الاربعاء ١٩ فبراير ٢٠١٤ -
٣٣:
٠١ م +02:00 EET
بقلم: أثناسيوس فهمى جورج
صورة الله في خلقته للإنسان هي في شركة الرجل والمرأة معًا ، وهي مركز بشريتنا الحقيقية ، فصورة الله ليس شخصًا واحدًا بل معه معينًا نظيره ، أﻱ مساوٍ له حتى يعكسا معًا صورة الخلقة الإلهية للوجود الإنساني . ومن هنا يأتي التأكيد على الشركة والاتحاد والالتصاق كجوهر الإنسانية.
فآدم من تراب ولا سيادة له على حواء ، لأن الله بناها من منتصف جسده (جنبه) وهو في سُبات عميق ، وهذه دلالة على خلق حواء من دون أن يكون لآدم تفوّق عليها ... فهي تساويه وترافقه وتعينه ، وهذه هي الحيادية المعيارية للمساواة بين الرجل والمرأة في الخلقة.
لكن هذه المساواة لا تلغي أن لكل من آدم وحواء دوره ووظيفته ، فلم يختر المسيح من بين رسله امرأة واحدة ، ولم يَقُمْ لا الرسل ولا خلفاؤهم برسامة المرأة كاهنة. كذلك لم تكن يومًا الكرازة والتعليم ضدًا لجنس المرأة ... لهذا يقول بطرس الرسول : أن النساء وارثات مع الرجال لنعمة الحياة (١ بط ٣ : ٧). كذلك لم يكن في العهد القديم للمرأة عمل كهنوتي في خيمة الاجتماع.
هذا هو الأساس الكتابي واللاهوتي الذﻱ لا يمكن أن تطوِّعه دساتير الناس للانجرار إلى ما هو غربي ؛ ولإشتهاء كل ما هو غريب ؛ حتى لو كان أهواء هوان وذهنًا مرفوضًا على خلاف الطبيعة ، وضمن الأرواح المضلة والأقوال والضمائر الكاذبة ... ليس للمرأة أن تعلم أو تتسلط على الرجل (١ تيمو ٢ : ١٢) ، هذا التعليم ثابت منذ بداية الخليقة ولا يرتبط بطور اجتماعي ، فإذا لم يكن مسموحًا للمرأة بأدوار تعليمية عامة في الكنيسة ، فكم يكون بخدمة الكهنوت السرائرية ؟؟!! حيث يمثل الكاهن عمل المسيح الذبائحي (يسوع الناصرﻱ رجل قد تبرهن) (أع ٢ : ٢٢) وهو الذي قيل عنه أنه يُولد لنا ولدًا وسنُعطىَ ابنًا وعلى كتفيه كانت الرئاسة ؛ أبًا أبديًا رئيس السلام ... وهو الذﻱ أرسل تلاميذه الإثني عشر والسبعين رسولًا ، كلهم من الرجال ، وحتى أمه المختارة القديسة مريم ، لا علاقة لها بعمل الكهنوت الممتد منذ إبراهيم وإسحق ويعقوب (الكهنوت الهاروني) أو كهنوت (ملكي صادق).
فهل من أجل مبالغات ومماحكات أبناء هذا الدهر ، نزعم أن المرأة في هذا الزمن لها وضعية أعلى من مريم العذراء ومن مريم أخت موسى وهارون ، ومن دبورة القاضية وخلدة وحنة النبيات ، ومن أستير الملكة أو من مريم المجدلية أو مريم أم مرقس أو ليديا بائعة الأرجوان أو برسكيلا زوجة أكيلا أو من بنات فيلبس المبشر؟؟!
كذلك الكهنوت ليس وظيفة ؛ لكنه دعوة وخدمة ، لا يصلح لها ولا حتى كل الرجال ، بل المدعوون المعينون من الله . والمسيح الكاهن الأعظم سلم العشاء الإفخارستي الأخير لإثني عشر تلميذًا ؛ وأعطاهم عطية الروح القدس في العلية. ومن هنا لا يأتي رفض كهنوت المرأة لأسباب اجتماعية أو تاريخية أو فسيولوچية (بيولوچية) أو إرث ثقافي ؛ لكنه تأسيس كتابي ولاهوتي ... لم توجد له قرينة لا في أسباط هارون ولاوﻱ ؛ ولا رؤساء الآباء أو رسل العهد الجديد ؛ ولا في كنيسة الآباء الرسوليين ، وهو ما يعكس الفكر الإلهي.
وصولاً إلى عصرنا هذا في القرن الواحد والعشرين ؛ لأن المسيح ربنا لم يكن سجينًا لعقلية جيله ، لكن بشارته إلى مجيئه الثاني ... ومنذ الأزمنة الأولى لا نجد امرأة خدمت خدمة كهنوتية ؛ بالرغم من الكم الهائل من النبيات والنساء الكثيرات اللائي تبعن الرب ، واللاتي لم يجعل أﻱ واحدة منهن لا رسوله ولا كاهنة.
إن طرح مسألة كهنوت المرأة الآن ؛ يأتي بدوافع الحشرية والفضول والمزايدة ، وبدوافع الطُرفة التي تتطلع إلى رغبات لا معقولة ، تُثار في أجواء العصرنة والعولمة ومجاراة الموضة ... بينما الأمر لا يتعلق لا بتكوين مؤسسي أو بنيوﻱ أو حقوقي أو سيسيولوچي للكنيسة ، بقدر ما هو كتابي إيماني مستقر ، عبر كل مقاربات التاريخ المسيحي كتابيًا وآبائيًا ، وعبر مقررات المجامع المسكونية والديداكية والراعي (هرماس) التي لم تعرف يومًا امرأة كاهنة بالمعنى الليتورجي الأسرارﻱ للكلمة ، ولم توكل إلى أﻱ امرأة أﻱ مهمة سرائرية إفخارستية ، بالرغم من وجود شماسات عظيمات من أمثال الشماسة فيبي وأوليمبياس والأمهات باولا وكسيني وسينكليتكي وغيرهن.
أخيرًا مسألة كهنوت المرأة ، لا يمكن النظر إليها من منطلق نزعات ثورية تحررية أو تمردية للوصول إلى مساواة جوفاء ، وفقًا لأبواق الإعلام المضاد وللشذوذ الفكرﻱ المستشرﻱ ؛ وفراغ ال unisex للمرأة ، لأن الأمر ليس مطالب وقضايا حسب أهواء الموضة الأيدلوچية التي تصل إلى إلغاء الكتاب المقدس وتفكيكه ، والانتقاء منه ؛ بل وعصيانه بحجة أنه لم يأتِ بتفعيل الكهنوت الأنثوﻱ.