الأقباط متحدون - الدولة / الوطن
أخر تحديث ١٦:٠٧ | الخميس ٦ فبراير ٢٠١٤ | طوبة ١٧٣٠ ش ٢٩ | العدد ٣٠٩٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الدولة / الوطن

علي سالم
علي سالم

 التعبير المعروف هو الدولة الوطنية، وهي الترجمة المباشرة عن الإنجليزية (The national state)، غير أني أرى أن الأدق هو الدولة الوطن، فالأسماء هي الأصل، أما الأوصاف فهي مجرد فروع. لا توجد دولة وطنية وأخرى غير وطنية، هناك فقط الدولة الوطن. والوطن هو البيت وهو أيضا الأم التي أنجبتك (Home land – mother land)، لا بد أن تنعم بالأمن والسكينة في وطنك بوصفه بيتا، وبنفس الحماية التي كنت تشعر بها يوما ما على صدر أمك.

 
وكل الأوطان دول، غير أن كل الدول ليست أوطانا، بالقرب منك توجد دول لا يشعر فيها المواطن بالأمن أو بأقل قدر من الحماية، بل يكون مهددا هو وأطفاله في كل لحظة بالموت الذي تحمله له قنابل دولته وطائراتها، وتكون النتيجة أن يهيم على وجهه في صحارى وقرى ومعسكرات دول وأوطان الآخرين. من هنا تستمد الدولة الوطن أهميتها بل وقدسيتها في العصر الحديث. عشرات ألوف السنين مرت على البشر قبل أن يصلوا إلى هذا الشكل البديع للدولة الوطن. استحضر في عقلك الآن كل ما عرفته وقرأته للمفكرين والفلاسفة والمشرعين، ستجد في نهاية الأمر أنهم كانوا جميعا يبحثون عن شكل الحكم الذي يتوفر فيه العدل والأمن، هم جميعا يعملون من أجل تقوية الدولة الوطن. غير أن هناك أشخاصا يرفضون فكرة الدولة الوطن، ويعملون بوعي على هدمها وحرمان المواطنين من أمن البيت وصدر الأم. هؤلاء هم المتطرفون.
 
أعتقد أنك أدركت الآن أنني أتكلم عن المرسوم الأخير الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بخصوص التطرف والمتطرفين والمحرضين على التطرف الذي ينتج حتما الإرهاب في نهاية الأمر. كان لا بد من هذا المرسوم في هذا الوقت لحماية الدولة الوطن وحماية مواطنيها. هذه إحدى المرات القليلة التي يتعامل فيها رجل الدولة مع المتطرفين بفهم شامل وعميق لألاعيبهم النفسية. المشرع في هذا المرسوم على وعي بأن صاحب الفكر المتطرف يتحرك ذهابا وإيابا بين دائرتين؛ الأولى هي البلاهة، والثانية هي الشيطنة، وهو ما فطن إليه الفكر الشعبي في مصر منذ القدم عندما قال: «بيسوقوا الهبل على الشيطنة». المتطرف يقف في دائرة البلاهة ليقول أشياء بلهاء، ثم ينتقل في نعومة إلى دائرة الشيطنة، وفي اللحظة التي يجد أنك ستحاسبه على أفكاره الشريرة، ينسل عائدا إلى دائرة البلاهة. هذا المرسوم سيجعل من الصعب على أصحاب الأفكار المتطرفة الإفلات من العقاب في حال عدوانهم تصريحا أو تلميحا على الدولة الوطن.
 
للدولة الوطن قوانين وقواعد ولوائح، ولها عَلَم ولها سلام ملكي أو جمهوري على الجميع أن يقفوا احتراما لهما ومن لا يفعل هو شخص خارج عن الوطن وعن الشعب، وعلى الدولة أن تحمي مواطنيها من أفكاره الشريرة.
 
عندما انتهت لجنة وضع الدستور المصري من عملها، تم عزف السلام الجمهوري المصري فوقف كل أعضاء اللجنة ما عدا شخصا واحدا ظل جالسا في مكانه. ولم يعاقبه أحد لأنه لا يوجد قانون يعاقب على هذه الفعلة، الواقع أن المشرع لم يتصور أنه سيأتي يوم لا يقف فيه أحد المواطنين احتراما لعَلَم بلاده.

نقلا عن الشرق الاوسط

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع