الأقباط متحدون - يدفعونها للأمام لتكون كبش الفداء
أخر تحديث ١١:١٢ | الأحد ٩ فبراير ٢٠١٤ | ٢أمشير ١٧٣٠ ش | العدد ٣٠٩٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

يدفعونها للأمام لتكون كبش الفداء

د. نوال السعداوى
د. نوال السعداوى

 يدفعونها دائمًا إلى المقدمة فى أوقات الأزمات والحرب، لتقدم حياتها وروحها فداء الأسرة والوطن، ثم يدفعونها إلى المؤخرة، حين يزول الخطر، لتعود مكسورة القلب إلى الجدران الأربعة، تعانى القهر والظلم والهوان كما كانت، تحت حكم النظام المستبد، الذى قامت عليه أقدم الدول منذ آلاف السنين، بعد مقتل الأم المقدسة، وتحويلها إلى الأنثى المدنسة، وتم صعود الأب إلى الحكم ليصبح المقدس صاحب الأمر والشرف. لكن الشعوب ومنها الشعب المصرى، لم تكف عن التمرد والثورة ضد النظم الأبوية العبودية، المدعمة دائما بقوى خارجية استعمارية، بداية من الفرس والروم والأتراك والإنجليز إلى الأمريكان فى القرن الواحد والعشرين.

 
لعبت المرأة المصرية دورا بارزا فى كل الثورات والانتفاضات الشعبية القديمة والجديدة حتى اليوم من شهر فبراير ٢٠١٤.
 
عام ٢٤٢٠ قبل ميلاد المسيح، ثارت النساء المصريات مع الفقراء والشباب والأطفال نادوا بسقوط النظام، وأشعلوا النار فى القصر الملكى
 
منددين بالظلم والاستبداد، مطالبين بتكافؤ الفرص بين الأغنياء والفقراء وبين الرجال والنساء، عرفت هذه الثورة باسم ثورة «منف» وتم إجهاضها بقوى الثورة المضادة لكن الشعب المصرى قام بثورة ثانية، قادتها النساء أيضا والشباب والفقراء عام ١٢٦٠ قبل الميلاد، وصعدت الأسرة العاشرة إلى الحكم، وأعطى نظام «الرودو» للمرأة المصرية بعض حقوقها المسلوبة، كما تم القضاء على نظام «التسرى» الذى أعطى الرجال حق استعباد النساء، لكن هذه الثورة أجهضت أيضا بالثورة المضادة وعاد نظام الإقطاع عام ١٠٩٤ قبل الميلاد، ينتزع من النساء حقوقهن، وأصبح للرجال فقط حق الدين والنسب والطلاق، ثم ثار الشعب مرة ثالثة عام ٦٦٣ قبل الميلاد بقيادة النساء والفقراء واستردوا بعض حقوقهم المسلوبة.
 
استمرت الثورات فى التاريخ المصرى تتكرر لإسقاط الأنظمة الظالمة الفاسدة، حتى ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، التى أسقطت رأس النظام (حسنى مبارك) لكن جسد النظام وجذوره ظلت باقية، ثم قامت ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ التى أسقطت حكم الإخوان المسلمين وظل النظام راسخا.
 
كانت النساء المصريات- مع الفقراء والشباب- فى مقدمة هذه الثورات، أريقت دماؤهن وكرامتهن وقتل أولادهن، وفئقت عيونهن وسجن الآلاف، لكن أسس القانون الطبقى الأبوى بقيت كما كانت.
 
ستظل المرأة المصرية وقودا للثورات، وكبش الفداء فى الأزمات، يدفعونها إلى المقدمة لتضحى بنفسها من أجلهم، فإذا ما هدأت الأمور وبدأوا تقسيم كعكة الحكم دفعوها إلى الخلف بعضلاتهم وسلطتهم ودينهم وأحزابهم، لم يحدث فى التاريخ أن قام جنس بتحرير الجنس الآخر أو قامت الطبقة العليا بتحرير الطبقة الدنيا.
 
لهذا على النساء المصريات تنظيم أنفسهن ليصبحن «قوة» سياسية واعية بحقوقها، قادرة على انتزاعها من أنياب الحكومات، فالحرية تؤخذ ولا تعطى.

نقلا عن المصري اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع