرى عام 1910م،ولكنة لم يستمر طويلاً، حيث تركه فى عام 1913م، للالتحـاق بفرقة "جورج أبيض" مع "عزيز عيد"رفيق الكفاح الفنى،لزيادة مكانة الفنانين بالمجتمع .

  و فى فرقة "جورج أبيض" تعرف " نجيب الريحانى" على روز اليوسف، واستيفان روستى ، وقرر انشاء فرقة خاصة بهم واتخذوا من مقهى المتروبول ملجأ لهم واطلقوا على اسم فرقتهم الجديدة " فرقة الكوميدى العربى" وكانت أول أدواره " خللي بالك من إميلي" عام 1916م، وبعده شخصية"كشكش بية عمدة كفر البلاص " التى قــدمها على مسرح" الاجيبسيان" فى عام 1917م،وظل يقدمها حتى توفى "سلامة حجازى" أواخـر ذات العام،فحزناً عليه حزناً شديداً،لدرجة أنه طلب من مدير المسرح الخواجه "كنجس" وقف العمل فى هذا حداداً عليه

ولكنه رفض فقدم استقـــالته من الفرقـــة، ولكن مـــدير المسرح دخل معه فى مفاوضات لأقصاه عن الاستقاله فوضع" الريحانى"شروطاً جديدة للتعاقـد التى كان منها إدارة الفرقـــة المسرحية وزيادة آجره،ووافـــق المدير،وهنا طلب "أمين صدقى "بمساواته بـ"الريحانى" ولكن الاخــيررفض،فقدم الأول استقــالته، بعدها تعرف الريحان على "بديع خيرى"مدرس الجغرافيا" وتعاوناً معا،وقــدموا روايـة "على كيفك"(1918-1920م) وبعدها انضم لهم "سيد درويش"  وقدموا رواية "ولو" بعد فترة وجيزة.

 وبين عشية وضحاها ذاع صيته،وكان بطلاً لشارع عماد الدين بالقاهرة،وأصبح وجهاء القوم يقصدون مسرحه منهم الأمير"إسماعيل داود" و"سعد زغلول باشا" و"مكـرم عبيد باشا" و"طة حسين"،فسعى لتقديم المزيد من الفـــن الراقى، فقـــدم الثـلاثى روايات مثل "أش" و"العشرة الطيبة"،ولجاء حـزب أعداء النجاح إلى محاربته وخاصة بعد مقـــولته الشهيرة تضامنا مع الأمــة المصرية"لا تقـــول نصرانى ولا يهـودى ولا مسلــم يا شيـخ اتعلم..... اللى اوطانهم تجمعهم عمر الاديان ما تفرقهم"،فتعرض لحمـــلة أعلامية نتيجة ثقافة الطائفية،فاتهم بحبه للسلطات الاحتلال البريطانى على حساب الدولة العثمـانية،التى هزمت فى الحرب العالمية الاولى (1914-1918م)

  والأكثر من كانوا يؤجرون طائفة من البلطجية فى مسرحه، يثيروا القلاقل داخل المسرح،فلجأ إلى تعيين "يوسف شهـدى" ليتولى حفظ الأمن والنظام داخل المسرح،وبالرغم من ذلك كان يسمع العـــديد من التهم الى توجه له وهو على خشبة المسرح منها" يا عميل" و"يا ديسيسه "و"يا خــائن"،ولكن الريحانى كان معروف بوطنيته المشهود لها من رجال السياسة فكان دائما يدعــم حزب الوفد مادياً،وعندما زادت المضيقات دعى أحد رجال الحزب وهو " مرقص حنـــا بك" وشاهد مسرحيتـه العشرة الطيبة، وفى اليوم التالى ظهرت الصحف وهى تـــبرئ ساحة الريحانى من تهمة الخيانة الوطنية.

    وقدم الريحانى العديد من روايته على العديد من مسارح الدول العربية منها الجزائر وتونس ولبنان وسوريا،ولكنه تعرض لأزمة مالية خــلال الفترة من(1920-1922م)، وسرعان ما عاد للساحة الفنية عقب زواجه من "بديعــة مصابنى"  وأنجب منها ابنــته "جيــنا" ولكنها اشتهرت بالغيرة عليه فطلقه بعد فترة ،وزار العــديد من الدول وأمريكا الشمالية والجنوبية،وقدم العديد من الأفلام السينمائية بلغت عشرة أفلام منها كشكش بيه عام 1934م، فيلم ياقـــوت أفنـدى 1934م  الذى مثله  فى فرنسا بالعاصمة " باريـس" وبسلامته عايز يجـوز عام 1936م، و سلامــه فى خير 1937م،  وسى عمر 1944م، ولعبة الست عام 1946م،وأحمر شفــايف ،1946  ابو حلموس 1947م،وعــزل البنات عام 1949م، وبلغ عدد ما قدمه من مسرحيات نحو 33 مسرحية، على مسرحة الذى لا يـزال يعرف حتى يومنا هــذا باسم "مسرح الريحـــانى"وفى 8 يونية 1949م،وفى أثناء تصوير فليم"عزل البنات"توفى الفنان "نجيب الريحانى" الـذى عرف  بـ "شارلى شابلن العرب" وقبل أن يتزوج حبيبته "فكتورين"، بعد أن قــدم العديد من المسرحيات والأفلام ،بعد إصابته بمرض التيفود،نيح الله نفسه بين أحضان القدسين.