نبيل شرف الدين | الأحد ٢٣ فبراير ٢٠١٤ -
١١:
١١ ص +02:00 EET
نبيل شرف الدين
فى مصر نحو ثلاثين شخصًا يقررون القضايا التى يتحدث عنها المصريون، وهؤلاء بين معدى ومقدمى برامج «التوك شو» بالإضافة لرجال الأعمال الذين يمتلكون الفضائيات، والتى يتراوح أداؤها بين العشوائية والشللية وتصفية الحسابات السياسية والشخصية، فى مشهد يبدو للوهلة الأولى أنه «تنوع طبيعى» يسعى لتغطية الأحداث التى تشهدها مصر، لكن بقليل من التأمل ستكتشف أن بعض مقدمى البرامج يتحدث صراحة وتلميحًا عن «انتهاكات» قوات الجيش والشرطة ويستضيفون من يعرفون بالنشطاء الحقوقيين الذين يتباكون على الحريات العامة فى قضايا قال القضاء فيها كلمته، وأخرى لم تزل منظورة. لكن الملاحظ غياب ضحايا الشرطة والجيش وذويهم إعلاميا فلا يستضيفهم أحد أو يولول لأجلهم النشطاء اللهم إلا من باب «سد الذرائع» فهناك بضع حالات قليلة يتحدث عنها الإعلام، مع أن عدد الشهداء منهم بلغ خلال الفترة من 25 يناير 2011 حتى الآن أكثر من 500 شهيد، منهم نحو مائة ضابط وضعفهم من العسكريين والبقية جنود، ناهيك عن المصابين الذين تجاوز عددهم 13 ألفا بين ضباط وجنود.
يجلس المذيع أمام الشاشة متخذًا الوضع «متنحنحًا» يمصمص شفتيه، يُصدّر للناس هواجسه بأن عهد القمع يعود، ويتباكى على من يسميهم «رموز الثورة» من هؤلاء الذين أدانهم القضاء فى قضايا مقاومة السلطات والاعتداء على القوات وانتهاك قانون تنظيم التظاهر، لكن صاحبنا «النحنوح» يقطب جبينه وربما يذرف دمعة مصطنعة، ويمضى فى عقد المقارنات بين هؤلاء ومن أخلى القضاء سبيلهم من المحسوبين على «نظام مبارك» ليصبح «الإعلامى النحنوح» وصيًا على القضاء. فى الجانب الآخر من المشهد يروج إعلام «الرحرحة» الذى يمارس لعبة «الإفيهات» وقص ولصق مشاهد من خارج سياقها لتظهر الصورة كأن مصر «جمهورية موز»
وبالطبع لابد من إقحام اسم المشير السيسى للسخرية الصريحة والمبطنة، وحين نلفت انتباههم إلى أنه لا توجد دولة بالعالم يسخر فيها الإعلام من الشرطة والجيش وهى تخوض حربًا حقيقية يتباكون على حرية التعبير، وحق النقد الذى لا أرى منه سوى التشهير والإسقاطات الجنسية والسياسية والتعليقات المبتذلة. هل يجهل سدنة إعلام «النحنحة والرحرحة» أن مصر تواجه أعداء بالداخل والخارج يسعون لهدم مؤسسات الدولة والتشهير بها ضمن حملات دعاية سوداء يشاركون فيها بعدما «عصروا الليمون» حتى مهدوا الطريق لمرسى وإخوانه والآن يغتالون المؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية بطريقة منهجية. المُثير أن هؤلاء «النحانيح» لا تنتهى طلباتهم الخاصة من الجيش والشرطة، ومن يستخدمونهم من رجال الأعمال الذين تلاحقهم اتهامات بالفساد يتعمدون إطلاقهم لتبتعد عنهم الأجهزة الرقابية، لكن هذه الممارسات لن تُرهب القوات وتنال من «هيبة القضاء»، فستطبق القوانين على المتورطين مهما تنحنحوا وترحرحوا، فالجمهورية الثانية عنوانها سيادة القانون، لأن العدل أساس الحكم.
نقلا عن اليوم السابع
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع