أعلنت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، أنها تدرس الآن مشاركة الصين فى إنشاء سد "اينجا 3 الكونغولى"، المقدرة حجم الاستثمارات المطلوبة لإقامته 12 مليار دولار أمريكى، وهو السد الذى سيصير حال اكتمال إنشائه أغلى سدود العالم كلفة وأكثرها إثارة للجدل.
وتقدمت مؤسستان عملاقتان من الصين وكلاهما مملوكة للدولة وهما تشاينا هايدرو وتشاينا ثرى جورجز دام، بعرض إقامة السد الكونغولى الجديد، وفى حالة قبول هذا العرض الصينى وإبرام عقد إنشاء المشروع معها سيكون هذا هو أكبر عقد إنشاء سدود تفوز به مؤسسات صينية فى التاريخ خارج حدود الصين، وتشير دراسات الجدوى الخاصة بسد اينجا3 إلى أن قدرته على توليد الكهرباء تصل إلى 4800 ميجاوات.
وبرغم المعارضة الأمريكية الواضحة والمعلنة من جانب قادة الكونجرس لإقامة هذا السد العملاق فى الكونغو الديمقراطية، كشف بينويت شيبانجو مدير شركة شيبانجو الكونغولية الكبرى للخدمات القانونية والمحاماة "وهو المكتب المسئول عن الإدارة القانونية للمشروع، وإبرام اتفاقاته عن إبداء الحكومة الأمريكية لرغبتها فى مشاركة الصين فى إقامة هذا المشروع، وجاء ذلك فى تصريحات للسيد شيبانجو فى صحيفة تشاينا مورنينج بوست هذا الأسبوع التى التقته خلال زيارة يقوم بها للعاصمة الصينية حاليا".
ويقول المراقبون إن تصريحات السيد شيبانجو لم تأت من فراغ، ففى وقت سابق من الشهر الماضى زار راجيف شاه مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية الصين وطرح فكرة بناء شراكة أمريكية صينية لإقامة مشروع سد اينجا الكونغولى والعمل على معالجة أية مسالب بيئية، أو اجتماعية، أو سياسية قد تتولد عن هذا المشروع العملاق إذا كان المشروع سيولد كهرباء تكفى لإنارة أوغندا وبلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى المتعطشة إلى الطاقة.
من الناحية الهندسية يعد سد "اينجا3" أحد 11 سدا تعتزم الكونغو إقامتها على نهرها العظيم فى مشروع يعرف بخطة جراند اينجا لتوليد الكهرباء تصل استثماراته المطلوبة إلى 80 مليار دولار أمريكى لإنتاج 40 مليار ميجاوات من الكهرباء ليصبح أمامه سد ثرى جورجز الصينى قزما حال اكتمال المشروع، وهو السد الصينى الذى تكلفت إقامته 28 مليار دولار أمريكى، ويعد أغلى سد فى العالم وينتج 22 ألفا و500 ميجاوات.
لكن منظمات غير حكومية ومؤسسات دولية، مثل منظمة الأنهار الدولية إنترناشيونال ريفرز، أرسلت برقيات استغاثة لوزير الخارجية الأمريكى جون كيرى وراجيف شاه مدير وكالة التنمية الدولية الأمريكية يحثون فيها واشنطن من دعم مشروع سد اينجا 3، وجاء فى تلك البرقيات أن السد المذكور سيمر بالكامل فى مناطق للتجمعات السكانية المحلية، وسيدعم نشاط التعدين فى الكونغو وأسواق التصدير فى أسواق جنوب إفريقيا، كما أن شبهات الفساد تحاصر المشروع بالإضافة إلى تأثيرات بيئية منتظرة من المشروع حال اكتماله.
وكان مدير وكالة التنمية الدولية الأمريكية قد صرح لصحف أمريكية، أن حكومة بلاده تدرس دعم تمويل مشروع سد اينجا 3 كجزء من مبادرة "الطاقة فى أفريقيا" التى تتبناها إدارة أوباما الحالية، لكن شاه لم يحدد رقما تمويليا بعينه، ويذكر فى هذا الصدد أن مبادرة أوباما "الطاقة فى أفريقيا" مرصود لها 7 مليارات دولار أمريكى لإنارة القارة الأفريقية المتعطشة للكهرباء، وكان الإعلان عن ذلك التعهد التمويلى قد تم خلال زيارة قام بها أوباما لأفريقيا فى يوليو من العام الماضى.
ويقول تشارلز ستيث مدير الأرشيف الأفريقى فى الرئاسة الأمريكية، والباحث فى جامعة بوسطن أنه لو حدث أن اتفقت واشنطن وبكين على إقامة شراكة، بينهما لتمويل إقامة سد اينجا – 3 على نهر الكونغو، فإنه لا يجب تغافل المخاطر البيئية المتولدة عن هذا المشروع، وبرغم ذلك يقول ستيث إن مبدأ الشراكة والتعاون بين الصين وأمريكا هو أمر جيد للحد من العلاقات المتوترة بين البلدين.
وفى كينشاسا أعلنت حكومة الكونغو عن قبولها أوراق تأهل ثلاث ائتلافات لشركات تسعى إلى الفوز بعقد إنشاء سد اينجا – 3 من بينها ائتلاف شركات صينية، وأخرى إسبانية أما الائتلاف الثالث فهو شراكة بين مؤسسة "اس ان سى" لافلين الكندية وشركتى بوسكو ودايو الكوريتان، ومن المقرر أن تختار حكومة الكونغو من بين التحالفات الثلاثة بحلول شهر يوليو القادم لتوقيع عقد المشروع معها.
وحتى الآن يعد عقد إنشاء سد جيزوبا فى الأرجنتين البالغة قدرته 1740 ميجاوات، وهو أكبر عقود السدود المبرمة فى الفترة الأخيرة، حيث تبلغ قيمته 71ر4 مليار دولار أمريكى وقد أبرمته مؤسسة جيزوبا الأرجنتينية التى ضخت 83ر2 مليار دولار فى المشروع تعادل 60 فى المائة من رأسماله وإلى جانبها شركتان من الأرجنتين تعملان من الباطن.
أما الشريك الرئيسى الثانى فى المشروع فقد كان ائتلاف الشركات الصينية ذاته المقدم لإقامة سد اينجا 3 الكونغولى وهو تشاينا هايدرو لمشروعات كهرباء المساقط المائية ومؤسسة ثرى جورجز الصينية العريقة المتخصصة فى إدارة السدود المائية المولدة للكهرباء، ووفقا لمؤسسة الأنهار الدولية يعد ائتلاف الشركات الصينى المشار إليه هو أكبر ائتلاف شركات فى العالم لبناء السدود، وتوليد الكهرباء منها، وفى العام الماضى وحده أبرمت مؤسسة الصين الدولية لمشروعات المياه والكهرباء - التى تعد إحدى شركات هذا الائتلاف ومشروعا تابعا لمؤسسة تشاينا هايدرو السابق الإشارة إليها – 17 عقد إنشاء سدود حول العالم بحجم أعمال قيمته 55ر61 مليار يوان صينى / 3ر78 مليار دولار كورى جنوبى، وذلك خلال الـ11 شهرا الأولى من العام 2013.