بقلم: ميرفت عياد:
شفيق غربال.. هو أحد علماء مصر القلائل الذين استطاعوا تأسيس مدرسة خاصة في مجال الدراسات التاريخية تحمل طابعه وتسير على منهجه.. حيث ارتبط تمصير الدراسات التاريخية في مصر أشد الارتباط به، الأمر الذي معه انتقل مركز الثقل في الدراسات التاريخية من أيدي الأجانب إلى أيدي المصريين.
وُلد محمد شفيق غربال في 4 يناير 1894 بمدينة الأسكندرية، وبعد أن أتم دراسته الثانوية عام 1912، التحق بمدرسة المعلمين العليا بالقاهرة، وتخرج فيها عام 1915، واختير يومئذ للبعثة لدراسة التاريخ بانجلترا، فلم تمنعه أخطار الحرب العالمية الأولى من السفر والالتحاق بجامعة "ليفربول" حيث درس التاريخ، والاقتصاد، والفلسفة، والجغرافيا، ومناهج البحث، وطريقة العمل في الوثائق، وفى عام 1919، حصل على درجة البكالوريوس الممتازة في التاريخ الحديث، ثم حصل على الماجستير من جامعة لندن تحت إشراف المؤرخ العالمي ارنولد توينبي عام 1924.
عُين غربال عام 1924 أستاذًا للتاريخ الحديث في مدرسة المعلمين العليا، وفي أكتوبر من العام 1929، عُين أستاذًا مُساعدًا للتاريخ في كلية الآداب بالجامعة المصرية، وما لبث أن رُقي بها أستاذًا للتاريخ الحديث عام 1935، فكان أول مصري يتولى منصب "الأستاذية" بالجامعة، وفى مايو 1939، عُين غربال وكيلاً لكلية الآداب، ثم انتخب عميدًا لها.. ثم نُقل من الجامعة إلى وزارة المعارف كمستشار فني للوزارة عام 1940، ثم عاد إلى الجامعة في ديسمبر 1942.
المشاكل والقضايا العربية المعاصرة
مثل شفيق غربال مصر في عدة مؤتمرات تاريخية، ورأس وفد مصر في الجمعية العمومية لليونسكو، وكان عضوًا بمجلسها التنفيذي، كما كان عضوًا عاملاً في كثير من الهيئات والجمعيات العلمية والثقافية التي انتفعت بمواهبه، ومنها مجمع اللغة العربية، والجمعية الجغرافية، وجمعية الاقتصاد والتشريع، والمجمع العلمي المصري، وجمعية الآثار القبطية، والمجلس الأعلى للآثار، ولجنة التاريخ والآثار، ثم لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، ثم مجلس جامعة عين شمس، ومعهد الدراسات العربية.. وفي عام 1955، وفى السنوات الأخيرة من حياته، تولى غربال منصب مدير معهد الدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية، فبعث فيه الحركة والنشاط، واستطاع النهوض به علميًا عن طريق اختياره صفوة من المؤرخين العرب للتدريس فيه، وقد ركز الدراسة فيه على المشاكل والقضايا العربية المعاصرة، وأخذ يشرف على عدد كبير من الرسائل التاريخية فيه تناولت تاريخ الأمة العربية في العصر الحديث والمعاصر.
أول دائرة معارف عربية
أشرف غربال على إخراج الموسوعة العربية المُيَّسرة وهي أول دائرة معارف عربية صغيرة أصدرتها مؤسسة "فرانكلين"، فكان رئيسًا لمجلس إدارتها ومشرفا على تحرير المواد التاريخية، وقد أتاح له إشرافه على هذا العمل أن يُخرِّج للقراء عملاً عربيًا خالصًا.. كما برز نشاطه في لجنة الجغرافيا والتاريخ في مجمع اللغة العربية.. ولم يكتفِ غربال بالتاريخ الحديث بل تعداه إلى دراسة موضوعات تدخل في نطاق العصور الوسطى والقديمة، فأظهر استعدادًا بارعًا في فن الآثار، وكان من أثر ذلك ظهور متحف الحضارة المصرية، توفى المؤرخ محمد شفيق غربال في 19 أكتوبر 1961. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|