أثناسيوس فهمى جورج
الذﻱ صُلب ومات وقام حقًا لأجلنا ، وأخرجنا من ظلال الموت المعتمة ؛ ووهبنا شركة خوارسه السمائية ، وأنعم علينا بالمنازل العليا في حضرة الآب السماوﻱ نفسه ، عوض الرزوح في قاع الهاوية .... تقدم وانتشلنا وفدانا بإرادته وسلطانه وحده ... غلبته محبته وتحننه ؛ لذلك صنع التدبير من أجلنا ومن أجل خلاصنا.
إنه راعي النفوس كلها ، وراعي (نفسك أنت) ؛ يسأل عنك ليفتقدك على جبال البعاد والمعاصي ... عبر غيم وضباب التشتت ... يجمعك بذراعيه مع الحملان ويحملك ويضمك إلى حضنه ... يقودك ويعضدك بصبر ، من دور إلى دور مع المبتدئين (المرضعات) ... إنه لا ينساك وسط كل ظروف الحياة ، يظلل عليك في الحر والقيظ ولفحة التجارب ، ويطعمك في القحط والجوع ، ويرويك عند العطش والجفاف ... يرسل لك المطر المبكر والمتأخر ، يحرسك فما ينعس ولا ينام حافظك وراعي نفسك ... ويعينك ويوقظك حتى لا يبتلعك العدو ، يربضك في المراعي الجيدة والمروج الحسنة الدسمة ، وينزع عنك محاربات الوحوش الردية ، يعرف خرافه بأسمائها ويدعوها فتسمع صوته وهو يخرجها ويسير أمامها فتتبعه ، إنه يعرفها كخاصته ويضع نفسه عنها ، ويحملها على منكبيه ، وقد أعد كل شيء في ميعاده ، وحتى عندما يستخدم عكازه ، كي لا تتسرب منه في دروب الذئاب فيقتنصونك ويسلمونك إلى ذهن مرفوض وأهواء الهوان ... راعيك هو من يرتب لك مراعي حكمته الإلهية . قائدًا لك حتى لا تنحرف ولا تنجرف عن الطريق ... فعصاه هي للنعمة والجمال والاستقامة كي لا يعوزك شيء ، يجبرك في كسرك ، وفي جُرحك يضمدك ، وعيناه عليك في ابتعادك وانقطاعك ، لأن ذبيحته فريدة لا تتكرر ولا تقارن ، لكنها ممتدة وقائمة دون تغيير .
يفكك من الرباطات التي تقيدك ، ويرفعك على الأذرع الأبدية ، ويحملك كل الأيام أكثر مما تطلب أو تفتكر ، لأنه يعرف حتى ما لم تطلبه أو تتمناه ، مقدسًا لنا جميعًا مانحًا لنا مجده بذبيحته المحيية ، فقد أعطانا ذاته وحياته وحمل الجروح التي بها جرح لأجلنا وفتح أمامنا (حظيرة) الأبدية ، صانعًا من جسده المخضب بالدم الثمين ، طريقنا للملكوت وقد أرضع محبيه وأشبعهم من ثدﻱ التعزيات والبركات التي لا توسع من درة ضرع مجده ، حتى نتبعه حيثما يذهب ويقودنا إلى ينابيعه الحية لأنه الراعي والحمل في ذات الوقت ... (راعيَّ الأمين نفسي تتبعك ؛ ما أعجب صوتك لي ، درِّبْني ؛ أرشدني ؛ أنت الكلُّ لي).