علي سالم
لن أذكر اسم الشركة حتى لا يعد ذلك تشهيرا، غير أنني أؤكد أنها ليست شركة مصر للطيران. والحكاية أن هذه الشركة، قررت أن تفاجئ أسواق الطيران بأسلوب جديد في التعامل مع الركاب يضمن لهم المزيد من مشاركة الشركة في اتخاذ القرار، الركاب هم من سيختار الطيار، الركاب هم من سيختار المضيفات. بعد أن تجتاز بوابة الجوازات تصل إلى قاعة كبيرة يوجد بها الطيارون والمضيفات وكل منهم يقف أمام ملصق كبير بالألوان عليه صورة للطيار ومعلومات كافية عن سيرته الذاتية وخبراته، في هذه الرحلة اختار الركاب بما يشبه الإجماع طيارا يتميز بأنه أب حنون وزوج مخلص حسن السمعة نقي السيرة، من الطائرة إلى البيت ومن البيت إلى الطائرة. عند اختيار المضيفة حدث شبه انقسام بين الركاب، بين فايقة الرايقة وعزيزة اللذيذة، غير أنهم في نهاية الأمر وبفرق بسيط في الأصوات اختاروا فايقة.
أقلعت الطائرة في نعومة، ثم بدأت تحدث لها أشياء غريبة أفزعت كل الركاب، تصعد بزاوية حادة إلى طبقات الجو العليا ثم تنزل هاوية بسرعة وقبل أن تصل إلى الأرض ترتفع مرة أخرى ثم تنحرف يمينا ثم تعود لتنحرف يسارا ثم تعود لتستقر في مسارها، كان من الواضح أن هناك شيئا غير طبيعي يحدث، ارتفعت أصوات الركاب تسأل المضيفة في خوف وعصبية: هو فيه إيه.. ما لها الطيارة؟
أجابت فايقة الرايقة بهدوء: ولا حاجة.. أصل الطيار أول مرة يطير عليها.. ما ركبهاش قبل كده.
اختلطت صرخات الركاب: «نعم..؟ إيه اللي بتقوليه ده.. وازاي الشركة تختاره للرحلة دي على الطيارة دي؟».
أجابت فايقة ببرود: «مش الشركة اللي اختارته.. انتم اللي اخترتوه.. حد كان ضربكم على إديكم؟».
قال أحد الركاب: «خلاص يا ست فايقة.. يرجعنا مطار القاهرة من فضلك، مش عاوزين نسافر.. أدخلي قولي له الكلام ده.. يرجع بينا وإلا ها نعمل لكم مصيبة هنا».
تغيب فايقة داخل كابينة القيادة لعدة لحظات ثم تعود لتقول: «مش ها يعرف ينزل دلوقت.. هو درس الإقلاع.. بس ما حضرش دروس الهبوط... مش عاوزة عصبية.. هو دلوقت بيتصل ببرج المراقبة وبيطلب منهم يشرحوله ينزل إزاي.. مش عاوزة حد يفقد أعصابه، ومش عاوزة حركة داخل الطيارة وباحذركم.. أنا بالعب جودو.. ومعايا الحزام الأسود».
صرخ راكب: «ده كان يوم اسود يوم ما ركبنا معاكم.. أوعي.. أنا ها دخل اتصل ببرج المطار بنفسي يقولوا لي أنزلها إزاي».
صرخت فيه وهي توجه لفكه لكمة هائلة: إخرس.. أقعد مكانك.
انهار الرجل على الأرض في شبه إغماءة. أحد الركاب انهال على زوجته ضربا وهو يصرخ: انت اللي اخترتيه وأرغمتيني أختاره..
زوجة أخرى انهالت على زوجها بالصفعات صارخة: أنا كنت عاوزة الطيار الحليوة اللي كان واقف جنبه.
ماذا حدث بعد ذلك؟.. لا أعرف، ولكني على يقين أن الركاب إذا كتبت لهم النجاة هذه المرة، سيحرصون في رحلاتهم القادمة على اختيار طيار يجيد الطيران. إلا إذا كانوا مصرين يروحوا في داهية.
نقلأ عن الشرق الأوسط