أقر وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، إن الرئيس بشار الأسد قد اكتسب بعض القوة مؤخرا، بعد الاتفاق حول تدمير ترسانته الكيماوية، ولكنه أكد أن نظامه عاجز عن الفوز عسكريا، واعتبر أن صموده يعود لدور حزب الله وإيران، وأضاف أن بلاده قادرة على إعادة فرض العقوبات على إيران خلال خمس ساعات بحال امتناعها عن تنفيذ الاتفاق النووي.
وقال كيري، في مقابلة حصرية مع CNN ردا على سؤال حول ما قاله مدير جهاز الأمن القومي الأمريكي، جيمس كلابر، لجهة أن الاتفاق على تدمير السلاح الكيماوي السوري أدى إلى تقوية الرئيس بشار الأسد، وسط تقارير دولية عن تعذيب نظامه للأطفال ومماطلته بتسليم الأسلحة قال كيري: "الاتفاق حول السلاح الكيماوي نقطة مهمة بمسار الأزمة، وتمثل تقدما واضحا. لقد حصل بعض التباطؤ بالفعل خلال الشهر الأخير ولكننا أثرنا القضية وأظن أن الملف سيسّرع الآن."
وتابع كيري بالقول: "ولكن الأمر الأهم الذي يقوله كلابر ويدركه الجميع هو أن أمورا كثيرة حصلت منه أن لوحنا بتوجيه ضربة عسكرية ضد سوريا.. فقد كان الأسد يستخدم تلك الأسلحة (الكيماوي) ضد شعبه، ولكنه الآن عاجز عن ذلك، وبالتالي فقد قضينا على أداة كان يستخدمها دون رحمة ضد الشعب."
وأضاف الوزير الأمريكي: "الأمر الآخر هو تزايد مد الإرهاب القادم إلى سوريا، وهناك مواجهات بين فصائل المعارضة تقلص من جهودها بمواجهة الأسد، إلى جانب تزايد دور حزب الله والحرس الثوري الإيراني، ومساهمتهما هذه مثلت نقطة تحول بالنسبة للأسد. الوضع حاليا يتلخص ببساطة بأن الأسد ليس بطريقه لتسجيل انتصار، ولكنه أيضا ليس على طريق الهزيمة، وبالتالي هناك حالة مراوحة."
وأقر كيري بأن كلابر محق لجهة تزايد قوة الأسد منذ توقيع الاتفاق حول السلاح الكيماوي، ولكنه أعاد السبب إلى دور حزب الله والحرس الثوري الإيراني والقتال الداخلي بين فصائل المعارضة مضيفا: "لقد حسّن الأسد موقعه قليلا، ولكنه ليس بطريقه لتسجيل انتصار ، فما من حل عسكري للصراع والجميع متفق على ذلك."
وحول "جنيف 2" اعتبر كيري أن الجهود الدبلوماسية تمكنت للمرة الأولى من جمع المعارضة والنظام في سوريا على طاولة المفاوضات، معتبرا أن وفد المعارضة السورية ظهر أكثر فاعلية من النظام، كما تصرف أفراده كرجال دولة، مبديا اعتقاده أن سلوك النظام السوري في المفاوضات أحرج حتى روسيا ، أقرب الحلفاء إليه.
وأكد كيري على ضرورة تسريع العمل الدبلوماسي في جنيف، ولكنه ذكّر بأن مفاوضات واشنطن مع فيتنام استغرقت سنة كاملة، في حين استمر العمل على الاتفاقية بين البلدين عدة سنوات أخرى واستطرد بالقول: "لا أريد أن انتظر لسنوات في سوريا، وليس لدينا القدرة على الانتظار لكل ذلك الوقت، ولكن الدبلوماسية آلية تعمل ببطء."
وحول إمكانية تغيير واشنطن لسياستها وتوفير دعم عسكري للمعارضة من أجل الضغط على الأسد قال كيري: "لن أدخل في تفاصيل ولكن الرئيس يتبنى موقفا حازما، هناك الكثير من الأمور التي تقوم بها الولايات المتحدة وهي توفر مواد غير قتالية للمعارضة بكميات كبيرة، ونحن أكبر المتبرعين بالمساعدات الإنسانية للشعب السوري، كما أننا نتصدر الجهود لجمع حلفائنا من أجل تنسيق العمليات الجارية."
وتابع كبير بالقول: "الرئيس يتابع تقييم هذا الأمر بشكل دائم، وهو ينظر أيضا إلى القلق المتزايد حول عدد المقاتلين والإرهابيين الأجانب في سوريا، والذين يهدد بعضهم الولايات المتحدة. هذه عملية مستمرة ونحن نناقش مع فريق الأمن القومي الخطوات الإضافية التي يمكننا القيام بها، ولكنني أؤكد أن أمريكا تقوم بالكثير وهي تعمل مع حلفائها في السعودية والإمارات وتركيا وقطر والأردن على التفكير بخطوات مؤثرة."
ولدى سؤاله عن حقيقة ما أدلى به لأعضاء في الكونغرس عن ضرورة القيام بالمزيد لدعم المعارضة السورية رد كيري بالقول: "لدى الرئيس الرأي نفسه. ليس سرا أننا ننظر في طرق يكون لها تأثير حاسم على خيارات الأسد المستقبلية وعلى السبل التي تسلكها دول أخرى مساهمة في القضية، وخاصة روسيا وإيران."
المفاوضات مع إيران
وعن الاتفاق حول برنامج إيران النووي رفض كيري ما تردده طهران عن نجاحها بتحقيق انتصار كبير قائلا إن واشنطن لم تتعرض للخداع، وأن ما يقوله الإيرانيون لشعبهم "طبيعي" ورد على سؤال حول ما إذا كان يثق بالرئيس الإيراني حسن روحاني بالقول: "الأمر لا يتلق بالثقة، بل بالتأكّد."
ودافع كيري عن الاتفاق مع إيران قائلا إنه أوقف برنامجها النووي ودفعها إلى تدمير بعض مخزونها من اليورانيوم المخصّب وأضاف: "يمكنني أن أنظر إلى عيني رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وأقول له إن إسرائيل والمنطقة باتا بأمان اليوم."
واعتبر كيري أن الولايات المتحدة "لا تخسر شيئا" من خلال المفاوضات مع إيران، ويمكنها إعادة فرض العقوبات عليها خلال خمس ساعات بحال امتناعها عن تنفيذ الاتفاق، كما أن لديها "خيارات أخرى" مؤكدا أن جميع البدائل "مازالت على الطاولة."
مقاطعة إسرائيل
وعن ما قاله حول إمكانية تزايد المقاطعة الدولية لإسرائيل بحال عدم التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين والانتقادات التي طالته بعد ذلك قال كيري: "يجب توضيح إطار تعليقاتي، أنا لم أقل سوى ما يقوله الناس حول المشكلة القائمة. أنا شخصيا لطالما عارضت المقاطعة وقد قابلت 28 وزير خارجية في أوروبا من أجل إقناعهم بعدم اتخاذ خطوات ضد إسرائيل."
وأضاف: "لدي سجل من التصويت لصالح إسرائيل بواقع مائة في المائة خلال 29 سنة من العمل في الكونغرس."