"اياك أن تلعب مع الكبار خارج الخطوط المرسومة لك" ... هذا التحذير أو "النصيحة" لا يعرفها المراهق سياسيا ولا أقول من لم ينضج سياسيا، لأن المراهقة ليست مرحلة عمرية فقط وإنما هي "حالة عقلية" لا تبلغ سن الرشد أو النضج العقلي أبدا، مهما تقدم العمر! من علامات المراهقة السياسية "التهور" و"الاندفاع" والأفعال الطائشة المؤذية، للنفس وللغير، ناهيك عن العناد والاصرار علي الخطأ ومحاكاة الكبار وعدم تقدير العواقب.
وهنا تكمن الثغرة التي يتسرب منها "رفقاء السوء" – وما أكثرهم في المراهقة العمرية والسياسية – الذين ينفخون في هذه النزعات ويؤججون تلك الشهوات والنزوات حتي يصبح الخطأ "خطيئة" و"إدمانا". من أبرز خصائص المراهقة السياسية في مجال العلاقات الدولية، أن تتعامل مع الدول الأخري بعقلية "التنظيم السري"، وليس بمنطق رجل الدولة (أو الحاكم) المسؤول عن قراراته والذي يعلن التزامه أمام الجميع ..
ولأن عالم "الكبار" أكثر خبرة وحنكة من "المراهقين" فلا يمكن أن تخيل عليهم ألاعيبهم الصبيانية، قد يتمهلوا قليلا ويمنحوا الفرصة تلو الفرصة، لكن الحساب يكون عسيرا عند الخطأ الجسيم! هذه المقدمة التي طالت قليلا، أقصد بها "حكام قطر" وليس الشعب القطري الشقيق، ولن أعيد هنا ما قاله الكاتبان "جورج مالبرونو" و"كريستيان تشيسنو" – من أشهر الفرنسيين المتخصصين في شؤون الشرق الأوسط – في كتابهما (قطر، أسرار الخزينة) عن طموحات حكام قطر والتفاصيل والأسرار لدويلة صغيرة طرحت نفسها للغرب منذ عام 1995 باعتبارها القوة القادرة علي خدمه مصالحه عبر الفضاء والأرض والبحر
. للأسف الشديد لم توفر هذه الدويلة لنفسها الحماية باستضافتها أكبر قاعدة عسكرية أمريكية خارج الولايات المتحدة، ولا أكدت زعامتها الدينية حين احتفظت بالأب الروحي لجماعة الإخوان المسلمين (الإرهابية) – المصري الأصل القطري الجنسية – يوسف القرضاوي، الذي يطلق حممه المسمومة علي دول عربية كبيرة من وزن السعودية والإمارات ومصر كل خطبة جمعة! ..
ناهيك عن قناة الجزيرة باللغة العربية عام 1996 والجزيرة أمريكا باللغة الانجليزية عام 2013 التي لم تعد تعبر عن الهوية الوطنية لدويلة قطر وطموحها في مجال السياسة الخارجية، وإنما أصبحت المنصة التي تنطلق منها "شفرات" تأجيج الصراعات والاضطرابات وتنفيذ العمليات الإرهابية في العالم! ما رصد حتي الآن وتم نشره علي المواقع الرسمية التي لها مصداقية (يدين) دويلة قطر، ويكفي أنها "الأسوأ" في تمويل الإرهاب لاسيما تنظيم القاعدة والتنظيمات التابعة له من الأبواب الخلفية.
ولو كان هناك " ذرة " من النضج العقلي عند حكام قطر ومن يحومون حولهم، لعلموا الفرق بين (فتح قنوات استخباراتية) مع قادة الإرهاب (خدمة لسادتهم) وبين تقمص دور هؤلاء "السادة" وممارسة أدوارهم، فما بالك والعمل ضد مصالح "الأسياد" وأمنهم القومي وإفشال خططهم في المنطقة والعالم، هنا يصبح الثمن باهظا .. (الحكم نفسه)! أهم خطوة حاصرت حكام قطر تمهيدا (للحظر الشامل) – في تصوري – ليست تقرير وزارة الخزانة الأمريكية المنشور في 18 ديسمبر عام 2013، الذي يدين قطر بالأسماء وأرقام الحسابات وحركة الأموال في العراق واليمن وسوريا والصومال، وإنما ما قامت به السعودية والإمارات والكويت والبحرين ومصر حين (سحبوا) الغطاء الشرعي العربي والخليجي عن قطر
.. وهو إجراء أولي ستعقبه إجراءات أخري، يبدو أنها تتوافق مع تحولات إقليمية وعالمية لا يقوي علي استيعابها من تتلبسه حاله المراهقة السياسية، ويسيطر عليه المراهقون (أمثاله) من التنظيمات السرية الإرهابية! أقول : لولا هذه الخطوة الشجاعة من (السعودية) تحديدا سواء في إعتبار جماعة الإخوان المسلمين (جماعة إرهابية) وما أعقبها من سحب سفراء بعض دول الخليج المؤثرة من قطر، ما أفرج أبدا عن "راهبات معلولا" بعد تسعين يوما من الأسر .. وما تحرك المعنيون من رجال الاستخبارات العرب وفي مقدمتهم "القطري"! مبروك (الحرية) لأمهاتنا "راهبات معلولا" .. وبئس المصير للقزم الذي تعملق كالغيلان!
نقلا عن إيلاف