الأقباط متحدون - الموت بين ثنايا البزة العسكرية
أخر تحديث ٠١:٠٠ | الثلاثاء ٤ مارس ٢٠١٤ | أمشير ١٧٣٠ ش ٢٥ | العدد ٣١١٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الموت بين ثنايا البزة العسكرية

صوره تعبيريه
صوره تعبيريه

مينا ملاك عازر

عاش بين أحضانها فترة ليست قصيرة، وقد تكون ليست طويلة، لكنه عاش في كنفها بعد أن عاش طويلاً يحلم بها ويمني أهله بالوصول لها، نعم أهله الذين تكلفوا الكثير حتى بلغ حقه في أن تحتضنه، وتطويه بين ثناياها، لم يتكلفوا مالاً فقط وإنما طلبات من الكثير ليوصوا عليه حتى يُقبل بالكلية، ويضع على كتفيه علامات رتب تعني له رتب ترقيه في سلك حراسة الوطن، والمواطن في بعض الأحيان، صحيح أنه أحياناً ينسى أن عليه حماية الأخير لنزوات أو لغرور أو لأسباب لا أفهمها ولا أعرفها لكن الطبيعي أن يحرس الوطن والمواطن.

عاش حلمه إلى أن حققه، ولما دلف إلى داخل ضفتيها شعر بنشوة بالغة، وبات عليه أن يقطع الطريق سريعاً نحو الرتب بتحقيق المزيد من الإنجازات التي تجعله من المرضي عليه، لم يكن متخيلاً يوماً أن تلك البزة العسكرية التي تحتضنه في دفء  ستكون سبباً في أن يكون مستهدفاً بهذا الشكل المبالغ فيه، نعم كان يعرف أنه يعرض نفسه للخطر، ويقدم حياته قرباناً لكن الخطر حين قرر أن يقفز إلى داخلها، كانت في عينيه قليلاً، لم يكن يفهم أن نشاطه البالغ في ملاحقة خونة الأوطان وتجار الدين سيدفعهم لأن يضعوه هدفاً ويكفروه، من قبلها لم يكن يدرك للأسف أن حلمه في أن يحمي الوطن والمواطن سيجعله في مرمى نيران الغادرين.

تألم لتلك الثقوب التي أحدثتها الطلقات ببزته العسكرية أكثر من ألمه للثقوب التي تسببت فيها الطلقات بجسده، هذا ليس مبالغة، لكن من جراء اعتزازه بزيه العسكري عرف من قبل أنه قد يموت في ملاحقة أمنية ولكن لم يكن يتخيل أنه سُيغتال تحت منزله، توقع أنه قد ينتقل عن الحياة وهو يطارد أو يقوم بمهامه، ولكن كان يظن أنه حينها سيكون ممسكاً بسلاحه، وليس وهو أعزل، مقتول على خوانة.

أنحنى يتحسس بزته، والدماء تنتشر فوقها، لم يكن مهموم بمصدر تلك الدماء بقدر اهتمامه أن تلك الدماء ستلوث بزته العسكرية التي طالما حرص على نظافتها وأناقتها لكي تكون لائقة بحارس من حراس الوطن.

لم يعبء بأنه يفارق الحياة مخلفاً وراءه من يحب وأحب، قدر عناءه بأنه في طريقه لمغادرة الوطن دون أن يقوم بواجبه نحوه، ويقضي على من يكره وطنه، ويتمنى له الأذى والخراب والدمار، حاول المقاومة والتشبث بالحياة لكنه رأى الملائكة سعيدة بلقائه، فآثر التخلي عن حياة كلها ألم واثقاً أنه سيترك وراءه من يكملون مهمته حالماً أن ولده أو ابنته سيحملون بين جنبات ضلوعهم حلمه ويحفظون الوطن.

ملحوظة هذا المقال ليس كعادتنا يتناول خبر بعينه وإنما يتناول خبر اعتدنا عليه للأسف، وهو اغتيال رجال الشرطة ومعهم بعضاً من رجال الجيش.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter