أعرف الكثيرين توقفوا تماما عن الدخول على الفيس بوك وألغوا حساباتهم عليه، وأنا أدرك تماما أسبابهم وأعذرهم وأحلم بأن أفعل مثلهم حتى لا أصاب بغمة بعد الدخول عليه فى كل مرة.. لكننى للأسف لا أملك هذه الرفاهية، فمن يكتب عليه أن يلمس الواقع حتى لو كرهه.. حالة الغمة التى تصيبنى فى كل مرة دخول مصدرها هذا الكم الهائل من الإحساس بامتلاك اليقين الذى يدفع كل صاحب رأى أو موقف لإدانة كل الآخرين المختلفين دون أدنى تفكير فى أسباب الاختلاف ومبعثه، والذى يدفع لتبنى موقف أو رأى مخالف ودون ذرة شك فى الموقف الذاتى لا تدفع إلى مراجعته، بل تدفع على الأقل لعدم الغلو فيه..
الخلاصة لدىّ فى النهاية ليست التمسك بموقف خاص بقدر كراهية كل المواقف الأخرى التى تصل إلى حد الشتائم والإدانات.. حالة من التمركز فى الموقف الخاص كأنه دشمة وإطلاق النيران على كل الآخرين.. ولا أفضل أحدا على الآخر ولا أكره أحدا أكثر من الآخر، بل الواقع أننى بت أكره الحالة كاملة..
فالذين يكرهون زفة السيسى التى تعانى من الأفورة، أو بالمعنى الصحيح المبالغة، لا يتمتعون هم أصلا بالموضوعية التى يعيبون على مريديه غيابها ولا يريدون أن يفهموا أن أداء الإخوان لمدة عام كامل وإرهابهم بعد يونيو هو التدشين الحقيقى لزعامة السيسى فى الشارع المصرى، الذى بات يصحو وينام على التفجيرات وأعداد الضحايا أكثر كثيرا مما تفعل الملصقات الضخمة التى تصدرت حتى دار القضاء العالى..
الإخوان هم من قادوا حقا حملة ترشيح السيسى وقضوا على أى مرشح آخر حتى قبل أن تبدأ الحملة.. هؤلاء الذين يكرهون- ولهم كل الحق- كل الاتهامات بالعمالة والانتماء للطابور الخامس لمجرد ترديدهم خطابا مختلفا هم أنفسهم الذين يتهمون فئات كاملة فى المجتمع بأنهم عبيد البيادة، فعلى سبيل المثال كتب أحدهم يقول: «عبادة البيادة طلعت بحق وحقيق مش شتيمة ويعانى منها كل الناس، الإخوان والمسيحيون والفلول، فلا تعايروا بعض.. الهم طايلكم مع بعض» هكذا «وش»- كما يقول الشباب- وضع من كتب هذا البوست الإخوان والفلول مع المسيحيين، ولاحظ التعميم هنا والأسوأ وضع فئات لا يجمعها ولا يربط بينها شىء فى سلة واحدة مع ما فى هذا من تعسف وعدم فهم للأسباب.