منذ ولاية زوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون، تلقت هيلاري نصائح وتوجيهات ساهمت في قولبة شخصيتها كسيدة أولى ثم كوزيرة خارجية.
في الوقت الذي يبدو فيه أن هيلاري كلينتون تستعد لخوض معركة الرئاسة في الولايات المتحدة، كشفت الدفعة الأولى من الوثائق السرية التي تم الإفراج عنها من الأرشيف الوطني عن أن مستشاري زوجها طالبوها بالتخلي عن مظهرها الصارم وحددوا لها النقاط التي ينبغي أن تتكلم بها بغية كسب تعاطف وتأييد الجمهور.
أول دفعة
أعلنت إدارة الأرشيف الوطني الأميركي أنها ستنشر عشرات الآلاف من الوثائق التي تعود إلى عهد الرئيس كلينتون، بعد رفع السرية عنها بموجب القانون.
وبدأت الخطوة الأولى بنشر 4 آلاف صفحة من الوثائق السرية التي أشارت إلى أن هيلاري كانت المسؤولة عن برنامج إصلاح التأمين الصحي الذي طرحه زوجها في فترة ولايته الأولى وواجه فشلاً ذريعاً.
ويمنع القانون الاميركي نشر الوثائق السرية لفترة قد تصل إلى 12 سنة بعد انتهاء ولاية الرئيس، في حال ثبت أنها كانت تتعلق بأسرار تجارية أو عسكرية أو شخصية أو ترتبط بقضايا الأمن القومي.
اكثر لطافة
لكن بعيداً عن السياسة، أثبتت هذه المذكرات والوثائق أن مستشاري الرئيس طالبوا هيلاري بأن تكون أكثر لطافة وألا ترفع صوتها عندما تتحدث في المؤتمرات واللقاءات، إضافة إلى تجنب الحديث عن زوجها.
في تموز/يوليو 1999، انتقلت هيلاري كلينتون إلى ولاية نيويورك للانضمام إلى السيناتور دانيال باتريك موينيهان في مزرعته، ولتطلق حملتها الرسمية لتحل محله.
عشية انطلاق الحملة، كتبت ماندي غرونوالد، مستشارة السيدة الأولى مذكرة تقدم بها "بعض النقاط حول أسلوبها"، فنصحتها في الحفاظ على لهجة هادئة حوارية أثناء التخاطب، مع قدر من الحميمية والفكاهة.
ووفقاً للوثائق، قالت المستشارة لهيلاري كلينتون: "لا تكوني دفاعية ولا ترفعي صوتك. لقد أمضيت سنوات تقولين زوجي فعل هذا وذاك. كفّي عن ذلك، فهذا وقتك الآن، لذلك تحدثي عن نفسك وعن إنجازاتك، والاهم من ذلك كوني حقيقية".
زعيمة سياسية
مذكرة غرونوالد هي جزء من الوثائق التي تكشف الاتصالات السرية بين كلينتون وصناع الصورة الذين اهتموا بتفصيل الخطط الاستراتيجية التي كانت وراء تطورها من زوجة رئيس إلى زعيمة سياسية.
المذكرات السرية تفتح نافذة نادرة على الجهود المكثفة لإدارة صورة كلينتون العامة، أهمها الاستفادة من رحلات السيدة الأولى في مهام رسمية لتسليط الضوء عليها من خلال التغطية الإعلامية ونقل الأخبار الإيجابية، وذلك كله لتليين صورتها في الفترة التي سبقت حملة 1996 لإعادة انتخاب الرئيس بيل كلينتون.
إصلاح النظام الصحي
ومن بين مجموعة الوثائق سجلات من المؤتمرات الصحافية ووثائق تتعلق بمحاولات هيلاري كلينتون الفاشلة لإصلاح النظام الصحي في مطلع التسعينات خلال الولاية الأولى لزوجها، إذ قالت في عام 1993 في جلسة خاصة للمشرعين الديمقراطيين إن اقتراح الحزب الجمهوري للتأمين الصحي الفردي سيرسل "موجات صدمة" بين الناس.
كما انها أعربت في مذكرة عام 1994 عن أن الإدارة كانت "تفرط في تقديم الوعود" عن طريق إخبار الناس أنه سيكون بإمكانهم اختيار الطبيب وخطة الرعاية الصحية التي يرغبون بها، وهي مسألة أثبتت أنها شائكة ومعقدة مجدداً مع قانون الرئيس باراك أوباما للرعاية الصحية.
حكايات رائعة
في عام 1995، كتبت السكرتيرة الصحفية لكلينتون ليزا كابوتو مذكرة نصحت فيها استغلال الذكرى العشرين لزواج بيل وهيلاري "كفرصة رائعة لتعزيز مكانتها السياسية". واقترحت تنظيم حفلة كبيرة ونشر الصور في مجلة "بيبول" الشهيرة، والتي يمكن أن تستخدم في وقت لاحق "كجزء من حملة لطيفة عبر البريد الإلكتروني" للناخبين.
وفي محاولة من كابوتو لجعل السيدة الأولى تتحول إلى شخصية أكثر لطافة وشعبية، نصحتها في مذكرة أخرى بدعوة مراسلي البيت الأبيض لتناول الغداء أو العشاء والمشاركة في "حكايات رائعة ومقولات لطيفة" تجعلهم يعيدون النظر في أنها شخصية جامدة.
في عام 1999، عندما استعدت كلينتون للخروج من ظل زوجها ومواجهة صحافة نيويورك كمرشحة، عاجلها غرونوالد بمذكرة تتضمن نقاطاً ونصائح في الأسلوب.
من بين النصائح التي ربما ساهمت في قولبة شخصيتها السياسية الحالية، كتب غرنوالد: "من الواضح أن الصحافة تراقبك لتعرف ما الذي يضايقك أو ما إذا كنت متوترة. أجيبي حتى على الأسئلة المزعجة بأسلوب هادئ".
ونصح غرونوالد السيدة كلينتون بمحاولة توجيه المناقشة لتصل إلى فكرتها الخاصة، وليس لفكرة الصحافي، فقال لها: "لديك ميل لمجرد الرد على أي سؤال. هذه اخلاق جيدة، لكنها سياسة سيئة".